Wednesday 29th September,200411689العددالاربعاء 15 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
نحو ثقافة اقتصادية جماهيرية
د. محمد اليماني

أصبح الاقتصاد في السنوات الأخيرة يشغل حيزاً مهماً من اهتمامات جمهور الناس، وأصبحت قضاياه وشؤونه أكثر تشعباً وتنوعاً وتعقيداً، وتطورت لغة اقتصادية ومالية - إن صحت التسمية - مليئة بمفردات ومصطلحات وتعابير يعجز كثيرون عن فهمها، أو استيعاب مضمون ما يسمونه أو يقرؤونه بهذه اللغة، وأعوزهم الحال إلى البحث عن مترجمين لفك طلاسمها.
وهذه ليست مشكلة الدول النامية أو العربية وحدها، بل هي مشكلة عامة تعاني منها شعوب الدول المتقدمة وأصبحوا يشبهون الاقتصاديين بالاطباء من حيث اللغة التي يتحدثون ويكتبون ويناقشون بها القضايا الاقتصادية والمالية.
وهذه ما كانت لتكون مشكلة لو كان الاقتصاد وقضاياه ومشاكله تخصصاً خاصاً بفئة معينة، أو لا يمس حياة الناس اليومية، لكن لكونه هماً جماهيرياً ساعد على الإحساس بالحاجة إلى فك إشكالية هذه اللغة ومحاولة فهمها فضلاً عن فهم واستيعاب الجانب الاقتصادي للحياة اليومية، فالشخص العادي يستمع إلى نشرات الأخبار المليئة بالمصطلحات الاقتصادية التي لا يحسن كثير من المذيعين والمذيعات - حتى في القنوات الاقتصادية - نطقها فضلاً عن فهمها ويسمع ويقرأ تحليلات اقتصادية ومالية عن أشياء تهمه لكنه يجد صعوبة في فهمها، ويضطر للتعامل مع البنك وشركة التأمين، ويحتاج إلى قراءة وتعبئة نماذج مليئة بمفردات وعبارات غير مفهومة له.
لا شك أن هذه الفجوة الثقافية بحاجة إلى ردم لئلا تتسع مع مرور الزمن ذلك أن الاقتصاد علم سريع التغير والاستجابة للمتغيرات على الأرض، وأول ما يمكن عمله هو جعل الاقتصاد مقرراً إلزامياً في الدراسة الجامعية إن لم يكن في الثانوية، وذلك على غرار معظم الجامعات في الدول المتقدمة، وعندما يلزم الطلاب في جميع التخصصات بدراسة الاقتصاد، فهذا لا يعني أن يدرسوه كما يدرسه أهل التخصص، وإنما المطلوب تدريسه بطريقة تمكن الطلاب من الاستفادة من المعارف والمهارات التي يكتسبونها في حياتهم اليومية، وفي اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية على مستوى الفرد والأسرة.
وهناك العديد من الكتب الغربية التي تنحو هذا المنحى وتجمع بين الدراسة التأصيلية للموضوعات الاقتصادية وربطها مع الواقع بشكل قوي، وبدون هذا يصبح تدريس الاقتصاد لغير المتخصصين عديم الجدوى، إذ إن علم الاقتصاد المعاصر يعاني من مشكلة التجريد، وهي أمر مقبول لمن يرى أنه التخصص المناسب له لأن حدتها تخف كلما تقدم في دراسته، وتتأكد إشاعة الثقافة الاقتصادية في المجتمع عندما يمر بتحولات اقتصادية ومالية مهمة لها أدبياتها الخاصة بها التي يفترض أن تكون أساسياتها مفهومة للجميع، فنحن بحاجة لأن نفهم - على سبيل المثال - طبيعة وماهية المنتجات المصرفية الاستهلاكية والاستثمارية والسوق المالية والانضمام لمنظمة التجارة العالمية وآثاره والتجارة الإلكترونية، لئلاً يكون القصور في المعرفة الاقتصادية سبباً في فوات بعض الفرص المناسبة أو تكبد خسائر وتكاليف يمكن تجنبها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved