ضمن فعاليات جلسات الملتقى الأول للمثقفين السعوديين عقدت مساء أمس الاثنين 13-8-1425ه الموافق 27-9-2004م الجلسة المخصصة ل(الموسيقى والفنون الشعبية) شارك فيها كل من الأستاذ طارق عبد الحكيم والدكتور سعد الصويان والدكتور عبد الرب إدريس والأستاذ سراج عمر والأستاذ عبد الله الجار الله والفنان جميل محمود رئيس الجلسة ، والدكتور عبد الله المعيقل مقرر الجلسة.
الإبداع الشعبي
ألقى الاستاذ طارق عبد الحكيم ورقته التي كانت عن الثقافة في مكوناتها..الإبداع الشعبي..وقال:
منذ نشأ الإنسان ولديه الرغبة الجامحة في الاتصال وحب الاستطلاع لمعرفة أخبار الآخرين ليسأل ويسترق السمع حتى يحيط علماً بمن حوله فأصبح الاعلام قوة تأثير كبيرة ومصادر رئيسية للحصول على معلوماته وثقافته العامة.
الفنون الشعبية تنمو بنمو المجتمع نفسه وتزدهر بجهد الجيل الجديد وستظل في نمائها محتفظة بمختلف جذورها تؤتي ثمارها يانعة من حين الى حين لكل من بذل جهداً وشارك في بناء الحياة في وطنه وارتبط فكرياً ووجدانياً بمقومات وقيم شعبية وتقاليد أمنه ومع حركة التطور الثقافي والفني في المجتمع السعودي بها حظيت الفنون الشعبية السعودية، ومن هنا لا بد لنا أن نذكر بكل العرفان والتقدير للجهد المبذول في تكوين إدارة الفنون الشعبية في المملكة العربية السعودية وما قد يتضمنه هذا الجهد من مسؤولية قومية وطنية ذات علاقة بالتراث الشعبي السعودي بصورة عامة وشاملة، ولأن مملكتنا تعتبر من أهم مناطق الجزيرة العربية والخليج العربي من أجل الحفاظ على التراث الشعبي السعودي في أصوله التاريخية علاوة على تميز هذا التراث بمختلف أنماط الابداع الفني التقليدي وهي في نفس الوقت مسؤولية قومية والأمل معقود على مركز الثقافة هي نواة الاشعاع الكبير والجهد أكبر دراسة التراث الثقافي الشعبي العربي من خلال فكر سعودي أصيل، فالثقافة السعودية بمختلف موروثاتها الثقافية هي مأثورات إذا شفافية التعبير المباشر وعن وحدة هذا المجتمع السعودي ولقد ظلت دائما فنون الشعب هي مصدر إلهام الفنانين التي تنبثق من خلال وحدات الابداع وحدات أخرى تضاف الى أعمالهم الحديثة.
مناهج الإبداع الفني
وكلها هي عبارة عن جهود فنية أثمرت عن اتجاه فني متميز في السعودية ينتهج أحدث مناهج الابداع الفني مع تنوع الاتجاهات الحديثة مما يعطي مؤشراً واضحاً على سرعة التطور الفني من مجموعة متميزة من أعمال الفنانين السعوديين وخاصة الذين استلهموا مواضيع التراث الشعبي السعودي، كما أقيمت مهرجانات ذات الفنون الشعبية السعودية في بعض الدول العربية مع الفرق الأجنبية ونالت العديد من التقديرات والجوائز في مختلف المسابقات الدولية، فالفنون الشعبية بصفة عامة هي وسيلة من وسائل الاعلام عن المستوى الحضاري للشعب ومعايير من حضارة الشعب ومن هنا نعتبر أن (الفنون الشعبية هي مقياس حضارة الأمم).
الاهتمام بالموسيقى والغناء
إن الاهتمام بالموسيقى والغناء والرقص الشعبي هو حفاظ على توازن النفس لدى ناشئة المجتمع السعودي وذلك برهانا أمام صخب الايقاعات المستوردة في وسائل الاعلام العالمية، كما يجب أن نعطي جانباً توضيحياً لذلك الفن الشعبي مجالا رحبا في الاعلام على مختلف أنواعه وتغريب المأثورات الشعبية التي قد أوجدت مجالا في الاذاعة والتلفاز فأفردت لها برامج ذات خصوصية بجانب ما قد يقدم من فقرات ضمن البرامج المختلفة.
هيئة للتراث والثقافة
اقترح الدكتور سعد الصويان إنشاء هيئة وطنية للتراث والثقافة وذلك من خلال ورقته التي ألقاها وقال: الثقافة لازمت الإنسان منذ درج على وجه المعمورة، وكلما ارتقى الانسان درجات على سلم التطور الحضاري وسار خطوات في طريق التقدم العمراني كلما زادت ثقافته تشعباً وتعقيداً وفي عالمنا المعاصر تعددت مصادر الثقافة وتفرعت قضاياها وتباينت مظاهرها، المادية منها والقولية والروحية والمعنوية، وأصبحت لكل أمة ثقافة عامة شاملة تنضوي تحتها ثقافات فرعية محلية لكل منها وسائلها التي تعبر بها عن تميزها وخصوصيتها، ثم هنا: ثقافة كتابية عالمية تتوارى خلفها ثقافات شفاهية شعبية يتناقلها عامة الناس ويتوارثونها عبر الأجيال، وكلما تداخلت عمليات التأثير والتأثر وتشابكت قنوات الأخذ والعطاء كلما علت أصوات الرفض أو القبول وكلما احتد الجدل بين أنصار القديم وأنصار الجديد، ومع ازدياد التنازع بين الطارف والتليد وتفاقم الصراع بين الدخيل والأصيل تزداد خارطة الثقافة تعقيداً ويتعذر استقرار البوصلة على اتجاه واضح محدد، وهكذا تصبح مركبة الثقافة في مهب رياح فكرية عاصفة عاتية يحتاج الابحار فيها الى فريق متعاون من الملاحين المهرة الذين تتوفر فيهم الكفاءات الضرورية بما في ذلك استيعاب معطيات العصر والإلمام بقضايا الأمة والقدرة على تصور طموحات الأجيال ورسم خطط المستقبل، كما لابد ان يتوفر في أعضاء هذا الفريق من نفاذ البصيرة وبعد النظر وسعة الافق مما يساعدهم على شق الطريق والإبحار نحو بر الأمان.
تحولات جذرية
إن عالمنا المعاصر يمر بتحولات جذرية ومنعطفات خطيرة تشكل في جوهرها ثورة ثقافية بعيدة الآثار عميقة النتائج، الانفجار المعرفي الذي نشاهده اليوم وضع تحت أيدي الامم المتقدمة ورهن أشارتها خزونا من المعارف والمعلومات يختلف كماً وكيفاً عما كانت عليه الحال قبل القرن الواحد والعشرين، ومجتمع الغد مليء بالمتغيرات والتحديات المعرفية التي تتراكم بازدياد مطرد وتنوع هائل وتعقد لا ينقطع، وهكذا تسمر الفجوة العميقة، للهوة السحيقة بين منجزات التقنية الحديثة وبين تقاليد الثقافات العريقة، ومما يعمق هذه الهوة ويوسعها ما توصلت إليه الامم المتحضرة من ثورة في الاتصالات ألغت المسافات واخترقت أجواء الثقافة بفضل ما تتميز به من سرعة ضوئية ووفرة لا تحد من المعلومات، وهذا كله وضع المستقبل في يد الثقافات الأقوى التي تملك وسائل الاتصال الحديثة لتسخرها في نشر معارفها وثقافتها وقيمها، ومن هنا ندرك أبعاد الغزو التكنولوجي والتبعية الفكرية والهيمنة الثقافية التي هي أبعد أثرا وأشد خطراً وأروع فتكا من الغزو الثقافي الشرس علينا مواجهته والتصدي له بكل ما لدينا من امكانيات وحتى نربح هذه المعركة يلزم البدء عاجلا برسم خطط واستراتيجيات ثقافية حسب مناهج علمية مدروسة بمنتهى الدقة والعناية، وهذا يتطلب منا حصر جميع مواردنا وامكانياتنا الثقافية والمادية منها والروحية، الرسمية والشعبية، القديمة والمحدثة، لا نفرط في شيء، مهما قل شأنه أو جل، لا بد لنا من فحص كل جانب من جوانب ثقافتنا وكل منحى من مناحي حياتنا واخضاعه للفحص الدقيق والمعالجة الموضوعية، وعلينا ان نحشد جميع ما هو متوفر لدينا من كفاءات ومهارات عملية وفنية، كل في مجاله وحسب امكاناته، ليعزفوا مجتمعين على اختلاف مواهبهم وآلاتهم، سيمفونية الثقافة الخالدة، وبذا يتحول الصخب والضجيج الى ايقاع منتظم ونغم منساب، الى نهر من العطاء المتصل تجري في تياره قوة الدفع المحركة.
|