كساحات معارك القرون الوسطى الساحة العراقية متخمة بالمقاتلين من كل لون ومذهب.. الفرق بين معارك الأمس واليوم أن الضحايا الذين يسقطون في معارك اليوم أضعاف ما كان يُقتل في معارك الأمس.. فالساحة العراقية التي اعتبرها بوش وعلاوي ومحرِّكو الإرهاب وعناصر المقاومة ميداناً لحرب مواجهة.. أصبحت أيضاً ميداناً لتجريب كل أدوات القتل وآلات الحرب، وأيضاً أساليبها، حتى الأساليب القذرة التي منها بلا شك أسلوب الاختطاف.
والاختطاف الذي أصبح العنوان الأخطر في الحرب الدائرة في العراق الآن فرض نفسه على المتابعات الإعلامية، وأضاف هماً للإدارات السياسية، ليس للدول التي لها جيوش تحارب على أرض العراق، بل حتى التي عارضت الحرب على العراق؛ كفرنسا ومصر. فالخطف أصبح عاماً وشاملاً بحيث يعتبر كل من يتواجد في هذا البلد معرضاً للخطف!!
كيف تتم عمليات الخطف؟ ولماذا؟ في البداية جَرَتْ عمليات الخطف في البصرة وبغداد، وبالتحديد على الطريق الذي يربط الحدود الكويتية بالبصرة؛ إذ كانت المسافة بين صفوان والبصرة حتى الطريق الدولي الموصل إلى بغداد من أخطر المناطق التي حوَّلها قطَّاع الطرق لخطف التجار الكويتيين والسعوديين والأردنيين والعرب الآخرين، وكان الخاطفون يطلبون فدية لا تتجاوز عشرة آلاف دولار لإطلاق سراح المختطف.الكثير دفع وأُطلق سراحه، وأصبحت العملية أسلوباً للتكسب، وشكلت عصابات انتهجت هذا العمل الإجرامي الذي وصل إلى بغداد؛ حيث تعرض عدد من رجال الأعمال العراقيين وبعض الأثرياء، وخاصة الأطباء والمهندسين، إلى الخطف أو خطف أبنائهم؛ حيث يهددون بالقتل، وبعد دفع الفدية يتم إطلاق سراح المختطف.
انتشار ظاهرة الخطف التي تخصصت فيها عصابات قطَّاع الطرق والمجرمين العتاة، ومعظمهم ممن أطلق سراحهم قبل الغزو بأيام من قِبَل النظام السابق، انتبه لها موجهو الإرهاب في العراق، وكذلك المقاومون العراقيون والإسلاميون، فهذه العمليات لا تكلف شيئاً، وفي المقابل تحقق أشياء وفوائد كثيرة!! وهنا حصل توظيف لعصابات الخطف لتحقيق أهداف طالبي خدمة الخطف؛ حيث تكلِّف جهةٌ ما مجموعةً من الذين يجيدون عمليات الخطف بتنفيذ عملية خطف لعناصر محددة تكون الجهة التي تسعى لابتزاز دولهم، أو لفرض شروط على الشركات التي يعملون بها، أو لترويج أفكار وأيدولوجيات معينة، تكون تلك الجهة قد رصدت تحركات المطلوب خطفهم وحدَّدت مواقعهم، وتسلم كل تلك المعلومات لعصابات الخطف التي تنجز المهمة بأسهل الطرق وأسرعها؛ لأن معظم المخطوفين غير مؤمَّنين أمنياً، وأهداف سهلة الاصطياد؛ كسائقي الشاحنات التي يكفي اعتراض الطريق الدولي الذي يربط العراق بالأردن أو الكويت ليتم بعد ذلك خطف السائق، أو التوجه إلى منزل المراد اختطافه بعد مراقبته، أو رصد تحرك الصحفيين أو عمَّال الإغاثة ورجال الأعمال الغربيين، وجميع هؤلاء لا يخضعون للحراسة، حتى لو كانت هناك حراسة فإنها غير قادرة على مواجهة العناصر المكلَّفة بتنفيذ المهمة التي يضطلع بتنفيذها رجال عصابات قطع الطرق المتخصصون الذين تنتهي مهمتهم عند تسليم الضحية المختطف للجهة التي طلبت إنجاز العملية لقاء مبلغ متفق عليه، ولكلٍّ ثمن، للأمريكي ثمن مرتفع نوعاً ما، ثم الغربي والأجانب الآخرون، ويأتي المواطنون العرب والعراقيون في نهاية القائمة.
غداً: مَن ينفِّذ عمليات الخطف؟ ومَن يأمر بها؟
|