لعل من أعظم ظواهر التاريخ الحديث ظهور نفوذ الأقطار العربية وقوتها، خاصة المملكة العربية السعودية الواسعة الأرجاء، فقد أخذ العالم في كل بقاع المعمورة يبدي اهتماماً جديداً بهذه البلاد الغالية على نفوس الجميع، وأصبح يُظهر تقديراً كبيراً لثروتها الاقتصادية وحكمة زعمائها، وقليل جداً من الأجانب هم أولئك الذين يعلمون أن البلاد التي يشملها الآن اسم المملكة العربية السعودية كانت حتى القرن الحالي بلاداً متفرقة مكوَّنة من ممالك صغيرة ومناطق نفوذ. ونتيجة لتلك المهارات العسكرية والحنكة السياسية أصبحت المملكة ذات منصب مرموق، وتكونت من حيث العدم، بفضل الله ثم بجهود ذلك الرجل الفذِّ الملك عبد العزيز رحمه الله، الذي أولى هذه البلاد جلَّ وقته وكل إمكانياته، حتى تحقق الحلم، وسالت مجريات السياسية في جزيرة العرب؛ حيث تجتذب هذه البلاد اليوم أنظار العالم الخارجي، وتثير اهتماماً شديداً لدى شعوبه وحكوماته بالتجربة الرائدة التي تخوضها في سبيل أن تحقق الرفاهية الاجتماعية لشعبها في إطار الشريعة الإسلامية التي قامت على أساسها، والحفاظ على القيم التقليدية المتوارثة للمجتمع السعودي.. وبعد أن حققت الوحدة والتلاحم على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - أصبحت قيمتها وقاعدتها مصدراً للقوة والقدرة التي تهتدي بتعاليم العقيدة، وتستعين بكل معطيات التقنية الحديثة، وصولاً إلى أهداف التنمية المتوازنة في شتى القطاعات.
وها نحن اليوم، وفي مثل هذا اليوم الغالي على نفوس الجميع، نسير في مقدمة المجد والعزة؛ سعياً لما يُرضي رب العالمين.. تأتي مناسبة اليوم الوطني لتصنع لنا التقدم والازدهار في ظل حياة الشعب المكافح خلف الإنتاج في كل بقاع المملكة المعمورة.. وتعيد هذه المناسبة لنا ماضي الأجداد، وتحيي ذكرى يوم الفخر والعز لهذه البلاد.. فقد أَوْلَت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين وسمو نائبه جلَّ الإمكانات للرفع من مستوى الأمة العربية والإسلامية للسير خلف السلام وتحقيق الأمن والأمان، رغم تلك المواجهات العقدية والانحرافات الفكرية. وعلى الرغم مما أَسْدَتْهُ هذه البلاد للعالم أجمع بعد تلك الكرامة الربانية بأن جعلها مهبط الوحي ومنبع الرسالة المحمدية الخالدة.. إلا أنها متمسكة بتلك المبادئ الإسلامية والمعالم الإيمانية.. رغم عبث العابثين، وتناول أيدي الحاسدين.. فلا تزال تعمل لهذا الدين حتى يأتي اليقين ليمحِّص الباطل ويظهر الحق ولو بعد حين.
لقد أصبحت بلادنا - ولله الحمد والمنة - واحة أمن وأمان بعد أن كانت مسرحاً للحروب والقتال، وتحولت إلى عملاق اقتصادي على المستوى العالمي فاق كل الإنجازات وحقق كل المساهمات خلال فترة ليست بالطويلة، فهي قوة سياسية ترمز للعدل والحكمة وسلام المنهج؛ مما أثار إعجاب الآخرين.
فقد وضع الملك عبد العزيز - رحمه الله - أُسس السياسة الحكمية، ومضى من بعده أبناؤه إلى عهدنا الزاهر في ظل حكومتنا الشريفة - حفظها الله - بعد أن استطاعت أن تعمِّق المسيرة، وتضيف المزيد من تلك الإنجازات الوطنية، سواء على صعيد الهيكل التنظيمي وأنظمة الحكم أو على الصعيد الاقتصادي والإنجاز الحضاري الشامل أو ترسيخ البنية الأمنية والدفاعية أو خدمة الحرمين الشريفين وعمارة بيوت الله والحفاظ على ترميمها وتهيئتها وخدمتها طوال السنين.
إن هذه المناسبة تأتي لتؤكِّد ثوابت المبادئ الإسلامية والقواعد الربانية، وفي مقدمتها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتعمل على مضاعفة الجهود في كافة الميادين والقطاعات؛ لتحقق لكل مواطن هدفه وغايته في ظل الحياة السعيدة.. حفظ الله بلادنا وأمننا وأمتنا، وجعلها واحة خير واطمئنان.
مدير قسم الإعلام والنشر بوزارة الدفاع والطيران |