يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن التعامل مع الانفلات الإرهابي الإسرائيلي، رغم ثبوته ورغم مظاهره الاستفزازية وإسهامه الكبير في شيوع ظاهرة الإرهاب على نطاق العالم، فهناك استحالة واضحة لإصدار القرارات من مجلس الأمن الدولي لإدانة المذابح التي ترتكبها إسرائيل بصورة يومية في الأراضي الفلسطينية، ومن ثم فإنه من المستحيل بالتالي معاقبتها لأن الفيتو الأمريكي يحول دون اتخاذ أي إجراء من هذا القبيل.
وتبقى من صور التحرك الجماعي المتاحة ما يمكن أن يصدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن صدور إدانة ما ضد إسرائيل من خلال هذا المنبر لا يغير من واقع الأمر إلا من الناحية الأدبية التي تؤكد الوضع الإجرامي لإسرائيل، لكن القرارات الصادرة من الجمعية العامة ليست لها الصفة الإلزامية التي يمكن أن تتخذ الشكل العقابي، ولهذا فإن الولايات المتحدة لا تأبه أن يقف كل العالم ضدها ويصوت مع إدانة إسرائيل.
وقد حدث ذلك كثيراً وآخر مرة كانت عندما صوتت الجمعية العامة ضد بناء السور العازل وطالبت إسرائيل بضرورة إزالته.
وفي كل مرة يفشل العالم في وقف النزعة العدوانية الإسرائيلية، فإن ذلك يكون بمثابة تشجيع لها للمضي قدماً في تصعيد اعتداءاتها ضد الفلسطينيين خصوصاً، لكن طموحات إسرائيل العدوانية تتجاوز مجرد الخريطة الفلسطينية إلى أنحاء أخرى، فحادث الأحد الماضي الذي أودى بحياة قيادي في حماس في دمشق يشير إلى أن العدوانية الإسرائيلية تسعى إلى إخضاع الجميع في هذه المنطقة بما يتوفر لها من مظلة أمريكية، حيث تتغاضى واشنطن عن هذه الجرائم، بل إنها تشجعها من خلال النظر إليها على أنها ضرورية لحماية الأمن الإسرائيلي.
وفي هذه الاعتداءات الإسرائيلية ما يلبي التوجهات الأمريكية الساعية هي ذاتها لإخضاع المنطقة، فالتهديدات الأمريكية المتواصلة ضد سوريا هي بمثابة ضوء أخضر لمن يحمل أية ضغائن ضد دمشق لتنفيذ ما يراه.
وفي كل الأحوال فإن التوافق في المرامي والأهداف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، يقف ضد أماني وتطلعات دول المنطقة، حيث القضية المركزية الفلسطينية تتعرض للتجاهل إذا لم تتفق مساعي الحل مع الأطماع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي تصطدم بتطلعات الفلسطينيين في الدولة المستقلة.
إن المسؤولية تستوجب من دول العالم التحرك من أجل وقف هذا التوجه الإسرائيلي الشاذ المدعوم أمريكياً، حتى لا يصبح العالم بأجمعه رهينة لهذه السياسات المغلوطة التي تتعارض مع قواعد التعامل الدولي السليمة التي تشكل تحدياً للإرادة الدولية في العيش بسلام، والتي تختطف حق الشعوب في استشراف آفاق واعدة من الحياة الحرة الكريمة.
|