حين تمضي السنون الواعدة تبقى في النفوس ذكرى عطرة لما جدّ فيها من سعادة، وما الذكريات متساويات، بل هنالك ما يعلق في الذاكرة لتأخذ منه ما يعيد إليها التحلي بألق الفائت، ومنها ما يضمحل سريعا بلا تؤدة، على أن الحنين إلى تجديد الذكرى العزيزة وتنشيطها لا يفتأ يعاود الفكر بين الكرة تلو الكرة.
تلك هي الذكرى في نفوس الأناسي أجمعهم، مشاعر جميلة تجيش في الالباب غدوة ورواحاً، وتتفاقم مثيراتها في الأفئدة كلما كان لوقعها فيوض من الاعتزاز بحلولها وقرب موعدها الآزف، ذلك أنها محط الاهتمام الشارد بالذهن.
وما من مناسبة أعز على المرء من ذكرى يوم وطنه الذي تحمله أرضه وتقله سماؤه، ويتفيأ سبل عيشه فيه ويستمدها منه، فالخليق أن يهنأ بهذه الذكرى، وحري أن لا يغيب عنه النزوع إلى المحافظة عليه، ودرء كل عمل أراد الوطن بسوء، وكم هي مصيبة حين يؤتى الوطن من قبل اهله.
إن في ذكرى اليوم الوطني تجديدا للعهد، وإعلان تضامن الشعب مع ولاة أمرهم، وتهنئة لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والنائب الثاني، كما نهنئ بهذا اليوم المبارك أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وجميع الأسرة الحاكمة، ومباركة الجهود التنموية المتحققة في مرافق البلاد وأطرافها، والوقوف ضد تيار الفتنة المحدثة والدخيلة على بلادنا، وبشائر خير نستقبلها في انصرام عام مضى بما حفل به من إنجازات، ليفضي بنا إلى عام جديد نأمل فيه الرقي والتقدم والازدهار لبلادنا.
على أن من قوام الدول وتطورها النظر المطرد في مسيرة أجهزتها التربوية والتعليمية، فهي منار النهضة الداخلية، وعليها المعول في تحصين النشء من الاهواء المقيتة، وتعريفهم بحجم الخطر الداهم، وتبصيرهم بطرق النجاة المخلصة من هذا الوباء المدمر، فقد حرصنا على تحذيرهم من مغبة الانزلاق فيه، وكشفنا لهم تلك الأقنعة التي يتستر بها من حمل فكرا لا تقره الأديان مجتمعة، وما ذلك إلا أنه يعز علينا ويؤلمنا أن يذهب أبناؤنا طعما سائغا لتلك الفئة، فما من عذر لنا إن أعرضنا عن نصحهم وحسن توجيههم.
* المدير العام للتربية والتعليم في منطقة القصيم |