الحب يخلق المستحيل ويبلور الأمل حتى يصبح حقيقة يقرب البعيد وينمي القليل ويحفز الهمم ويشحذ العزائم ويفتح الشهية لكل جميل فيفتق القريحة وينير الطريق يفسح للتفاؤل الباب على مصراعيه ولست أعني الحب الغرامي.. حب البقاء وحب البناء. وحب الانتاج، وحب البروز وحب التحرك من نقطة الجمود، عرف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الحب فقال الحب نعمة تغمر النفوس.. وتملأ القلب حياة وأملاً. فلولا حب البقاء لما عملت كل دولة على وجه البسيطة لها سياجاً فولاذياً قوياً من ابنائها النابهين يعرفون باسم القوات المسلحة، يحمون حدودها ويصونون كرامتها ويحرسون تراثها ومنجزاتها العمرانية والحضارية ويقفون على أهبة الاستعداد يحمون ثغورها. ولولا حب العمل البناء لما درست كل دولة شؤون حياتها لتخطط لتنمية هذه الشؤون في إطار مشاريعها بعيدة وقريبة المدى ولولا حب العلم والنفور من الجهل لم تفتح مئات المدارس والمعاهد والجامعات وينفق عليها بكثرة وبلا حساب، ولولا حب المادة وكسب المال لم تحفر الأرض وتستخرج كنوزها وتجوب البحار والمحيطات على ما بها من خوف وهول ورعب، ولولا حب الصحة لم يسلم المريض جسمه راضياً مختاراً للمباضع تغدو وتروح تفريه إربا إربا ويتجرع امر المشروبات العلاجية. ولو حب ثواب الله لم تؤد فريضة الحج خصوصاً من اولئك الذين يأتون من شرقي آسيا أو استراليا او أمريكا سيما والواحد منهم يوصي بما له وما عليه ثم يودع أهله وهو بين الخوف والرجاء ذاهب الى المجهول لا يعلم هل يعود سالماً معافى ام لا.
انه الحب ولا شي غير الحب أما الحب من وجهته الوجدانية فلست تجهله يا عزيزي القارئ وحسبي انك تعرف جميل بثينة وكثير عزة وعنترة وعمر بن ابي ربيعة وذا الوزارتين أحمد بن عبد الله بن زيدون وغيرهم كثير. ان الحب اذا نما في قلب جعله روضا جميلا يتضوع العطر في أزهاره وترقص الحياة في أنحائه وتنجذب إليه النفس ويطمئن إليه القلب ويستكين فيه الخاطر. والحب أساس لكل مفيد وخالد وجميل.
|