* كتب - مبارك الدجين:
الجبيل وينبع.. مدينتان ساحرتان، وتعدان معقلاً من معاقل الصناعة على المستوى العالمي، وتعيشان على إيقاع الحياة العصرية الحديثة، وهما أكبر مجمع للتصنيع البتروكيماوي في العالم، ويضمان العديد من الصناعات والمناطق السكنية الراقية التي بنيت وفق أعلى المواصفات، وتأتي هاتان المدينتان كرؤية استراتيجية من القيادة لخلق جو صناعي واجتماعي فريد للمواطن السعودي ليحاكي به التقدم الصناعي عالمياً.
وبما أن اليوم الوطني أكبر مناسبة للتذكير بالإنجازات والتطور في مسيرة هذا البلد منذ توحيده على يد المغفور له الملك عبدالعزيز، وفي هذا الإطار سلطنا الضوء على ماهية الهيئة الملكية للجبيل وينبع وطبيعة مهامها، وإسهامها في الرقي الصناعي، وتناول آخر المشاريع الصناعية في المدينتين وجدواها الاقتصادية، كما التقينا صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
*****
التأسيس
مع أن الزيت الخام يعد ثروة صناعية مهمة، إلا أنه قابل للنفاد، ويتأثر بقضايا العرض والطلب، والمؤثرات السياسية والاقتصادية الدولية، لذلك أجرت المملكة دراسات مستفيضة تم على ضوئها وضع تصور لبناء قاعدة صناعية متكاملة تعتمد على استغلال الثروات والموارد الطبيعية المحلية عن طريق انشاء مدينتين صناعيتين هما الجبيل على شاطىء الخليج العربي شرق المملكة، وينبع على ساحل البحر الأحمر غربها.
ولوضع هذا التصور موضع التطبيق تم تأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع في عام 1395هـ الموافق 1975م، ومنحت إمكانات كاملة لإنشاء وتشغيل وتطوير التجهيزات الأساسية في كل من مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، مع تخصيص ميزانية مستقلة إدارياً.
الجهود التطويرية
حملت الهيئة الملكية للجبيل وينبع مهمة تنفيذ التجهيزات الأساسية الإنشائية والاجتماعية اللازمة لتطوير مدينتي الجبيل وينبع لتكونا مدينتين صناعيتين لذلك قامت الهيئة بتشجيع تطوير الصناعات الأساسية والتحويلية والخفيفة التي تستخدم الثروات الطبيعية في المملكة، وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة للاستخدام المحلي وللتصدير الخارجي، كما عملت الهيئة على التخطيط والتطوير لإنشاء وتشغيل وصيانة مختلف التجهيزات الأساسية والخدمات اللازمة للصناعات وللموظفين العاملين بها، حيث حثت الصناعات على توظيف وتطوير المهارات والكفاءات الوطنية السعودية للإسهام في هذه الأعمال.
ووفرت الهيئة التوازن بين عملية التنمية الصناعية والمحافظة على سلامة البيئة وتناسبها مع عملية التنمية، كذلك تشجيع مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في الاستثمار بالمدينتين.
وتقوم الهيئة بالاتصال والتنسيق مع جهات الاختصاص كشركة أرامكو السعودية، والمؤسسة العامة للموانىء وغيرها لتوفير المواد الخام والخدمات الأخرى التي تحتاجها الصناعات.
ومن أبرز المهام التي قامت بها الهيئة، تطوير وإنشاء عدد من المرافق والتجهيزات لتوفير الخدمات اللازمة للمنطقتين الصناعية والسكنية، وتشمل شبكة التبريد بمياه البحر، وشبكات مياه الشرب والصرف الصحي والصناعي، وشبكات الطرق والاتصالات السلكية واللاسلكية، ومرافق المنطقة السكنية والخدمات المرتبطة بها، وفي ينبع تتولى الهيئة عملية توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية.
75 مليار لتطوير المدينتين
أما المبالغ التي صرفت في عملية تطوير الجبيل وينبع فقد بلغت 75 مليار ريال، وقد أثمر ذلك عن قيام ما يربو على 200 صناعة بلغت جملة استثماراتها ما يقارب 160 مليار ريال، وفي المقابل وفرت الهيئة فرص عمل لأكثر من 85 ألف موظف وعامل، كما يتمتع القاطنون في الجبيل وينبع بكافة سبل الراحة والرفاهية، وعلى أرقى مستويات الحياة العصرية.
التحدي الكبير
وعند لقاء رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان وصف قيام هاتين المدينتين بالتحدي الكبير، وذلك لما واجهته الهيئة من صعوبات، كان التشكيك في إنشاء المدينتين، وأنها ضرب من المستحيل أبرزها.
وأكد سموه أن الإدارة القوية والإصرار والبذل السخي من قبل خادم الحرمين الشريفين ساهم بشكل كبير في تذليل الصعوبات.
وبمناسبة اليوم الوطني للمملكة قال سموه: إن الصناعة في المدينتين تمثل من 6 - 7% من تأثير الصناعة على الناتج المحلي، وأشار إلى أن المستثمر السعودي أثبت أنه أهل للثقة من خلال مشاركته في جعل الجبيل وينبع رمزاً للتفوق الصناعي، إضافة إلى أنه بات مطلباً للمساهمة في بعض الدول العالمية.
وقال في نهاية حديثه: إن تفوق القطاع الخاص السعودي دليل على نجاح الخطط الخمسية للدولة في التنمية الصناعية.
جبيل أخرى
واستجابة للطلب الاستثماري الضخم، ونتيجة للخطط التنموية السابقة، أتت فكرة إنشاء مدينة الجبيل الصناعية الثانية، وذلك بالتعاون مع بعض الشركات العالمية.
وقد رفعت الهيئة هذه الفكرة للمقام السامي، وتوجت خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد لمدينة الجبيل الصناعية، وترؤسه لمجلس إدارة الهيئة الملكية في الجبيل في شعبان 1423هـ.
وفي الخامس من جمادى الأولى عام 1425هـ وقع صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان عقداً لتنفيذ المشروع لقطاع أراض صناعية ضمن أعمال المرحلة الأولى من مشروع (الجبيل -2) في مدينة الجبيل الصناعية، وقد بلغت قيمة العقد المبرم مع مجموعة بن لادن المحدودة ثلاثين مليوناً وستمائة وثلاثة عشر ألفاً وثمانمائة وتسعة وسبعين ريالاً، ويشتمل العقد على أعمال الحفر والنقل والردم وتهيئة الموقع.
وسيتم تنفيذ المشروع إن شاء الله على أربع مراحل، ومن المنتظر أن يستقطب الكثير من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، حيث سيحتضن أكثر من 23 مجمعاً صناعياً، وسيوفر استثمارات إضافية تقدر بـ130 ألف فرصة عمل مباشرة للمواطنين.
|