يعتبر عسر الهضم أو التخمة من أكثر الاضطرابات الوظيفية شيوعاً في الجهاز الهضمي ، وهو لا يرتبط بأي مرض عضوي ، وسبب هذه الحالة هو اضطراب في الوظيفة الحركية للأقسام العلوية من الجهاز الهضمي ، وتظهر على شكل تباطؤ في تفريغ أو تحويل الطعام من المعدة إلى الأمعاء ، وتحدث لفترة مؤقتة أو قد تستمر لفترة طويلة دون أن تشير إلى وجود مرض عضوي في القناة الهضمية وهذا هو المهم في التشخيص.
يحدث عسر الهضم عند الرجال والنساء على حد سواء ، ولكنه أعلى نسبة عند النساء ، ويعتبر من الحالات الشائعة في عيادة الأمراض الهضمية والطوارئ ، وقد يستمر الانزعاج البطني أو الألم لعدة ساعات أو حتى يوم كامل ، دون وجود علاقة تربطه مباشرة بالطعام أو التبرز وتكون الآلام أكثر في القسم العلوي من البطن.
هناك بعض الحالات التي تخفف من حدوث الآلام مثل الراحة النفسية والإجازات ، وهذا الألم نادراً ما يوقظ المريض من نومه ولا يخف بعد الإقياء ، بعكس حالة ألم القرحة الهضمية ، حيث يرتاح المريض بعد التقيؤ ويبدأ بتناول الطعام ، أما في عسر الهضم فالمريض لا يستطيع الأكل إلا بعد ساعات ، يشعر المريض بوجود انتفاخ وغازات وأصوات غريبة في البطن خاصة في القسم العلوي من البطن ويرتاح المريض عند حدوث تجشؤ وطرد الغازات ، ويحدث لدى المريض شعور بامتلاء المعدة باكراً بعد الأكل.
في بعض الحالات قد يحدث إسهال أو إمساك ، مما يجعلنا نخلط الحالة مع حالة القولون العصبي أو تشنج القولون ، وبالنسبة لتشخيص الحالة فيكون عن طريق الفحص الطبي والقصة المرضية ، وفي بعض الحالات يمكن أن نلجأ لإجراء أشعة للبطن أو نستعمل المنظار الهضمي العلوي أو السفلي وبعض التحاليل المخبرية لاستبعاد وجود مرض عضوي في الجهاز الهضمي.
المهم في هذه الحالة أنه عند الفحص نجد أن آلام المريض شديدة ولديه حالة قلق وتوتر عام لا تتناسب مع الموجودات السريرية من خلال فحص المريض ، وخوف المريض أكبر عندما يقلق من وجود مرض خبيث في البطن خاصة عند المرضى كبار السن.
علاج هذه الحالة يكون بعد إجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من عدم وجود مرض عضوي في الجهاز الهضمي ، ويعتمد على إعطاء المريض نصائح غذائية خاصة من حيث تنظيم مواعيد الوجبات وتغيير طبيعة الحياة بالابتعاد عن حالات التوتر والقلق وتخفيف ضغط العمل والإرهاق الجسدي والفكري.
أما الطعام فيجب أن تكون الوجبات خفيفة متكررة مع تجنب التوابل والمواد الحارة والأطعمة المدخنة والقهوة والشاي.
هناك بعض الأطعمة الخاصة بكل مريض يشعر أنها تسبب له هذه الحالة عليه الابتعاد عنها ، ويجب التوقف عن التدخين وترك الأدوية المؤذية للمعدة.
أما المعالجة الدوائية فتكون بواسطة الأدوية المحرضة على تفريغ المعدة ومنع بقاء الطعام لفترة طويلة في القسم العلوي من الجهاز الهضمي ، وبعض الأدوية التي تخفف من الغازات في الأمعاء.
من المهم جداً عند معالجة هذه الحالة استبعاد أي مرض عضوي أولاً ، ومن ثم تطمين المريض بأن هذه الحالة عبارة عن مرض وظيفي فقط وليس عضوياً ، ويحتاج لبعض الوقت لعلاجه والحالة النفسية لها دور كبير في هذا المرض.
( * ) اختصاصي الأمراض الباطنية |