* الرياض - سعود الشيباني:
حينما يكون الحديث عن يوم الوطن الخالد وعرسه الحا فل بالعطاء والخير، ومدلولات ومعاني النماء واضحة مشرقة كتباشير الفجر الوضاح، يتذكر المواطن ما عليه أمام هذا الخير الغامر، وليس أمامه إلا الوفاء لوطن العز والمجد، والتصدي لمن يبيت شرا أو يضمر حقدا، والصحفيون هم أبناء الوطن الساهرون في صحفهم ومطبوعاتهم ووسائل إعلامهم شاهرين سلاح الكلمة والقلم بصدق وولاء مفعم بالمحبة للوطن وقيادته واخوانهم المواطنين، هنا نرصد مشاعر بعض من تمكنا من مخاطبتهم تجاه الوطن.
إيثار الوطن
فقد تحدث الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي الأستاذ بكلية الملك فهد الأمنية قائلاً: لا شك ان اليوم الوطني لوطننا لهو يوم عظيم ومشهود لأن الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - قد قام ببناء هذا الكيان بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبدعم من اخوانه المقاتلين والمجاهدين معه وبناء هذا الكيان ووحده على مدى أكثر من ثلاثين عاما، وتساءل عما يجب ان يقدمه المواطن لوطنه، مشيرا إلى ان كل ما يقدم يعد واجبا وطنيا ودينيا.
وان على المواطن مثلما يجد من وطنه الخير والعطاء ان يبادله بالوفاء والعرفان، والذود عن حياضه من عدوان المعتدين وكيد الكائدين مهما كانوا ومن أين جاءوا، من الخارج أو الداخل؟ وبأي سلاح يستهدف بلادنا الغالية سواء الإعلامية أو الاقتصادية ونحوها، مؤكدا على أهمية التصدي لكل من وما يسيء للبلاد والمواطنين.
وشدد على وجوب التصدي للفئة الباغية المثيرة للفتنة وممارسة الأعمال الإرهابية، وكل من ساعدهم ودفعهم إلى هذه الأعمال المشينة من فئات خارجية ومنظمات صهيونية تريد النيل من الوطن.
وتحدث الدكتور حمزة بيت المال عضو مجلس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال فقال: إن الوطن قدم لنا أشياء كثيرة جدا من بينها أمن وأمان وفرص عمل وفرص وظيفية ومعيشية مريحة وقدم لنا الكثير ولكن يجب ان نسأل انفسنا ماذا قدمنا للوطن فيبدو في بعض الأمور ان البعض مقصر في حق الوطن تقصيرا غير مبرر وأقل ما في الأمر ان يلتزم الإنسان بالتنظيمات والتعليمات ونبتعد عن الممارسات السيئة ونبتعد عن الواسطة وتجاوز الأنظمة وتقصيرنا في بعض الجوانب ينعكس على صورة المجتمع بشكل عام الذي في النهاية هي صورة للوطن.
حب الوطن عبادة
وأوضح الدكتور محسن الشيخ آل حسان ان غريزة حب الوطن هي من غرائز الحب المميزة التي جعلت العديد من الشعراء والفلاسفة والأدباء والمثقفين ان يتغنوا به.. وهي لا تقل قوة عن غريزة حب الوالدين بل حب الوطن يعتبر جزءا لا يتجزأ من عبادة الإنسان.. كما ان حب الوالدين وحب العمل وحب الإخلاص والمصداقية من العبادات التي دعي الإنسان للالتزام بها وتطبيقها.. والعودة إلى حب الوطن لابد ان نوضح ان حب الوطن لا يعني عبارة ننطقها أو نكتبها أو نذيعها من خلال التلفزيون أو الاذاعة بل حب الوطن هو الولاء له والانتماء إلى أرضه.. والولاء والانتماء نفسهما لابد ان نضع قواعد وأساسات لهما.. فلا يكفي ان يقول المواطن السعودي (أنا عندي ولاء وانتماء إلى المملكة العربية السعودية) وهو لا يسعى بالدفاع وحماية ممتلكاته من عبث العابثين..
والولاء والانتماء يبدأ من حب الطالب إلى مدرسته والعامل إلى مصنعه والموظف إلى وظيفته والطبيب إلى مستشفاه والمهندس إلى مكتبه والمواطن إلى ولاة أمره.. والجندي إلى رتبته.. والولاء والانتماء نثبتهما من خلال توعية مجتمعنا من الأخطار التي تحيط به وتحاصره وتضره من الداخل والخارج.. لابد ان نرشد أبناء وطننا إلى الطريق القويم ونحافظ على ممتلكات هذا البلد ونحميه من الضالين.. الغاوين ونضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الاساءة إلى ديننا الحنيف الذي هو الدين الذي حمل رسالة الأمن والأمان.. والسلم والسلام إلى جميع أنحاء العالم.
إذاً.. واجباتنا تجاه هذا الوطن وهو يحتفل بيومه الوطني كثيرة ومتعددة ولكن أقواها وأهمها هي (الولاء والانتماء) ولو أثبت كل مواطن ولاءه وانتماءه لوطنه لما استطاع جرذان المستنقعات أن يتسللوا في ظلام الليل الدامس ويقوموا بأعمالهم الإرهابية القذرة التي تضر وتقتل الأبرياء من النساء أو الشيوخ والأطفال.. لابد أن نجعل من ولائنا وانتمائنا للوطن حصنا منيعا ودرعا واقيا وسلاحا قاتلا ضد كل من يعبث بهذا الوطن وأهله وخيراته وإنجازاته.
لأن الوطن هو مكان وعنوان المواطن.. وهو ماضيه وحاضره.. ومستقبله.. هو نبع الخير والاستقرار والتواصل.. هو الجسر القوي.. والحصن المنيع.. الذي يربط ويدمج ويفاخر الإنسان السعودي بأخيه الإنسان.
لذا نقول للعابثين.. المارقين.. قطاع الطرق.. وجرذان المستنقعات.. ارفعوا أيديكم عن بلادنا الغالية.. وارحلوا لأي واجهة تليق بمقامكم.. فالمملكة العربية السعودية ستظل مرآة السلام ومظلة الأمان.. وطن ابطال الحب والوئام.. عشت يا وطن وعاش أبناؤك.. وعاش ولاة أمرك.
عطاءات الوطن أكبر من ذواتنا
أما مدير تحرير صحيفة الوطن بالرياض الأستاذ سليمان العقيلي فقال:
لا تقاس علاقة الإنسان مع وطنه هكذا بصيغة تتوقف على ما يقدمه له الوطن وما يرده إليه. ومهما قدم المرء لوطنه من أعمال أو جهود أو حتى تضحيات كبيرة فإنه لا يمكن له ان يعتبرها إلا جزءا بسيطا من الدين الكبير. وبالنسبة لي - شخصيا - فمهما قدمت لبلادي فهو أمر لا يستحق الذكر. ان الوطن أعلى من الذات، وليس هناك مجال لوضع عطاءات وطن أمام ذات ضعيفة.
ان الوطن الذي يوفر لأبنائه الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وفوق ذلك الشعور بالانتماء إلى الأرض والدولة والاحساس الدائم بالحماية والرعاية يستحق ما هو أكبر من عطاءات مهما كانت فهي لا يمكن ان توصف بأنها متواضعة.
ان فلسفة علاقة الإنسان بوطنه وأرضه وبيئته تقوم على الاندماج الكامل للذات بالأسرة الكبيرة، مهما كانت النظرية الغربية التي تقوم على اعلاء حق الفرد، فهذا الفرد في إنتاجه وإبداعه وعطائه هو في النهاية النتيجة النهائية لعملية اجتماعية ووطنية وفرت لهذا الفرد المناخ الملائم والإمكانات اللازمة والأدوات الفعالة لكي يكون فردا منتجا ومبدعا.
صحيح ان الحرية والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص عناصر رئيسية في توازن علاقة الفرد مع الجماعة الوطنية، لكن الصحيح ايضا ان الفرد نفسه - وهو جزء من الدولة - مسؤول عن سيادة هذه القيم والدفاع عنها. وبالتالي ردم أي هوة قد تنفذ منها أي نزعة من اهتزاز الانتماء أو شطط الخروج عن الجماعة. وهو أمر حيوي جدا لكي يناقش الآن في ظل بروز اصوات (مريضة) لا تؤمن بالحدود السياسية وعلاقتها مهزوزة بالدولة الوطنية.
وأجاب الأستاذ خالد حمد السليمان عن التساؤلات حيث قال:
ماذا قدمت للوطن وماذا أريد من الوطن أن يقدم لي؟! حيرني هذا السؤال فأحرفه قليلة ولكن اجابته عريضة ومحيرة، فأنا لم أتوقف يوما لأسأل نفسي ماذا قدمت لوطني، ربما لأنني لطالما اعتبرت تفاصيل حياتي كلها مسخرة لهذا الوطن ولكنني في هذه اللحظة وأمام سؤالك أكاد أفشل في أن أجد إجابة محددة ربما لأنني اكتشفت ان الوطن أكبر مما أقدمه وربما لم أقدم شيئا يستحقه، ولكنني متأكد من انني قدمت له شيئا واحدا على الأقل وهو هذا القلب الذي يسكنه وينبض له.
أما ماذا أريد منه أن يقدم لي؟! كل شيء.. نعم كل شيء.. فأمام الوطن يحلو الدلال كما يحلو للطفل الصغير عند والديه وبالنسبة لي لا فارق بينهما فالوطن يمنحني الهوية التي افتخر بها والاطمئنان الذي احتاج إليه والاستقرار الذي اقف عليه والامان الذي اتدثر به.
عذراً وطني الغالي
وعبّر الدكتور فايز بن عبدالله الشهري، عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية - أمين عام جائزة التميز الإعلامي بقوله: بكل أسف لم أقدم لوطني شيئا يستحق الذكر، بل ان هذا السؤال (الضخم) يثير في الضمير إحساساً بالتقصير، والذنب، تجاه الوطن دينا، وجغرافيا، وتاريخا، وانسانا. ومن منّا يستطيع القول بأنه قدم للوطن هذه التضحية، أو تلك الانجازات مهما كانت ومهما كان؟
وطني من بين الأوطان هو الصورة الأكمل لنهر العطاء الدفّاق بخير الدارين، هو الورد الهنيء المريء لكل من نهل من معينه الذي لا ينضب.
الوطن هو من قدّم لنا ويقدّم كل جميل، وكل رائع ولا ينتظر منا سوى حسن توظيف كريم عطاياه، ماذا قدمت لوطني؟ سؤال يجعل المرء - بكل أمانة - في دوامة المحاسبة وتقريع الذات لضآلة ما قدم، امام قامة الوطن الشامخة بكل عز وإباء وعطاء، لن يجد المرء كائنا ما كان مركزه، وعظم مسؤولياته، أو حتى حجم تضحياته، شيء مهم بلغت قمته يساوي ما قدم له الوطن.
ماذا أريد من وطني؟
* أريد من وطني ان يقبل عذري - ولا عذر لي - حين قصّرت في رد بعض الجميل
* وأريد من وطني ان يمسح لي تقصيري في أداء واجبي كمواطن في صيانة مكتسباته.
* أريد من وطني ان يتجاوز عني حين لم أوظف كل منجزات التنمية التي تهيأت على ثراه الطاهر.
* أريد من وطني ألا يلتفت لما يردده المخدوعون والموهومون وباعة الضمائر في مزاد الخاسرين.
* أريد من وطني الا تثنيه - ولن تثنيه بإذن الله - أبواق المأجورين عن مسيرة الريادة إلى المستقبل المشرق.
* أريد من وطني ان يظل كبيرا كما هو أبدا في عالم الصغار، أريد من وطني قبلة الإسلام، أن يبقى شامخاً في زمن الانكسار كما هو دائماً، حفظك الله ورعاك يا وطني.
للوطن الصدارة
اما الأستاذ محمد العطيفي عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال فقال:
مهما قدم الإنسان للوطن فهو بلا شك مقصر والشعور بالتقصير ليس أمراً سيئا في هذا المقام بقدر ما هو محرض ومحفز لعطاء أكثر وجهد أكبر، بل انني ازعم ان هذا الشعور للمواطن هو الذي يدفعه للعطاء للوطن.. العطاء الذي يبدأ من محبته لوطنه والمحافظة على مكتسباته والحرص على أمنه وسلامته والذود عنه بالسنان واللسان واعطاء الصورة المشرفة له عندما يكون بعيدا عنه.
أما سؤالك الآخر فاسمح لي ان ادخل عليه بعض التعديل ولن اذهب بعيدا، بل سأستبدل حرف جر بحرف جر آخر مماثل ليصبح السؤال (ماذا تريد للوطن؟) لأنني اعتبر ان الوطن اعطاني الكثير، ويكفي انني عندما اتطلع إلى رايته الخفاقة اتذكر اعظم كلمة قيلت في التاريخ (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أما ما أريده للوطن فانني اطمع بالكثير.. أريد أن يكون وطني دائما في الصدارة.. أريد أن يكون كما كان دائما.. قويا عزيزا متماسكا متحدا.. أريد لك كل الخير يا وطني واهدي لك المحبة الصادقة في هذا اليوم المبارك.
|