فرائد أبي الزبائد

رأى الكاتب عبد اللطيف الزبيدي أن كتاباته الساخرة تضيع في أوراق المطبوعات فآثر أن يجمعها في كتاب سماه : (فرائد أبي الزبائد) وقال في المقدمة : الحمد لله مبدع الابتسامة ، ومطلع فجر الدعابة من ليل القتامة ، فلولا البسمة كانت تخنقنا الغمة .. ولإنارة الدرب وتفريج الكرب حبّرنا هذه السطور ، لتكون حلية للألباب وتحفة يتهاداها الأحباب.
وقد ذكر المؤلف عدداً من الحكايات في مؤلفه الساخر نورد منها هذه المقتطفات.
* دونكيشوت : كثيرون هم الذين يعرفون (دونكيشوت) الفارس ذا السيف الخشبي والحصان الورقي البطل الوهمي ..
أصل الكلمة : دونك الشوط ، وقد روى لنا السلف أن جباناً كان يوهم الناس بأنه بطل الأبطال ، وأنه متى وقعت الواقعة سيجرد حسامه فتكون ضربته فاصلة .. لكن كما يقول الشاعر :
فإذا ما هتف القوم به :
دونك الشوط يولي هارباً
قصائد الحمقى
أراد شاعر أحمق أن يتقي انعدام الإخلاص الذي تُتَّهم به بعض الفاتنات ، فأحب عجوزاً ، قدُّها أنحلُ من عود الكبريت :
أحببتها قبيحة
نحيلة مثل العصا
سليطة، إذا نطقت
أتاك رجم بالحصى
لا يرتضيها أحد
فشأنها أن تخلصا
لكن يقول حاسدي :
إن العصا لمن عصى
الكآبة
رأيت أدباء آخر الزمان لا يغريهم شيء كالكآبة والاكتئاب ، حتى خلتهما حليتين نفيسيتين على الفضلاء والحكماء ، فتساءلتُ : يا نفسي مالك تقعدين عن معالي الاكتئاب وعلياء الكآبة .. وعقدتُ العزم على الاقتداء بالزاهدين في بهجة الحياة والطموح والتقدم.
حرب باردة
عندما أسمع أو أقرأ ما يقوله الرجال عن النساء وما تردده السيدات ، أقطع الشك باليقين أن العلاقة بين الجنسين أخطر بكثير من الحرب الباردة أيام زمان.
تفجير اللغة
لا تتقيدوا بالموروث اجعلوا اللغة تلهث وراءكم ، حتى تتجدد في عروقها الدماء فلا يدركها الهرم .. ان الذين يدعون إلى تفجير اللغة إنما يقولون كلاماً جميلاً سوى انهم ليسوا أكفاء لهذه الرسالة :
غزل دبلوماسي
كيف يخيل إليك ان الدبلوماسيين ليسوا أهل شعر؟
هاهو أحدهم يقول :
مذكرة احتجاجك فاجأتني
بأنك لست تغفر لي ذنوبي
فأرجو ان تكون قد استلمت
مذكرة اعتذاري يا حبيبي
وآخر لا يقل شاعرية يقول :
صدفة كنا التقينا حين أهديتك زهرة
فرفعنا مستوى التمثيل من أول نظرة
مهنة المتاعب
الصحافيون قوم يهوون المشاق .. وقد روى بائعٌ بن موزع عن ساحب عن طابع عن مصوِّر عن منفِّذ بن مخرج عن مصحح بن صفيف ، قال : روى لنا أبو رقابة عن أبي ترجمة عن أبي إعداد التحريري عن ابن تحقيق بن حوار قال : لم يغادر شعراء الصحافيين من متردم فكل الأبواب طرقوها.
قال الشاعر الصحافي :
صحيفة حبك تسبي فؤادي
فقلبي من الشوق دوماً عليل
فعيناك عندي افتتاحية
وفي الخصلات مقال جميل
وقدك مثل عمود رشيق
تخطه كف أديب جليل
مؤامرة
تآمر أهل السلطة الرابعة على (في) وبايعوا علناً حرف الجر (ب) ، وها نحن اليوم نرى الباء قد انتصرت بدهاء على (في) ، الباء شكلت (لوبي) سد الطريق على أختها ، وأصبحت لا تترك لها جملة أو ما دونها إلا ونابت عنها!!
دعاء
ربنا .
نزِّهنا عن أن نسألك خيراً لنا وحدنا
فأنت أعظم واسخى من أن تستجيب لنا وحدنا
ربنا ..
كل العباد عبادك
نسألك التوازن بين عصر الفضاء وبدائية الجوع
وإنصاف من تكفيهم حفنة حنطة ممن يحرقون ملايين الأطنان حفاظاً على الأسعار