Wednesday 29th September,200411689العددالاربعاء 15 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

المواطن العراقي يطالب حكومته بالأمن والاستقرار قبل الماء والغذاء! المواطن العراقي يطالب حكومته بالأمن والاستقرار قبل الماء والغذاء!
عبدالإله بن سعود السعدون / محلل إعلامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية

منذ سقوط بغداد في التاسع من شهر أبريل - نيسان من عام 2003م بدأت نظرة المواطن العراقي نحو الجنود الأمريكيين تتحول من جنود تحرير إلى قوات احتلال أجنبي، وبأبشع أنواعه حيث تركت بغداد بأسرها إلى ذئاب النهب والسلب وتحمي اللصوص دبابات الاحتلال التي لم تسبغ حمايتها وتظهر قوتها العسكرية إلا في المحافظة على محتويات ومباني وزارتي البترول والخارجية لحاجة ساسة أمريكا لما تقدمه هاتان الوزارتان من خدمات مستقبلية للمصالح الأمريكية في مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تبشر فيه.
وجاءت قرارات السفير بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق بحل القوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها وإلغاء وزارة الإعلام وما يتبعها من مؤسسات إعلامية أخرى كوكالة الأنباء العراقية ومؤسسة المسرح والتلفزيون الرسمي وقد بلغ عدد هؤلاء المسرحين من الخدمة أكثر من مليون عراقي دون مورد مالي يعينهم على مواجهة الظروف المعاشية القاسية التي يعيشها الشعب العراقي حالياً. ورافق ذلك إطلاق يد كافة الأشخاص والفئات السياسية في إشغال المباني الحكومية التابعة لأملاك الدولة وتحويلها إلى مراكز للأحزاب السياسية والمنظمات المسلحة واتحادات العشائر العراقية والتي بلغ عددها أكثر من مسمياتها! وباسم الديمقراطية زرعت أكثر من مائة وثمانين مقراً للأحزاب السياسية والتي أصبح معظمها صوراً متشابهة في أهدافها وسرعة انتقال منسوبيها من حزب لآخر ومن أجل الحصول على مكاسب شخصية وتدور في حلقة الأحزاب الكبيرة المشاركة في ائتلاف الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة الدكتور إياد علاوي.
وتبخّر أيضاً الحلم الذي عاشه المواطن العراقي بالإعمار الموعود من قبل الولايات المتحدة للعراق الجديد وأوقفت نسبة البطالة بين القادرين على العمل حتى وصلت 75% من السكان وتوقف الكثير من المؤسسات الاقتصادية والمصانع لعدم توفر الصيانة الكافية أو بسبب الهاجس الأمني الذي أصبح مشكلة مشتركة تشل الحركة الاقتصادية من تعثر تصدير البترول الخام إلى الأسواق العالمية وضياع موارد مالية عالية، العراق بحاجة ماسة لها في الإنفاق الحكومي وضياع المشاريع الجديدة وتأتي محطات توليد الكهرباء وتجهيز المدن بالماء الصالحة للشرب والتي فقدت أكثرها الطاقة الكهربائية لسنين عديدة وبالذات العاصمة بغداد التي حرم سكانها من خدمات التكييف المبرد بقسوة صيف حار جداً تصل الحرارة في منتصف النهار وبالظل إلى 50 درجة مئوية! ومما يعرقل رفع طاقة المولدات الكهربائية القديمة أو إنشاء محطات جديدة الهجمات الإرهابية المباغتة التي تستهدف مصلحة الوطن والمواطن الأساسية كالماء والكهرباء وأنابيب نقل البترول الخام.
وقد كانت أزمة النجف التجربة الأمنية الأولى أو المهمة لوزارة الرئيس علاوي الائتلافية ولتثبيت سلطتها الرسمية والشرعية اتجاه تمرد جيش المهدي برئاسة وتوجيه السيد مقتدى الصدر ومحاولة سيطرة هذه المليشيا العسكرية على السلطة الإدارية والأمنية في منطقة النجف وعدم الخضوع لنداءات الحكومة المركزية في بغداد ومن أجل تحقيق الأمن والاستقرار لهذه المدينة التي تحظى باهتمام كبير لدى الشعب العراقي، دخلت الحكومة ممثلة بالجيش الحديث التشكيل وقيادة الحرس الوطني وقوى الأمن العراقية لإنهاء سيطرة جيش المهدي للمدينة بعد فشل المحاولات الجادة لإنهاء هذه المواجهة العسكرية بين الحكومة العراقية الشرعية ومؤيدي السيد مقتدى الصدر.
وبرزت شخصية الدكتور قاسم الداوود العنزي وزير الدولة الذي كان مفاوضاً ناجحاً وشجاعاً في نقل موقف حكومة الرئيس علاوي في فرض الجو المناسب لإنهاء هذا القتال الذي أهدر الدم العراقي بتعنت الجانب الصدري لإنهاء هذا التمرد والدخول في الحياة السياسية كمنظمة سياسية تتمتع بكل الحقوق الممنوحة للأحزاب الأخرى ولتحتكم إلى صندوق الانتخابات بكسب السلطة الشرعية الدستورية وليس بالتمرد العسكري وتعريض المساجد والمقابر وأرواح الأبرياء للدمار. وكان إنهاء هذه الأزمة الساخنة محوراً جديداً لظهور الشخصية السياسية للدكتور العنزي وتم تكليفه من قبل رئيس الوزراء العراقي ليتبوأ منصب مستشار الأمن القومي علاوة على عمله كوزير دولة لشؤون الإعمار.
والدكتور قاسم الداوود العنزي من عائلة معروفة في مدينة ناصرية المنتفك والذي أنهى دراسته الأولى في مدارسها ثم التحق بجامعة بغداد وتخرج من كلية العلوم عام 1971م. ونال درجة الدكتوراه في البايولوجي من إحدى جامعات المملكة المتحدة، وقد حظي بهدوئه التفاوضي باحترام كافة أطراف القتال من أنصار الصدر وزملائه في الحكومة من المثقفين العراقيين وانتخب أميناً عاماً لحركة الديمقراطية العراقية وتضم شخصيات مختارة من المثقفين العراقيين.
وتتبنى حكومة الرئيس علاوي سياسة جديدة تأخذ زمام المبادرة في مكافحة الإرهاب والإجرام التي تعرض أمن واستقرار الشعب العراقي للخطر وكانت الخطة الأمنية التي نفذتها الجهات الأمنية في شارع حيفا هي التنفيذ الأول لهذه الخطة حيث تم مصادرة العديد من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمعدات الحربية مخبأة في المنازل والعمارات الواقعة في هذا الشارع كما تم إلقاء القبض على ثلاثين عربياً يشتبه بعلاقتهم بالعمليات الإرهابية التي اشتدت في الفترة الأخيرة.
وقد أكون متفائلاً جداً أن بشرت بتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الرافدين المشتعلة بإيمان الإسلام الذي تركز في قلوب العراقيين وما دامت الأم العراقية تلد أشبالاً وما دام دجلة والفرات ينسابان على الأرض سيبقى هذا الشعب الصابر حياً حراً شامخاً ولن يكون بأي حال من الأحوال درعاً بشرياً لأي دولة وشعب غير أبنائه ولا يمكن أن تكون ساحة تحل خلافات الآخرين مع أمريكا على أرضه، وبعون الله سبحانه ومن ثم بإخلاص أبنائه الأوفياء سيعود العراق وشعبه قوياً معافى مستقلاً ليخدم أهداف الأمة العربية والإسلامية السامية ويتحقق الاستقرار بين ربوعه التي ستخضر وتزدهر بإذن الله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved