عنوان هذا المقال هو خير دليل على ما كتبته وتكتبه هذه الزاوية وغيرها من الزوايا والتحقيقات الصحفية الأخرى، والمناداة الوطنية المستمرة، حول السعي نحو تكثيف مخرجات التعليم المتوافقة مع متطلبات سوق العمل، وهو عنوان يشهد على من يعتقد ان هذه المطالبة مجرد تهرب من سعودة الوظائف، وهو عنوان يعد حجة على من يخلي مسؤوليته أو يتباطأ في جعل معظم مخرجات التعليم في مؤسسته التعليمية تتفق واحتياجات سوق العمل، لقد كان لإعلان وزارة الخدمة المدنية الأخير لأسماء 2899 خريجاً مرشحين من المتقدمين لمفاضلة الوظائف التعليمية التي أعلنت عنها الوزارة بتاريخ 25-6-1425هـ والتي بلغ مجموع وظائفها المعلنة في مختلف التخصصات التعليمية أكثر من 14.800 وظيفة في كل من (وزارة التربية والتعليم - مدارس رئاسة الحرس الوطني - مدارس الأبناء في وزارة الدفاع والطيران) أثر بالغ في نفوس الجميع، ودليل دامغ على أن البلاد في خير وفي عطاء طيب، لتوفير ما يمكن توافره من الوظائف في القطاع العام على وجه الخصوص، وفي حقل يعد اللبنة الأولى للنهوض بالفرد في مجتمعه وهو التعليم، لكن الآمال لم تتحقق والطموح تحولت الى حزن، بعد أن خسر أبناؤنا وبناتنا على الأقل في هذه الفترة (11.973) وظيفة، والسبب عدم توافق مخرجات التعليم التي نالوها مع الحاجة الحقيقية في الأجهزة الحكومية وبالأخص في مجال يستوعب الكثير من الخريجين، وهو التعليم العام، ما أدى الى بقاء هذه الوظائف الشاغرة دون ان يتوافر من يشغلها من المواطنين، إن تلك المعلومات هي ما أفاض بها مدير عام التوظيف بوزارة الخدمة المدنية الأستاذ عطا بن حمود السبيتي، كما أشار أنه من خلال مؤشرات المفاضلة اتضح انه كان بالامكان استيعاب ما نسبته 99% من الخريجين المتقدمين لتلك المفاضلة الوظيفية، إلا أنه حال دون ذلك عدم التوافقية بين المخرجات والحاجة الحقيقية في الأجهزة الحكومية، الى أن أردف الأستاذ السبيتي قائلا: وهي مقولة تؤكد ما طرح ونوقش في أكثر من محفل عن ضخامة تعداد المخرجات التي لم تعد الحاجة إليها في البلاد إلا في أضيق الحدود، لكثرة خريجي، هذه التخصصات الوفيرة على الأقل في هذه المرحلة، حيث قال (إن استعراضاً لأعداد المتقدمين مقارنة بأعداد الوظائف المعلنة - نجد أن هناك تخصصات يفوق فيها عدد الخريجين عدد الوظائف المعلنة - مثل العلوم الإسلامية، حيث بلغت نسبة الخريجين من حملة التأهيل المناسب لتلك الوظائف ما نسبته أكثر من (1000 في المائة) وتخصصات العلوم الاجتماعية ما نسبته أكثر من (1200 في المائة)، في حين ان هناك تخصصات يتكرر العجز فيها كل عام لقلة الخريجين مقارنة بعدد الوظائف المحددة، ويضرب مثالاً حياً قائلاً: كمثل الرياضيات التي بلغت نسبة الخريجين لتلك الوظائف ما نسبته أقل من (5 في المئة)، وتخصص الفيزياء الذي بلغت نسبته أقل من (20 في المئة) الى أن بلغت نسبة الخريجين لتخصص القراءات واللغة الانجليزية ما نسبته أقل من (11 في المئة)... انتهى حديث المسؤول).
ولهذا فقد أبناؤنا وبناتنا مالا يقل عن 11.973 وظيفة معتمدة في موازنة الدولة، والوزارة لا تزال تنادي من لديه التخصص الملائم لهذه الوظئاف المتاحة حالياً لكي يتقدم لاشغالها، لكن استحالة ان يتحقق هذا الأمر في هذه المرحلة، لأنه كما هو مشاهد لا يحمل معظم هذا الجيل التخصصات المطلوبة، والسبب مؤسساتنا التعليمية التي نطالبها منذ عقد من الزمن بتغيير أو تعديل مخرجاتها ولم تتمكن على ما يبدو إلا بشيء يسير لا يتوافق والنمو المطرد في بلادنا الواعدة، والأمل بالله كبير نحو تغيير نوعي وجوهري قادمين ولكن متى لا ندري؟!، وهل إذا حدث ذلك هل سيكون لصالح جيل قادم، أيضا لا ندري لأن ذلك يتوقف على مدى توافر مثل هذه الفرص وقتئذ، تلك التي تعد ذهبية في عصرها، لكن علينا ان نكون متفائلين، ونرجو الله أن يتحقق ذلك لمجتمعنا الواعد تحت قيادته الكريمة.
الباحث في شؤون الموارد البشرية
|