تمرق من جانبك سيارة صغيرة ذات تصميم ظريف ولون زاه جميل منطلقة كسهم قد عقد العزم على إرداء ضحيته المستهدفة، وبعد لحظات تدركه عند الإشارة المرورية مع الواقفين يتحفز للون الأخضر لينطلق مجدداً وكأن له هدفاً ينتظره.. أثناء الهنيهة التي تشاهده فيها عند الإشارة تجده شاباً رقيقاً متهندماً يعتني بوضع عقاله على ثنايا غترته بدقة (وبالملي) ويتأكد من وضعها من مرآة السيارة حتى وهو يضع النظارة الشمسية العجيبة على عينيه، ثم يلتقط جواله قبل الانطلاق ليكمل المحادثة ربما ليؤكد للآخرين أنه سيسبقهم لا محالة للمقهى.
قلت إن الشاب والسيارة والألوان والعقال والنظارة تدل على الشياكة والظرف والذوق العام في كل شيء، إذن لماذا هذه العدوانية في القيادة، لماذا نشاهد فتياننا في مجالسنا هادئين (يتميلحون) بالكلام والحركات، فإذا امتطوا صهوات سياراتهم بدوا وكأنهم فرسان في ساحة قتال، يخالفون الأنظمة وقواعد السير في سلوك متعمد وكأنه عناد يظهر منهم لا إرادياً، وكأني أقرأ سبباً خفياً لهذا الأمر، وأخمِّن أنه يصدر من الأسرة التي لا تحتوي عواطف ومشاعر هؤلاء الفتيان بالمودة والتحاور وتلبية حاجاتهم النفسية العاطفية كآباء واخوة أكبر منهم، جربوا وسترون الآثار الإيجابية المؤكدة.
|