أتحفنا الأستاذ علي الخزيم في زاويته المعتادة في صفحة (مقالات) بالعدد رقم 11676 بمقال كان عنوانه (من يقنع فرسان الكباري؟) تحدث فيها عن السائقين المتهورين وتحديداً الفئات العمرية الصغيرة التي تحتاج بلا شك إلى جهود جبارة وعظيمة لإقناعهم بأهمية النفس والصحة والسلامة العامة،
وهذه الجهود هي مسؤولية الجميع لأنه بدون تكاتف جميع الأطراف لن نصل أبدا إلى وضع الحلول المناسبة للحوادث المرورية التي حصدت سنوياً الآلاف من البشر وكلفت خزينة الدولية الكثير من المليارات في الصرف على العلاج ودفع التعويضات وإصلاح الممتلكات المتضررة، لكن كيف يمكننا الحد من هذه الدماء التي تنزف كل يوم على سماكة الإسفلت القاسي، وذلك بسبب رعونة السائق أو لتجاوزه النظام أو نتيجة لحدوث خلل في المركبة فرغم الأسابيع التوعوية التي تقام كل عام والنشرات والمطويات التي توزع على السائقين وطلاب المدارس ورغم المحاضرات والتحذيرات وما يقع من مسلسلات حوادث يومية تعرض على أرض الواقع إلا أننا لا نزال نراوح مكاننا في تقليل الآثار الناجمة عن الحوادث، حيث لم يعد هناك فرد من الناس إلا وقد فقد له في يوم من الأيام قريب أو صديق أو جار أو زميل له في حادث سير، وهنا دعونا نتساءل لبرهة:
من يا ترى المسؤول عن هذه الحوادث؟
هل هي المركبة الصماء الجامدة التي صنعت لتكون وسيلة نقل فحولها بنو البشر إلى وسيلة فتك وقتل وترويع أم أن هناك خللا في تطبيق النظام بالشكل الحازم الذي قد يكفل لنا تخوف السائقين قبل تفكيرهم في الإقدام على ارتكاب المخالفات؟
إنها وللأسف الشديد أسئلة كثيرة حائرة، غير أن الشيء الذي سيسهل علينا في هذه المهام هو أن نبدأ خطة بعيدة المدى لإعداد السائق (المثالي) الذي يجب أن نعده على هذا منذ الصغر أي أنه يجب علينا أن نربي أطفالنا وهم في عمر الزهور على كيفية مراعاة النظام وكيف يقطع الشارع وكيف يقف عند إشارة الوقوف وكيف يعبر جسور وخطوط المشاة، لأن الذي سنربيه منذ الصغر سوف نحصد ثماره جلياً عند الكبر فتكون كل هذه بمثابة المكتسبات الحقيقة التي ستنعكس على سلوكه مستقبلاً، فالتربية ليست مجرد أن نعلمه كيف يحترم الكبير في المجلس وعند الناس ثم لا يهم إن طبقه مع قائد السيارة الأكبر منه سناً بالشارع، وما الفائدة من أن نعلم ابننا النظام في المنزل فنمنعه من الكتابة على الجدران وعدم اللعب في المنزل ثم نتركه يمارس ألعابه البهلوانية بالسيارة في الشوارع المزدحمة بالمارة والسيارات؟
إن التربية الحقيقة هي التي تبدأ مع الطفل منذ صغره وخاصة أن الصغير يعتبر بمثابة الخامة التي يسهل تشكيلها كيفما نشاء، ومتى تشكلت على شيء كان من الصعب استعادة تركيبتها السابقة عندها يكون من شب على شيء شاب عليه، حيث ينبع الأساس السليم للتربية الصحيحة من داخل أركان الأسرة فالطفل يولد فيها وينمو ويتعلم من خلالها أولى الأسس التي يحتاجها لتكوين مراحل حياته، ولعل أول ما يتلقاه الصغير في طفولته داخل المنزل (التربية) التي تعتبر هي القاعدة الرئيسة التي يتم عليها بناء وتكوين شخصيته.
ثم يأتي دور المدرسة التي تعتبر المنارة التعليمية والفكرية والثقافية التي ينهل منها الطالب كل ما يحتاجه من علوم ومعارف والتي يفترض فيها أن تقوم ب:
- توعية التلميذ بدوره المهم في المجتمع كفرد من أفراده.
- تبصيره بخطورة استخدام المركبة بالشكل الخاطئ وما ينعكس عليه من آثار سلبية.
- تطوير السلوك الإيجابي لدى الناشئة بما يسهم في الحد من الحوادث في المستقبل.
- القيام بزيارات متكررة لمصابي الحوادث في المستشفيات للتعرف عن كثب على نتائج هذه الحوادث الخطيرة.
- إقامة معارض دائمة في المدارس وتوزيع المنشورات والمطويات عليهم وبشكل متكرر مما يسهم في تثبيت هذه الغايات بشكل دائم في نفوسهم.
وأخيراً نقطة مهمة أحب أن أضيفها وقد تكون فيها غرابة بعض الشيء وهي ضرورة معاقبة أولياء الأمور مثلما يتم معاقبة المراهق عندما يتم القبض عليه في مخالفة سرعة أو تفحيط، لان إهمال الأب تربية أبنائه وتركهم بدون متابعة ورعاية واهتمام له انعكاسات خطيرة على كثير من الأبرياء ولذا فإن معاقبة الاثنين تعني أن على الوالد أن يعيد حساباته مرة أخرى في تغيير سياساته التربوية السابقة مع أبنائه
محمد بن راكد العنزي/محافظ طريف
|