سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة المحترم - حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..أما بعد:
فقد اطلعت على مقال الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي في عدد الجزيرة رقم (11650) الموافق ليوم السبت (5 رجب 1425 - 21 اغسطس 2004م) وكان بعنوان (ضيق الأفق في سعة الأثير).
وبودي أن أرد عليه بالآتي:
أولاً: أود أن أوضح أنني أعترض على اسلوب الكاتب الذي عرفناه شاعراً رائعاً يهتم بقضايا الأمة الإسلامية وأحداثها ويتحفنا بين الحين والآخر بقصائده، إلا أنني تفاجأت والحق يقال بأسلوبه الساخر والعنيف، فما أدراه أن ذرات الفضاء الرحب الوسيع والذي خلقه الله لكل البشر تضيق بالحديث الإذاعي والذي أجرته المذيعة نوال بخش معي في برنامج ضيف الأسبوع، وكان حديثاً تربوياً عن مشاكل وهموم التعليم، وهو يناقض نفسه بقوله إن حظه كان أن يستمع لذلك الحديث على مدار ساعة كاملة ويعترض أيضاً على الوقت الممنوح للحديث..!!
أما وإنه استمع للبرنامج فهذا شيء يخصه وحده لأنه ربما كان مستمعاً جيداً للإذاعة، أما انه يندب حظه لأنه استمع لهذا البرنامج فهذا ليس من أدب الحوار ولا الحديث فكان الأجدر به أن يغيِّر المحطة لبرنامج آخر إذا لم يعجبه فالبرنامج ليس فرضاً على أحد، كما أن الاستماع إلى ضيوف البرنامج وضيفاته أيضاً ليس إجبارياً.
وسأرد بالترتيب كالآتي:
1 - ان القضايا التربوية المهمة التي طرحت في البرنامج لم تطرح بطريقة عشوائية كما ذكر بل كنت أتمنى ان يستمع بأمانة واهتمام لأن تلك القضايا مكتوبة بأبحاث وكانت تقرأها أمامي المذيعة وتسألني عنها.
2 - ايضاً الأبحاث التربوية التي تحدثنا عنها وكان الحوار يدور حول ظروف كتابة هذه الأبحاث لم يتم بطريقة المجالس المفتوحة بل كان بطريقة منظمة ومرتبة والأبحاث مدون بها المراجع المعتمد عليها في ذلك.
3 - الحوار كان باللغة العربية الفصحى ولله الحمد رغم أنني كنت معلمة علوم - قسم أحياء - إلا أنني من المتمكنات في اللغة وذلك منذ مراحل الدراسة وبلا فخر، لهذا تنتفي مقولته بأنه تم كطريقة المجالس المفتوحة.
4 - لم يكن الحديث عائماً عن الدعوة الى الله والندوات والمحاضرات الإسلامية والخطب والمواعظ والأشرطة والبرامج التي تهدف الى توعية الناس دينياً ولم يكن الحوار منفلتاً..؟؟!!
5- ثم عن السؤال الذي جاء من الاستاذة نوال بخش عن محاضرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل التي أقيمت في بدء فعاليات ملتقى ابها الثقافي وحضرتها وكانت بعنوان (المنهج الخفي) وعن مقالته الأخيرة ايضاً في جريدة الوطن بعنوان (من غيب البسمة في عسير) وكلاهما المحاضرة والمقالة كانت محور نقاش وإجابة عن سؤال المذيعة القديرة والتي كانت تطرح أسئلتها حول ازدياد أعداد المطويات والأشرطة الإسلامية بشكل كبير جداً لدرجة أنها توزع بشكل عشوائي وغير منظم, وأنا كإنسانة مسلمة وأقولها بكل فخر ومتعلمة ومثقفة ولله الحمد أرى ان توزيع بعض الأشرطة الدينية والمطويات بهذا الشكل وفي كل مكان أضر أكثر مما نفع وأنا أتحدث عن تجربة عشتها ورأيتها وأؤيد سمو الأمير خالد في مقالته تلك.
6- والذي يستمع الى حديث فليحسن الإصغاء أولاً ثم ينتقد ولا يكون اسلوب النقد بالتجريح واللمز فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك, ومن آداب الإسلام ألا أحقر أحداً فما بالك وأنت الذي كنت أستاذ اللغة العربية في الجامعة..؟!!
فسبل الدعوة كثيرة ومتعددة ولكن الطريقة التي تقال بها والاسلوب الذي تنتهجه هو الذي يجب أن يُعَدَّل؟! فلا نلقي الكلام على عواهنه؟! اما قوله ان كثيراً من العصاة قد اهتدوا بعد استماعهم الى الأشرطة الدينية فمع التسليم بذلك إلا أن الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء فلربما موقف إنساني يمر به العاصي يجعله يتوب ويعود الى الصلاح ولربما حادثة معينة تجعله يعيد التفكير فيما اقترف من ذنوب وهذا بالنسبة للرجال لأنهم كثيرو السفر والخروج.
أما المرأة فأنا أشعر وألمس أنها أكثر يقظة من الرجل وعودة الى وعيها لأنها محاطة بأسرتها في المنزل وبالرعاية والاهتمام من والدتها إلا من كتبت عليهم الأقدار بالتشرد أو اليتم فالله أرحم بهم.
7- إن التذكير بمحاسن وأخلاق الإسلام لا يتأتي بالقوة والتخويف وإنما بالقدوة الحسنة والكلمة الطيبة وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والنصح الجميل بقراءة مجموعة من الكتب الميسرة عن سيرة أمهات المؤمنين العطرة وتضحياتهن، ويجب، وأقولها ولا أملّ منها، يجب ان تختار بعناية معلمات الدين في كل مراحل التعليم وان يكنّ ذوات شخصية انسانية ويخفن الله في بناتنا وطالباتنا لأنه، والله الشاهد على ما أقول، كم من فتاة ممتازة وذكية أحبطت ومرضت وسحبت من المدرسة بسبب أسلوب معلمة، وبالتالي خسرت مستقبلها العلمي وشهادة كانت ستغنيها عن الحاجة في يوم من الأيام.
8- أنا اعلم مكان التسجيلات الإسلامية وأستطيع ان اشتري منها ما أنا بحاجة اليه ولكن أن تمتهن وتوزع بهذه الطريقة فهذا ما أرفضه والأجدر بنا ان نجمع تلك الأشرطة والمطويات والكتيبات الزائدة عن حاجتنا ونوزعها في البلدان الإسلامية الفقيرة او على الأقليات الإسلامية والتي لا تجد نقوداً تشتري به تلك الأشرطة.
9- لقد طرحت نقاطاً كثيرة وقلت إنه يجب ان تهتم بها وزارة التربية والتعليم وهذا ما طرحته في البرنامج مع الأخت نوال بخش والهدف منه المصلحة العامة لطالباتنا وبناتنا أمهات المستقبل (فلا ضرر ولا ضرار) لنوعِّي الطالبات ولكن بطريقة وأسلوب هادئ ولنفتح ابواب النقاش والحوار ولنكتشف المواهب ونرفع الهمم عاليا لبناء وطن يقف في مستوى التحديات المعاصرة.
10- اتمنى ان تكون قد وضحت الرؤية وان ما نقصد به خيراً لا يُفهم منه شر، ولعل البرنامج حينما لمس أو أوجع الدكتور عبد الرحمن العشماوي في رؤية خاصة له قد تحمل مدلولات أخرى لديه مع أني لم اقصد بها سوى الرفق ببناتنا وطالباتنا وتشجيع الجميع على الدين والإبداع والاكتشاف في خط متواز لا يتنافى مع الثوابت والعقيدة والسلوك السويّ, وأحسب أن الدكتور عبد الرحمن العشماوي نظر إلى البرنامج وقد استكثر عليَّ أن أتحدث في ساعة كاملة عن هموم التربية والتعليم.
عائشة حسن الشهري -تربوية |