الزمن رق.. تضاءل.. تلاشى.. جزء الثانية تمطط.. صار سنة.. السنة صارت أعواماً خمسة عشر.. الظلام هبط.. النداء حين يرتفع.. حين يكبر.. يصبح موالاً خريفياً.. يصبح حكاية عمر.. امتدت يد لحافة.. (اللمبة) التي تفرق في الوحدة.. اهتزت نورها اندلق بليداً شاحباً.. على المقاعد.
كوب الشاي برد.. كسنوات العمر المرتحلة حائرة ممصوصة يصبح صوت المغني يزحف من أحد أركان المقهى بارداً.. كسنوات العمر.. يصبح..
جثث ثلاث.. تحت الأخشاب.. والطين.. الأنين الموجوع الشاحب.. الصمت بارد.. الصباح سكاكين تنحت كهوفاً في القلب.. تلسع الآذان.. النفس مبهور.. العرق جار لزج.
الجرح يمتص عروق السنين.. الخريف يطفح على الوجوه.. العمر حين يسود.. يصبح أرقاماً.. الزمن حين يتخشب تتعالى فرقعة أجزائه.
لهيب الجرح يمتص الدماء فلا يخبو.. يبتلع الماء فلا يخبو.. رائحته تعشعش في الضلوع.. المطر توقف لسنين.. بعد أن التهم ثلاثة أعمار.. الصبر أصفر.. ذوى.. اقتات لحماً.. وماءً مالحاً لاهباً.. أنَّ المقعد تحت ركام السنين انتشرت في المقهى رائحة الطين.. سنين الخشب الأسود انتصبت.. الزمن رق.. ثم تضاءل.. ثم تبخر.. واستمرت تلقي بنورها تومض وتومض ثم تتخبط.. تحفر الأرض.. وبعجز تنام.. الكلمات واهنة تغلك.. واهنة تلفظ.. واهنة.. تلتصق بالآذان.. تطير جوفاء.
أكواب الشاي تجيء.. وهي نفسها تذهب.. باردة مرة.. الأيدي اليابسة تمتد.. أفواه (الشيش) تسحب نفسها من الأيادي.. تنفث رائحة طينية.الأغنية لا تتغير.. تنبعث من ركن مظلم.. رطب.. الصوت يعوي.. فيه انبعاثة جرح.. لا تلبث أن تتهالك.. تعانق الأشعة الصفراء.. النداء يكبر.. يطول.. الظلام يتدفق.. البرد يلف الأجساد.. الطين يملأ الأنوف.. جاء كوب.. راح كوب.. تمططت الثواني.. برد الشاي.. والجرح لا يخبو!!
|