منذ أن خلق الله الأرض والإنسان في حالة من التغيير في الجانب الحضاري والفكري فينتقل عبر تراكم السنين من مرحلة إلى اخرى يندفع نحو متطلبات حياته فهو في صراع من اجل معيشة افضل فكان التغيير سمة مرتبطة به ومن حوله فكان سعيه ينصب في توظيف كل شيء لصالحه وزيادة قوته فكانت البداية من الغابة التي كان يتحكم فيها بدون منازع ثم بعد ذلك صار هناك تكاثر ادى إلى نشوء الصراعات من اجل السيطرة والهيمنة وسار هذا من حال إلى حال وبدأت الوسائل تتغير بحسب الحالة مع التفاوت من مكان إلى آخر وصارت القوة هي العنوان الابرز والطاغي على عملية التغيير والتحول من اجل الدفاع بداية لكنه مع الوقت تحول الى الاستيلاء على خيرات الغير بمبررات كثيرة فصار الأقوى يأكل الأضعف فهبت ريح الاستعمار وراحت الدول تبحث عن الثروات بحجة نشر القيم والحضارة لشعوب محتاجة، مع الوقت تبدل الحال فانحسر وجه الاستعمار وانطفأت الكثير من الحروب ولكن بقي الصراع الفكري بين كتلة رأسمالية وكتلة شيوعية ظهرت إلى السطح فقسمت العالم إلى كتلتين مختلفتين صارت تتصارع في محاولة للجذب ولكن بطريقة تعتمد على نشر الأفكار والقيم ومع سقوط الاتحاد السوفيتي انحسرت النظرية الشيوعية وطغى على السطح المفهوم الرأسمالي الذي تفاوت في التطبيق من بلد إلى آخر على المستوى الغربي ولكنه غدا شبه مسيطر بعد الانفراد الأحادي الذي تقوده امريكا التي اصبحت القطب المسيطر على العالم فكانت الافكار الرأسمالية ترسل عبر وسائل عدة ولعل ابرز وسيلة هو الإعلام الذي تمتلكه الولايات المتحدة الامريكية ولقد كان التأثير لتلك الافكار ذا اثر بالغ وخاصة على المستوى الاقتصادي فتغير الكثير من الدول وانغمس بعض منها في النمط الرأسمالي الذي يخدم فقط القوي على حساب الضعيف ويجعله مستهلكاً ومنتجاً لبضائع أولية رخيصة الثمن تعاد اليه بعد تصنيعها بأسعار عالية وهذا ما يحصل الآن من خلال ما يعرف بالعولمة ومع اننا نركز هنا على الجانب السلبي الا ان هناك من يعتقد أن النمط الرأسمالي احدث نوعاً من التغيير افاد الكثير من الشعوب وان من يستطيع ان ينتج ويتطور ويتقدم علمياً فمن حقه أن يسود في هذا العالم الذي لا مكان فيه للضعيف في القدرات والخبرات قد يكون هذا في جانب الصواب لما نعتبره انه حالة من معركة التغيير التي كسبتها الدول الغربية وامريكا بفعل توظيف العقول والطاقات في الأبحاث والتجارب العلمية في حين أن بقية العالم ظل في صراعات سياسية وفقر وحروب لم يستطع أن يوجد مناخاً مناسباً للبحث والتقدم العلمي وان كان هناك صحوة تمثلت في النمور الآسيوية والتي بدأت تشق طريقها بقوة نحو اقتسام حصة من السوق والدخول في معركة السيطرة الاقتصادية والتي تزداد شراسة في وقتنا الحاضر والتي كنا من قبل فترة طويلة لم نسمع بالنمور الآسيوية وها نحن نستهلك بضائعها التي تغير واقعها كثيراً.
لذلك يجب أن ندرك أهمية التغيير ونعتبره حقيقة واقعة نلاحظ اثرها حتى في ابسط الامور فيما حولنا سواء في العمل من خلال التقاعد وتجديد الطاقات او من خلال حتى الزراعة التي يستوجب فيها حرث الأرض وتغيير تربتها لهذا علينا أن نتعامل معه بشكل جدي وحقيقي إذا ما أردنا أن نوجد واقعاً أفضل لحاضرنا ومستقبلنا.
|