التعامل فن من فنون الحياة، بعض الناس يجيده ويحسن تطبيقه في تعامله وتفاعله مع الناس، والبعض الآخر على النقيض، فيه جلافة، وصلف وخشونة. وقد جاءت الأديان لتوجه عملية التعامل وترسم لها طريقها الصحيح، فقد جاء في القرآن الكريم {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. فالآية تشير إلى أن تصرفات الناس هي انعكاس لتصرفاتنا معهم، فعندما تدفع بالتي هي أحسن، تدفع بالطيب وباللين وبالأخلاق ينقلب العدو إلى صديق، بل انه يصبح ولياً حميماً. ومعاملة الناس بهذه الطريقة الحضارية الراقية لا يقدر عليها إلا من يتمتع بالصبر ومن يستطيع ان يملك نفسه عند الغضب، وهؤلاء هم أهل النجاح والحظ الكبير.
وإذا فتشنا في السنة النبوية الكريمة نجد أن رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- يقول (الدين المعاملة)، ويقول في حديث آخر (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى أخاك بوجه طليق). ولو ذهبنا نتتبع الآيات والأحاديث التي توجه التعامل في جوانب الحياة المختلفة لطال بنا الحديث.. فلا يوجد منحى من مناحي الحياة فيه طرفان إلا وللإسلام توجيه في التعامل فيه.
وإجادة فن التعامل سبب بارز من أسباب النجاح في أمور الحياة. وعلى الأخص الأمور الاقتصادية، والأمور الأسرية، والجوانب الإدارية والسياسية. والناس يختلفون في طرق تعاملهم مع بعضهم، فهناك من يجيد إنشاء الصداقات والاحتفاظ بعلاقاته مع الناس لفترات طويلة، وهناك من لا أصدقاء له، وإذا أنشأ علاقات مع الغير فإنه سرعان ما يحطمها ويدمرها. والحقيقة ان التعامل دليل على العقل، فكلما كان الإنسان ناجحاً في تعامله مع الغير كان ذلك دليلاً على رجاحة عقله وطيب معدنه، وكلما كان الإنسان فاشلاً في تعامله مع الغير كان ذلك دليلاً على خفة عقله ورعونته وقلة تفكيره.
نحن في هذه الحياة نقابل أنفسنا، فعندما نعامل الناس بأخلاق حسنة فإنهم يردون المعاملة بالمثل، وعندما نعاملهم برعونة وصلف فإنهم يحاولون أن يعاملونا بالمثل. والعاقل من يود أن يلقى من الناس معاملة طيبة وراقية، ولذلك يعاملهم بالطريقة نفسها، وقديماً قيل (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به). إن تصرفات الآخرين انعكاس لتصرفاتنا معهم.
والشاعر العربي يقول:
ومن دعا الناس إلى ذمه
ذموه بالحق وبالباطل |
وسب الناس والتهجم عليهم والصراخ في وجوههم هو دعوة من الشخص للآخرين إلى سبه والتهجم عليه والصراخ في وجهه.
*عضو هيئة تدريس
|