يرقد بين الحياة والموت في مستشفى الجامعة بجدة طفل لم يكمل عامه الثالث بعد، من جراء تعرضه لعمليات تعذيب بشعة على يد والده، الذي يرفض استلامه تهرباً من التكفل بنفقات علاجه. ويؤكد تقرير المستشفى الذي صدر بتاريخ 14 من رجب، أن الطفل (س،ع،ب) سعودي الجنسية تم تنويمه في المستشفى بتاريخ 15 صفر من العام الهجري الحالي، وقد أظهرت الأشعة المقطعية حدوث تقلص في حجم دماغه نتيجة التعذيب المستمر من قِبل والده، تسبب بإصابته بشلل كامل وتصلب في كل الأطراف نتج عنه إعاقة تامة).
هذا الخبر المفزع نُشر في صحيفة الوطن في العدد 1455 بتاريخ 9 شعبان 1425هـ، الذي يمضي في سرد مأساة هذا الطفل بالقول إن والدة الطفل تم ترحيلها من قِبل زوجها لأنها إندونيسية الجنسية منذ تعرض رضيعها للضرب والإيذاء عندما كان عمره ستة أشهر حيث هربت به إلى المستشفى لتلقي العلاج فما كان من زوجها إلا ترحيلها من المملكة.
انتهى الخبر، ونأمل ألا يكون مجرد خبر يُقرأ فيُنسى، فمأساة هذا الطفل كبيرة تصور بشاعة وقسوة وجبروت وتسلط في الأب الذي أذاق فلذة كبده أنواع الألم الجسدي حتى تسبب له بالشلل ونزيف في الدماغ كما نشرت صحيفة الوطن، ومما يزيد في الألم النفسي عند هذا الطفل بعد والدته عنه، وان كانت هي الأخرى تعاني وتكابد حرقةً مما يعانيه وليدها خاصة أنها بعيدة عنه قسراً وظلماً.
ان هذه الواقعة تضعنا أمام قضية خطيرة من المؤسف وجودها في مجتمعنا وهي استخدام العنف ضد الأطفال، وهي ظاهرة ولاشك موجودة، فحوادث مشابهة لهذه الحادثة نُشرت سابقاً في بعض الصحف والمجلات كان أبشعها ما نُشر عن حادثة الطفلين الصغيرين في عنيزة اللذين اختفيا من منزل والدهما تباعاً ووجدا مقتولين ثم اتضح أن والدهما وراء ذلك.
ولعلَّ مثل هذه الحوادث تقودنا إلى توضيح بعضٍ من حقوق الطفل على والديه التي منها حقه في تأمين الأمان والدفء العاطفي والحنان مما يؤمّن له على الأقل الحد الأدنى من الاطمئنان والاستقرار النفسي مما يشعره بالثقة بمحيطه وينمي شعوره بنفسه ككيان خاص يُحترم وجوده ويثق من وقوفه على أرض صلبة لارمال متحركة، ومن المؤكد أن هذه المشاعر تخلق فيه الرغبة لبذل الجهود الممكنة للتواصل مع الآخرين ومشاركتهم بمعنى أن يتعلم العيش بمناخ اجتماعي يحيي فيه نفسه كل ألوان الثقة بالنفس والوعي الاجتماعي.
ان تعريض الطفل لأي إهانة أو إخضاعه لأي لونٍ من ألوان المهانة والعبودية لها انعكاساتها السيئة مستقبلاً على نفسه بالدرجة الأولى وعلى المجتمع ثانياً فهو سوف يعكس مشاعره الغاضبة بالتعامل المنحرف مع مجتمعه بصورٍ شتى.
نعود لقضية الطفل (س,ع,ب) التي تتطلب قضيته تدخلاً عاجلاً من جمعية حقوق الإنسان فهي معنية بحمايته وحماية غيره من أولئك الأطفال الذين يتعرضون للعنف من خلال دور يناط بها تحدد آليته، فقيام الجمعية بدورها الفاعل في محاسبة كل من يتقصد بالأذى أطفاله أو غيرهم سيكون له مردوده في انحسار هذه الظاهرة, كما أن إمارة مكة المكرمة معنية بالأمر فأب كهذا لا يُترك، وغياب الشعور بمحاسبة الجهات ذات العلاقة يساعد هذا الأب وغيره على المضي في تصرفاتهم اللا إنسانية تجاه أطفالهم.
خلاصة القول:
ان على الوالدين والمجتمع معرفة أن كل طفلٍ هو مشروع راشد للوطن، وهذا المشروع لا ينمو نمواً سليماً وصحيحاً إلا إذا وعى الأهل والمجتمع حقوقه، وان هذا واقع حياتي لابد من التقيد به.
|