Monday 27th September,200411687العددالأثنين 13 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
سياحة داخلية
عبدالله بن بخيت

لا يمكن لأحدٍ أن يلومه: كان خياره صعباً، خيار بين غنمة أبيه وبين الأمريكانيات. الأمريكانيات هن الأمريكانيات. لا يمكن الدخول في مفاوضات حولهن. حضورهن في عقولنا حقيقة أشبه بالأسطورة. القضية إذاً تدور حول الغنمة.
عندما ثار المدفع يؤكد دخول الشهر الفضيل خرج الكبار إلى الشوارع يهنئون بعضهم والصغار يصارخون نكاية بالشياطين المربطة. كنا فرحين برمضان ولكن بأجندة مختلفة. لم نكن صغاراً لنصارخ مع المصارخين ولم نكن كباراً لنهنئ من يستحق التهنئة. انتحينا جانباً وعقدنا أول مؤتمر جدي طرحت فيه كل القضايا ذات الصلة بوضوح وشفافية. فأمامنا ثلاثون يوماً لإنهاء كل الترتيبات اللازمة إذا كنا جادين في الأمر. لقد تحدثنا كثيراً وجاء اليوم الذي يجب أن ننتقل فيه إلى العمل. فالأمر لا يحتمل التأجيل حيث أكد الثقات في أكثر من مناسبة أن فصل الربيع هو الفصل الذي تنطلق فيه أسراب الأمريكانيات إلى شاطئ الهاف مون دون حسيب أو رقيب. فإذا تخطانا هذا العيد فليس أمامنا سوى العيد الكبير يكون دخل فيه الصيف وتغيرت الأمزجة وحسب كلام الثقات فالحر في الشرقية لا يطاق ولا يمكن لأمريكي أو أمريكية أن يتحمله عارياً أمام الشاطئ.
كنا قد حددنا أربعة أهداف لا خامس لها. الأول مشاهدة التلفزيون اللي يحكون عنه والثاني مشاهدة البحر والثالث ركوب القطار والرابع مشاهدة الأمريكانيات على شاطئ نصف القمر. ولا يخفى على عاقل أن الهدف الأخير يشكل محور الأهداف كلها. وعليه فالتأجيل إلى العيد الكبير أمر غير وارد.
أصبح من الصعب بل من المستحيل تجاهل العرض الذي قدمه سعود الشاوي. لم يكن سعود الشاوي يلعب علينا. كان واقعياً وعملياً. وينطلق من حقائق قائمة على الأرض بخلافنا حيث تتلاعب بنا الأهواء والمشاعر. ومع ذلك كان رحمه الله يتفهم موقفنا وينطلق بروح بناءة لكنه لا يريد أبداً أن يخرج عن الواقع. وواحد مثل سعود الشاوي يحتاج إلى شريك قادر على التفكير الخلاق.
انفض أول اجتماع دون نتائج حاسمة ولكن عندما استعيد شريط ذلك اليوم تحديداً أكتشف أن ذلك الاجتماع كان حاسماً بكل المقاييس رغم أنه لم يخرج بقرارات نهائية ولكننا خرجنا برؤية وبروح خلاقة، فقد ذهبنا إلى تناول السحور بعد أن عقدنا العزم على أن نفكر بطريقة مختلفة وبأساليب مختلفة وهذا وحده كان كافياً لإنقاذ المشروع من الفشل الذي كان يتهدده. لم ننتظر طويلاً لنلتقي مرة أخرى، ففي الصباح التالي بعد صلاة الفجر أي بعد ساعات قليلة ونحن في الطريق إلى الملعب طرحنا الموضوع مرة أخرى. لأول مرة نشعر بالتفاؤل. اتفقنا جميعاً أن العروض التي يقدمها سعود الشاوي لا يمكن تجاهلها بل يمكن تحسينها. وقررنا الدعوة إلى عقد اجتماع موسع مع سعود لمناقشة كل عرضٍ من عروضه على حدة ومحاولة إقناعه بتطويرها لكي تناسب الطرفين. مشكلتنا أثناء المباحثات أننا نتفهم موقف سعود ونقر بصحته فسعود يقول وبكل بساطة: غنمتكم ما تولد وما تسوى أكثر من مائة وعشرين ريالاً. أنا باشتريها عشانكم. طبعاً كنا نعرف أنه لن يشتريها حباً فينا؟. سيدفع فيها الآن مائة وعشرين ريالاً وبعد يومين أو ثلاثة سيلزقها في حلق حضري ثانٍ بمائة وسبعين ريالاً. بالنسبة لنا السعر جيد جداً لكنه لا يكفي للرحلة. لم تكن الفلوس هي هدفنا. هدفنا الرحلة إلى الشرقية ومشاهد الأمريكانيات. المباحثات يجب أن تسير في اتجاه سيكولوجي. صراع إرادات. سعود يعتقد أن الضغط واقع علينا وأننا في النهاية سوف نرضخ، فالعرض الذي قدمه مغرٍ. يفوق حاجة صبيان أكبرهم في الرابعة عشرة من عمره، هو يظن أننا نريد الفلوس في ذاتها. يتعامل معنا كعصابة صغيرة في بداية تشكلها، وفي الوقت نفسه يرى أن عرضه يتسم بشيء من الأخلاق والنبل. بالإضافة إلى أنه سوف يدس في جيبنا مبلغاً من المال، يرى أنه سوف يسهم بطريقة بناءة في تخليص والد صديقنا من غنمة عاقر يكد عليها على خالي بلاش. لإضعاف موقف سعود وتليينه علينا أن نخبره بالهدف من تصريف الغنمة. فمبلغ مائة وعشرين ريالاً لا يمكن أن يغطي نفقات خمسة أشخاص مدة ثلاثة أيام في الشرقية. فليعلم سعود الشاوي أننا لسنا لصوص غنم بل شباب تتملكه تطلعات سياحية. لم نتوقع أن المسألة سوف تتعقد أكثر.
البقية بعد غدٍ إن شاء الله

فاكس: 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved