7- وقود الإرهاب في العراق
إذا كانت الحاجة أم الاختراع، فإن العوز المادي والفقر الناتج عن فقدان المرء لمورد رزقه كالفصل من الوظيفة وحرمان عائل الأسرة من راتبه الشهري يدفعه للبحث عن مصادر مالية يعوض حرمانه وأسرته من مصدر رزقه، وهذا بالضبط ما حصل في العراق بعد تشريد ملايين الموظفين العسكريين والأمنيين والمدنيين، فبعد الغزو واكمال القوات الأمريكية سيطرتها على العراق قامت الادارة الأمريكية بحل الجيش العراقي وقوات الأمن والشرطة وأجهزة الاستخبارات وكل الأجهزة الأمنية الأخرى بالاضافة الى طرد موظفي وزارة الاعلام والثقافة وكثير من الموظفين والمعلمين، ليتلقف الشارع العراقي ملايين العاطلين عن العمل والمسؤولين عن إعالة ملايين الأطفال والأسر.
ماذا يفعل هؤلاء ومنهم عسكريون متخصصون وقادة كبار خبراء في مجال عملهم؟!.. كيف يمكن تصور (جنرال) كان ولوقت قريب يقود فرقة تضم أكثر من ستة آلاف مقاتل؟.. ليصبح بلا عمل.. وبلا مصدر رزق.. ماذا يفعل؟!.
أيضا كبار المسؤولين في أجهزة الأمن والمخابرات، والقيادات الثانوية في هذه الأجهزة.. كيف يتصرفون حينما يفقدون وظائفهم التي كانوا يقتاتون منها هم وأسرهم؟..
كذلك الموظفون المدنيون من معلمين وموظفي الوزارات الذين أبعدوا من وظائفهم بسبب الانتماء للبعث أو غيره من المبررات التي ساقها الحاكم الأمريكي لحل الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والوزارات الأخرى.
كل هذه الشرائح مهيأة بل وحتى جاهزة للانخراط في عمليات العنف وحتى الارهاب في العراق، بدافع الحاجة للحصول على ما يسد حاجة أسرته للإعالة.. أو بسبب الغضب جراء طرده من وظيفته.
وهنا لا يمكن الجزم بأن كل من طرد من وظيفته أو أصبح بلا عمل بعد حل الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية قد انخرط في الأعمال الارهابية واشترك في عمليات العنف، إلا أنه وفي نفس الوقت لا أحد ينكر أن جزءاً كبيراً من هؤلاء قد وجد ملاذاً في تنفيذ بعض العمليات، بل وحتى الانخراط كلياً في عمليات المقاومة لأسباب اقتصادية وفكرية، وهذا يفسر قوة العمليات التي تنفذ في العراق سواء ما يندرج ضمن أعمال الخطف، أو التفجيرات أو العمليات القتالية.
ولقد وجدت الاطراف المتقاتلة في العراق جيشاً من العاطلين والمدربين والجاهزين لتلقي الأوامر لتنفيذ ما يطلب منهم لقاء مبالغ متفق عليها، وإذا استثنينا العمليات الانتحارية التي لا يقدم على تنفيذها إلا المؤمنون بفكرة الشهادة، فإن الأعمال الأخرى من خطف إلى تفجير العبوات الناسفة وتفجير السيارات المفخخة والقنص وغيرها من الأعمال العسكرية جميعها، يمكن ان توكل الى فرق وجماعات عناصرها من تلك التي ذكرت والقادرة بسبب خبراتها وجاهزيتها على تنفيذ ما يوكل إليها من الأطراف الفاعلة على الساحة العراقية من ممثلي الجماعات الارهابية وأجهزة المخابرات بل وحتى من بعض الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية.
|