* الرياض - الجزيرة :
شهدت المملكة قفزات واسعة في العديد من الميادين الاقتصادية ، ولكن يبقى ميدان الزراعة هو الأهم لجهة دوره في تأمين الأمن الغذائي لسكان المملكة ، إضافة إلى أن هذا القطاع يكتسب أهمية قصوى في ظل المناخ الصحراوي الحار الذي يسود النسبة العظمى من أنحاء المملكة ، ورغم ذلك فقد أصبحت المملكة من أهم المنتجين في قطاع الزراعة بعد أن أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني جل الاهتمام لهذا القطاع حتى أصبح يتبوأ المركز الثاني بعد قطاع النفط.
القطاع الزراعي في المملكة
وذكرت الإحصائيات أن القطاع الزراعي أصبح الثاني بعد النفط لجهة الإسهام بالناتج المحلي الإجمالي ، حيث يسهم بنسبة 10% من هذا الناتج فيما تؤكد الأرقام بأن قيمة الناتج الوطني الزراعي بلغت حوالي 36 مليار ريال سعودي عام 2003م بمعدل نمو قارب 11% سنوياً ، ولم يتوقف هذا التطور على الإنتاج فقط إنما تعداه إلى التقنيات المستخدمة ، حيث يميل القطاع الزراعي الآن إلى الاستغناء عن استخدام المبيدات الكيماوية في مكافحة الآفات الزراعية واستبدالها بتقنية المكافحة الحيوية ، ويسعى القائمون على القطاع الزراعي إلى التغلب على الظروف البيئية السائدة عن طريق الاعتماد على الزراعات المحمية والاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة.
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد الرشيد مدير مجموعة الرشيد للبيوت المحمية الزجاجية التي تجاوزت استثماراتها في هذا الميدان 250 مليون ريال : إن أفضل الوسائل هي اعتماد الأساليب الطبيعية في إنتاج الخضراوات أي الابتعاد عن استخدام المواد الكيماوية في القضاء على الآفات الزراعية.
المكافحة الحيوية
ويشرح لنا الأستاذ الرشيد هذا الأسلوب بالقول : إن هذا الأسلوب يطبق في البيوت المحمية الزجاجية ، حيث يتمثل بالعودة إلى الأساليب الطبيعية قبل اكتشاف المواد الكيماوية وهو استخدام الحشرات المتخصصة في القضاء على الآفات الزراعية ، ويقول : يتم استزراع بيوض هذه الحشرات وتخزينها في ظروف معينة إلى حين الحاجة ، حيث ننشرها بين المزروعات لتفقس بعد ساعات قليلة عن حشرات متخصصة في القضاء على الآفات ، ويحتاج الأمر إلى دقة في تحديد الآفات ودرجة الإصابة بين النباتات من قبل المهندس الزراعي المشرف على البيت المحمي ، ومن ثم تحدد كمية الحشرات النافعة التي يتم نشرها داخل البيت المحمي ، ولكن للأسف فإن هذه الحشرات النافعة لا تنتج في المملكة وإنما يتم استيرادها من الخارج. ويضيف الأستاذ الرشيد أن هذه التقنية تعتبر أرقى أساليب مكافحة الآفات بسبب عدم استخدام الكيماويات الضارة ، وتتميز هذه الطريقة بأنها لا تؤدي إلى خفض الإنتاج علاوة على تفادي الأضرار الصحية التي تسببها المواد الكيماوية ، ويشير إلى أن مجموعته وقبل أن تعتمد برنامج المكافحة الحيوية عمدت إلى إجراء التجارب على مدى عامين لمعرفة مدى ملاءمة هذه التقنية للعوامل البيئية في المملكة ، وقد تم - والحمد لله - تجاوز جميع العقبات حيث يتم استخدام هذه التقنية بنجاح كبير ، مؤكداً أنه وبفضل هذه التقنية ارتفع إنتاج المجموعة إلى أكثر من 13 ألف طن خلال عام 2003م ، مشيراً إلى أن المجموعة تشكل أكثر من 50% من الإنتاج في البيوت المحمية الزجاجية على مستوى المملكة.
ويؤكد الأستاذ الرشيد أن هذه التقنية تطبق بخبرات وطنية وبالتعاون مع إحدى الشركات الهولندية المتخصصة بالمكافحة الحيوية ، حيث ترسل لهم عينات من الإنتاج لفحصها بشكل دوري.
المكافحة الملائمة للخضار
الدكتور عبد العزيز الحربي وكيل كلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود أشاد من جانبه بالتقنية الجديدة مقترحاً تعميمها على مستوى المملكة ، نظراً لفائدتها على الصعيدين الاقتصادي والصحي ، لأنه من الناحية الصحية تبتعد بالمستهلك عن دائرة الخطر التي تسببها المواد الكيماوية ، ومن الناحية الاقتصادية فإنها لا تؤثر سلباً على الإنتاج.
ويؤكد الدكتور عبد العزيز سهولة استخدام هذه التقنية وفعاليتها حيث يقول : إن هذه المواد سهلة الاستخدام وفعالة بنسبة كبيرة إضافة إلى كونها تمثل عودة إلى الأساليب الطبيعية الآمنة ، ويضيف الدكتور عبد العزيز بأن البيوت المحمية توفر من استهلاك المياه بنسبة كبيرة أيضاً ، فالبيوت المحمية وبسبب توفيرها لنسبة الرطوبة المطلوبة تحد من عملية التبخر وبالتالي توفر في استخدام المياه بنسبة لا تقل عن 40% وهي نسبة جيدة جداً إذا ما نظرنا إلى الظروف البيئية في المملكة التي تتميز بندرة المياه.
وفيما يتعلق بالتطبيق يقول الدكتور الحربي ، يمكن تطبيق هذه التقنية على جميع أنواع المزروعات بحيث تشمل الخضار والفواكه ، ولكن السؤال أيهما يحقق الجدوى الاقتصادية الأكبر ، مؤكداً بأن استخدامها في زراعة الخضراوات داخل البيوت أجدى اقتصادياً لأن إنتاج الخضراوات في البيوت المحمية يمكن التحكم في بيئة الزراعة بشكل يمكن استخدام هذه التقنية بشكل جيد.
المواد الكيماوية والسرطانات
ولتسليط المزيد من الأضواء حول هذا الموضوع عمدنا إلى استضافة الدكتور إيهاب خطابي طبيب الأسرة في مستشفى المركز التخصصي الطبي ، حيث حدثنا عن أضرار المواد الكيماوية المستخدمة في مكافحة الأمراض والآفات الزراعية وطرق علاجها والوقاية منها قائلاً : الغذاء هو المصدر الأساسي لحياة الإنسان ، والنبات هو أساس الغذاء ولا بد أن يكون صحياً أي خالياً من أي كيماويات تضر بصحة الإنسان مثل المواد الكيماوية المستخدمة لعلاج الآفات الزراعية ، لأن هذه المواد تدخل في تركيبة النبات ويستهلكها الإنسان وتضر بصحة الإنسان ، ولابد من الإشارة إلى أن هناك جهازين أساسين مهمتهما التخلص من المواد الكيماوية هما الكليتان والكبد ولكن لهما قدرة محدودة على ذلك وفي حال زادت هذه المواد عن حدود معينة فأنها ولا شك ستترسب في جسم الإنسان على مدى سنوات طويلة.
|