تناولنا في العدد الماضي مؤهلات السكرتير أو المدير الإداري وصفات السكرتير والخطوات العملية لإدارة العمل المكتبي، ونستكمل في هذا الأسبوع التطرق لهذا الموضوع المهم بالتطرق لأنواع التنظيم وغيرها من الوسائل المهمة.
تعديل مشروع الحل
في ضوء البيانات السابقة والنتائج التي استخلصت منها يجري تعديل مشروع الحل المبدئي فإذا وجد بصفة قاطعة أن الموظفين الذين تم تدريبهم على طرائق الإنتاج هم أعلى الموظفين إنتاجاً، يمكن الاقتصار في برامج التدريب على هذا الموضوع، وبذلك يستبعد الجزء الثاني من مشروع الحل وهو التدريب على السياسات المكتبية.
اختبار الحل بعد تعديله
بعد تحديد موضوعات برامج التدريب التي ينتظر أن يكون بينها وبين إنتاج الموظفين علاقة وثيقة، قد يكون هناك على الرغم من ذلك بعض الأخطاء التي تجعل النتائج أو الحل المقترح غير صحيح، ولذلك فإنه ينبغي اختبار هذا الحل قبل تطبيقه على نطاق واسع لتلافي النفقات العالية التي تنفق في سبيل تطبيق سياسة غير صحيحة.
وقد يتم ذلك عن طريق اختيار مجموعة من الموظفين الجدد ذوي المهارات المتعادلة وتقسيمهم إلى مجموعات، وإعطاء مجموعة منهم البرنامج المقترح للتدريب ومقارنة إنتاجهم مع المجموعة الأخرى التي لم تحصل على مثل هذا التدريب.
تقرير الحل النهائي
في ضوء اختبار مشروع الحل تجري فيه التعديلات النهائية للوصول إلى حل المشكلة، ويكون البرنامج المقترح للتدريب هو علاج المشكلة المحددة من البداية وهي علاقة إنتاج الموظف ببرامج التدريب، ويلاحظ أن الحل قد حدد طبقاً للطريقة العلمية السليمة. غير أنه يجب أن يكون واضحاً أن هذا الحل يقتصر على المشكلة المحددة من البداية، وعلى ذلك لم نتعرض للفروض الأخرى لنواحي رفع إنتاج الموظفين كترتيب منطقة العمل وانسياب العمل؛ فهذه مشكلات مستقلة وتحل كل منها على حدة باتباع نفس الخطوات السابقة.
أنواع التنظيم
هنالك أربعة أنواع للتنظيم الإداري داخل المؤسسات فيما لكل منها سلبيات وإيجابيات، وكل مؤسسة تختار ما يناسبها من طبيعة عملها.. وهنا سنعرض لكل نوع بشيء من التفاصيل.
التنظيم الرأسي
يطلق اسم التنظيم الرأسي على نوع التنظيم الذي يكون فيه كل من أقسام المنشأة مستقلاً عن باقي الأقسام؛ إذ يقوم كل قسم بكافة التعليمات، وكل شخص يعلم مكانه في المنشأة، ولا يتلقى الأوامر إلا من شخص واحد؛ مما يكون له أفضل الأثر في تنسيق الجهود في مختلف أقسام المنشأة. غير أن أهم مشكلة تعترض هذا النوع من التنظيم هي صعوبة العثور على أشخاص يجيدون مختلف الأعمال، إذ إن المطلوب في المشرفين أن يجيدوا أعمالاً كثيراً من الشراء والبيع واختيار الموظفين والإنتاج. ولا يخفى أن ذلك ليس باليسير إذ إن كل فرع من هذه الفروع أصبح فرعاً تخصصياً يقوم به أشخاص متخصصون، لا يقومون بغيره من الأعمال فيجيدون هذا النوع من العمل، إذ يتخصص الشخص في الشراء أو الإنتاج أو البيع وهكذا. ونظراً لأن التنظيم الرأسي يقتضي أن يقوم شخص واحد بكل هذه الأعمال فإن المنشأة تفقد المزايا التي تنتج عن التخصص، بجانب صعوبة العثور على الشخص المناسب الذي يستطيع القيام بكل هذه الأعمال.
ويعتبر التنظيم الرأسي من أبسط أنواع التنظيم وأكثرها انتشاراً خاصة في المنشآت الصغيرة، إذ إن المالك أو المدير تتجمع في يده كل السلطة فيكون المشرف على الشراء والبيع والحسابات والموظفين وكل نواحي النشاط المختلفة. ولا يزال هذا النظام متبعاً في كثير من المنشآت، ولكنه لا يناسب كثيراً المنشآت الكبيرة؛ إذ إنه يفقدها مزايا التخصص المتعددة.
التنظيم الوظيفي
يختلف التنظيم الوظيفي اختلافاً تاماً عن التنظيم الرأسي؛ فلا تحتاج المنشأة في هذا النوع من أنواع التنظيم إلى موظفين يجيدون معظم الأعمال بل تحتاج إلى موظفين متخصصين؛ أي مؤهلين ومدربين للقيام بنوع واحد من الأعمال كالمشتريات أو الإنتاج أو المستخدمين أو البيع، وليس في هذا النوع من التنظيم انسياب رأسي للتعليمات من المدير إلى من هم تحته في المستوى الإداري حتى وصولها إلى العمال الذين يقومون بالتنفيذ.
وتقسم أعمال المنشأة إلى الوظائف المطلوبة لتحقيق هدف المنشأة، ويعين خبير متخصص في كل وظيفة للإشراف على الوظيفة التي يتخصص فيها ويجيدها، وتكون له سلطة إعطاء التعليمات والإشراف على كل الأشخاص الذين يقومون بهذه الوظيفة في كل الأقسام.
ويلاحظ أن الموظف في التنظيم الوظيفي يكون مسئولا مباشرة أمام عدة أفراد، ويتلقى تعليماته من عدة رؤساء، إذ يتلقى التعليمات من كل خبير بالنسبة لجزء العمل أو الوظيفة التي يقوم بالإشراف والرقابة عليها.
ويمتاز هذا النوع من التنظيم بالتمتع بمزايات التخصص، إذ إن المشرف عندما يتخصص في عمل معين يمكنه إجادته، كما أنه من السهل العثور على مشرف يجيد عملاً واحداً بعكس النظام الرأسي الذي يتطلب اختيار رئيس قسم يجيد كل نواحي النشاط في المنشأة. ولكن مشكلة هذا النوع من أنواع التنظيم هي أن السلطات والمسؤوليات موزعة وغير محددة، كما أن العامل والموظف يكون مسؤولاً أمام عدة أشخاص فيكون مسؤولا عن كل ما يتعلق بالشراء أمام المشرف المسؤول عن وظيفة الشراء، وعن كل ما يتعلق بالإنتاج أمام الشخص المشرف على الإنتاج وهكذا؛ وبذلك تكون مسؤولياته موزعة، ويتنافى ذلك مع مبدأ من مبادئ التنظيم وهو أنه ينبغي أن يكون الموظف مسؤولاً مسؤولية مباشرة أمام رئيس واحد؛ إذ قد تتعارض التعليمات ولا يدري الموظف أي الرؤساء يرضي.
ولا يوجد هذا النوع من التنظيم إلا نادراً في الوقت الحالي، ولكن مبدأ تقسيم أوجه نشاط المنشأة إلى وظائف وتحديد الواجبات على أساس وظيفي أمر مرغوب فيه وتطبقه معظم المنشآت.
التنظيم المشترك
يطلق عليه أيضا اسم التنظيم الرأسي الوظيفي وهو نوع التنظيم الذي يجمع بين التنظيم الرأسي والتنظيم الوظيفي للاستفادة من مزايا هذين النوعين من أنواع التنظيم وتجنب عيوبهما.
ولقد سبق أن بينا أن النظام الرأسي يمتاز بأن السلطة والمسؤولية تكونان واضحتين محددتين، كما يمتاز بالسرعة والبساطة في إصدار التعليمات، ولكن يؤخذ عليه أنه من الصعب العثور على رؤساء الأقسام الذين يجيدون معظم الأعمال، كما يتميز النظام الوظيفي بالانتفاع بخبرة المتخصصين ولكن يؤخذ عليه عدم وضوح المسؤولية مما قد تتعارض معه التعليمات المعطاة للموظفين؛ فإذا جُمع بين النوعين يمكن الاستفادة بتحديد المسؤوليات والسلطات وسرعة النظام الرأسي، والتمتع بخبرة المتخصصين من النظام الوظيفي، وتلافي عيوب هذين النظامين.
ولذلك فإن المنشآت تلجأ إلى تقسيم أعمالها إلى مجموعات يعهد بها إلى إدارات، وتتخصص كل إدارة في القيام بوظيفة معينة، ويشرف عليها خبير متخصص في هذه الوظيفة، فيشرف على المبيعات شخص متخصص في المبيعات، وعلى المستخدمين خبير متخصص في هذه الناحية، وهكذا. وإذا كان حجم المنشأة لا يبرر تخصيص إدارة لكل وظيفة فيكتفى بتعيين خبير لكل ناحية من نواحي النشاط في المنشأة للاستعانة به في تلك الناحية وبذلك يمكن الاستفادة من مزايا النظام الوظيفي.
ولكن الخبير المتخصص أو الإدارة المتخصصة ليس لها الحق في إعطاء التعليمات إلى الموظفين في الإدارات الأخرى، بل تبلغ توصياتها أو قراراتها إلى مديري الإدارات الأخرى فيعطون التعليمات بشأنها إلى موظفيهم، وبذلك تكون المسؤولية والسلطة محددتين، ولا يكون هناك تقسيم في الإشراف، إذ إن الموظف يتلقى تعليماته من رئيس مباشر واحد وبذلك يمكن تلافي عيب التنظيم الوظيفي والافادة من مزايا النظام الرأسي دون مشكلاته، إذ إن رئيس كل قسم ليس في حاجة إلى أن يكون خبيراً في كل النواحي بل لديه الخبراء أو الإدارة المتخصصة للاستعانة بها في ناحية تخصصها.
ومن الطبيعي أن هذا النوع من التنظيم يختلف من منشأة إلى أخرى فقد يميل تارة إلى التنظيم الوظيفي ويكون رأي الخبراء أو الإدارات المتخصصة نهائياً في ناحية تخصصهم، وتارة يميل إلى التنظيم الرأسي ويكون لرئيس القسم الحق في رفض توصيات الخبير أو الإدارة المتخصصة، كما قد يتبع أمراً وسطاً بتحكيم المدير أو الشخص الذي يرأس الأقسام كلها.
التنظيم مع الاستعانة باللجان
يحتاج اتخاذ بعض القرارات في المنشأة إلى استطلاع رأي الإدارات المختلفة قبل الوصول إلى قرار نهائي، فإذا اتصل الرئيس الذي يريد اتخاذ القرار بكل إدارة على حدة، فإنه يسمع وجهة نظر هذه الإدارة منفصلة عن الباقين ويكون من الضروري ان يرجع ثانية إليها ليستطلع رأيها في ضوء اتصالاته بالإدارات الأخرى؛ لذلك تكون اللجان من مجموعة من الموظفين يمثل كل منهم إدارة لبحث ودراسة بعض الموضوعات التي تهم هذه الإدارات والوصول إلى أكثر القرارات ملاءمة للمنشأة. ومن الطبيعي أن اللجان تتكون من موظفي المنشأة الذين يقضون معظم أوقاتهم في الإدارات المختلفة ويقضون بعض الوقت فقط لحضور اجتماعات اللجنة؛ أي أن المنشأة لا تعين موظفين كل واجباتهم هي عضوية اللجان.
وقد تكون بعض اللجان مستديمة تجتمع بصفة دورية كل أسبوع أو كل شهر أو كل يوم، وقد تكون مؤقتة تجتمع لظروف طارئة تنتهي بانتهائها.
وتتمتع المنشآت بمزايا متعددة نتيجة لتكوين هذه اللجان، إذ تجعل من الممكن اتخاذ القرار بعد بحث المشكلة من كل نواحيها التي يتخصص كل عضو في ناحية منها، في آن واحد، ووجود شخص متخصص في كل ناحية من هذه النواحي يمكن من الوصول إلى أنسب قرار بالنسبة لكل وجهات النظر، كما يساعد على تنسيق الجهود، فيمكن تحقيق الانسجام والتكامل بين جهود الإدارات المختلفة الممثلة في اللجنة، وتؤدي الاستعانة باللجان إلى تحقيق التعاون بين الإدارات؛ إذ إن كل شخص يمثل إدارة يبين أسباب اتخاذ قرار معين ويقنع به الآخرين، كما أن شعور الإدارات المختلفة بأنها مشتركة في اتخاذ قرار معين يجعلها تبذل كل وسعها لنجاح الخطة المشتركة الموضوعة.
وتساعد هذه اللجان في تدريب الموظفين للقيام بالأعمال الإدارية العليا؛ إذ إن كل موظف يتصل بموظفي الإدارات الأخرى في اللجان ويستمع إلى المناقشات فيتعلم الكثير من أحوال المنشأة وطريقة العمل فيها مما يؤهله للأعمال الإدارية العليا في المستقبل. غير أن اللجان لها مشاكلها وعيوبها التي نلخصها فيما يلي:
- قد تؤدي إلى البطء والتعطيل في بعض الأحوال في إصدار القرارات، كما قد ينشأ عن أعمال هذه اللجان تعطيل بعض مديري الإدارات وكبار الموظفين عن أعمالهم الرئيسة لحضور الاجتماع الدوري على الرغم من عدم وجود مسائل مهمة تستدعي وجودهم.
- توزيع المسؤولية وعدم تحديدها تحديداً واضحاً؛ إذ إن القرار الذي تتخذه اللجنة في مجموعها لا يكون شخص معين مسؤولاً عن نتيجة اتخاذه.
- خطر الوصول إلى قرار وسط لتقريب وجهات النظر دون أن يكون هو القرار المناسب، وخاصة عندما يرى بعض أعضاء اللجنة رأياً معيناً، ويرى البعض الآخر رأياً مناقضاً ويتدخل بينهم الآخرون فيقترحون حلاً وسطاً للتوفيق بين وجهات النظر دون أن يكون أصلح حل للمشكلة.
ويفضل تكوين اللجنة في الظروف الآتية:
- إذا كان اتخاذ القرار يحتاج إلى معلومات كثيرة من مصادر مختلفة، كما هو الحال في تكوين لجنة لتحديد الأسعار لمنتجات المنشأة أو لجنة للميزانية لتقدير المصروفات المستقبلة.
- إذا كان وضع القرار موضع التنفيذ يحتاج إلى تعاون عدد من الإدارات، إذ إن تمثيل هذه الإدارات في اللجنة يساعد على إيجاد هذا التعاون لفهم أسبابه واشتراكها فعلاً مع الإدارات الأخرى في اتخاذ هذا القرار.
وإذا ما تكاملت جهود التنظيم الإداري وطرق العمل المكتبي وتوافر لها الشخص الإداري الكفء القادر على تنسيق كل هذه الجهود وتوجيهها بالشكل الذي يحقق أهداف المؤسسة أو المنشأة فإن النجاح سيكون حليفاً أكيداً لهذه المؤسسة أو تلك المنشأة.
المصدر:
- (تنظيم المكتب وطرق السكرتارية)، رشدي حكيم جرس 1968م، مكتبة الأنجلو المصرية.
- (تنظيم إدارة المكاتب)، عبد الرحمن عمر 1964م، مكتبة عين شمس. |