التنمية البشرية فلسفة شاملة اقتصادية وسياسية واجتماعية بين التنمية المستدامة وثقافة الاستدامة، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاماً على هذه المصطلحات فليس هناك تعريف متفق عليه بالإجماع لمصطلح الاستدامة والتنمية المستدامة. أشارت إلى ذلك دراسة حول التنمية الشاملة وذكرت أن التأكيد على أن الاستدامة لا يكون لها معنى إذا كانت تعني استدامة فرص الحياة البائسة والمعوزة إذ لا يمكن أن يكون الهدف هو العمل على استدامة الحرمان البشري ولا ينبغي لنا أيضاً أن نحرم من هم أقل حظاً اليوم من الاهتمام الذي نحن على استعداد لمنحه للأجيال المقبلة فالاستدامة بمعنى واسع للغاية هي مسألة الإنصاف في التوزيع، مسألة تقاسم الفرص الإنمائية بين الأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة، ولكن هذا الإنصاف في الفرص وليس في المنجزات النهائية فكل فرد من حقه أن تتاح له فرصة عادلة لتوظيف قدراته الممكنة أفضل توظيف ممكن أما مسألة توظيف كل فرد وكل جيل لهذه الفرص فعلياً والنتائج التي يحققها كل منهما فهي مسألة تخضع لاختيارهما ولكن يجب أن يتاح لهما هذا الاختيار الآن وفي المستقبل. وتذكر الدراسة أن الاستدامة هي قيمة خلقية في حد ذاتها فهي في تحليلها الواسع تعني الحالة التي تعيش فيها النظم الطبيعية والاجتماعية وتزدهر معاً بشكل غير محدود. وكمثل الاستدامة التزام معاصر واضح ينبع من الدعاوى المستمرة وغير المتحققة للتكاتف والعدل وتعمق في فهم ارتباطات الحياة والواقع الأليم لتدمير الطبيعة. وأصبح اليوم من المسؤوليات الإنسانية الأساسية ضمان أن كلا من النظم الطبيعية والإنسانية تظل بشكل مستمر في حالة من الصحة من أجل الكرة الأرضية والناس. وفي هذه الحدود تتضمن الاستدامة كقيمة محورية وإرشاداً للعمل العام والخاص كما تتضمن التنمية المستدامة مضامين ومتطلبات منها الاهتمام بمستقبل الأجيال، واحترام التكامل البيئي، ومسؤولية الحفاظ على الكرة الأرضية، وإعادة العمل من أجل العدل، واحترام المجتمع المحلي، وإعادة العمل من أجل الديمقراطية المدنية والحوار المدني. والتصور السابق كما تقرر الدراسة يوضح أنه ليس ثمة تناقض بين مفهومي التنمية البشرية والاستدامة ومن هنا جاء الطرح الجديد للتنمية للأمم المتحدة على أنها تنمية بشرية مستدامة تقوم على التزام أخلاقي بأن تفعل من أجل الأجيال التي ستخلفنا ما فعلته الأجيال السابقة من أجلنا. وتشير بقوة إلى أن التنمية البشرية ينبغي أن ينظر إليها على أنها مساهمة رئيسية في الاستدامة فكلاهما يقوم على عالمية مطالب الحياة. أما الأنماط الإنمائية التي تدعم التفاوتات الموجودة الآن فهي ليست مستدامة ولا تستحق العمل على استدامتها وهذا هو السبب الذي يجعل التنمية البشرية المستدامة أشمل من التنمية المستدامة.
فالتنمية البشرية المستدامة تجعل الناس محور التنمية وتشير بقوة إلى أن التفاوتات الموجودة اليوم كبيرة لدرجة أن مواصلة شكل التنمية الحالية هو إدامة تفاوتات ممثالة للأجيال المقبلة، وجوهر التنمية البشرية المستدامة هو أنه ينبغي أن تتاح للجميع إمكانية متساوية للحصول على الفرص الإنمائية الآن وفي المستقبل.
وفي نموذج للتربية البشرية المستدامة يجب أن يصبح الأفراد وتصبح المؤسسات حلفاء في القضية المشتركة قضية تعزيز فرصة الحياة للأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة.
|