إن ماهية الإدارة قد تفسر بطرق متباينة، فبينما يتم التركيز تارة على المنحى العملي للإدارة، فهي تقاس بالوظائف والأنشطة المتحققة، تبين دراسات نظرية أن الإدارة هي كيان علمي له مبادئه ومناهجه، لكن على الرغم من هذا التباين الحاصل، فإن ماهية الإدارة تقوم في المقام الأول على فلسفة قوامها: تحقيق هدف محدد، وذلك من خلال ما يتوافر لها من موارد تستخدمها لإيجاد تكامل في الجهود ومن ثم توجيهها نحو تحقيق الهدف.
لذلك فإن وجود الإدارة يفترض توافر ثلاث ضرورات هي:
1 - وجود أهداف محددة.
2 - الجهود المشتركة.
3 - توافر الإمكانات.
إن وجود إدارة ما هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود أهداف للجماعة يراد تحقيقها، فليس ثمة مبرر لوجود الإدارة من غير أهداف محددة تسعى الجماعة لإنجازها، وهذه الأهداف هي عبارة عن انصهار لمصالح أعضاء الجماعة المتغيرة والمتعددة، بل والمتعارضة أحياناً، ما يفرض على الإدارة ضرورة تحقيق التوازن في هذه المصالح، بما يكفل معالجة مستمرة لهذا التعارض، ويعتبر ذلك من أسس عمل الإدارة.
الضرورة الثانية لظهور الإدارة هي وجود جهود إنسانية مشتركة، حيث تتمثل مهمة الإدارة في توجيه تلك الجهود المتمايزة والمتخصصة، والمتعارضة أحياناً، وإن تعارض بعض الجهود يفرض على الإدارة ضرورة تنظيم العمل بما يكفل التدفق المنتظم للأعمال، وتحقيق تكامل عناصره وأدواته، وضرورة قيام مجهودات إدارية للتوفيق بين اعتبارات الكفاية التي يحققها التخصص واعتبارات المصحلة العامة التي يوفرها التكامل.
أما الضرورة الثالثة لوجود الإدارة فتتمثل في تحويل الموارد والإمكانات المتاحة وغير المستغلة إلى منتج نافع، وهي تعتمد في تنفيذ هذه المهمة على مزج ما يتوافر لها من أموال وقوة عاملة وموارد طبيعية وأساليب تقنية وغيرها في نظام متكامل يسمح لها باستخدام نسب مثالية من هذا المزيج لتحقيق أهداف محددة، وهي مهمة متعددة الأطراف، وتعتمد على الرشد في التفكير وفي التنفيذ، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن سوء استخدام الموارد والامكانات قد يعني تبديد الموارد إضافة إلى ما يعنيه من ضرر مباشر يقع على عاتق كل من ساهم في توفيرها من أبناء المجتمع في إطار ما يسمى المسؤولية الاجتماعية للإدارة.
وبناء على ما سبق فإن ضرورة الإدارة يفرض عليها ترجمة الحاجات إلى أهداف، وإقامة قدرة من العلاقات الإنسانية وتطوير الجهود وزيادة فاعليتها، كما يفرض البحث واكتشاف مصادر الموارد والإمكانات غير المستغلة وفقاً لقواعد المنفعة والتكلفة، ومن ثم القيام بعملية الدمج بطرق رشيدة من شأنها تجنب الإسراف والضياع وغيرها من صور الاستخدامات غير المجدية اقتصادياً وتحويلها إلى مخرجات ينتفع بها المجتمع بعامة.
|