هنالك علاقة وطيدة بين أمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز والكتاب، لا تقتصر على افتتاحه لمعارض الكتب الكبيرة التي تقام سنوياً في الرياض، ولكنها تمتدُّ لتشمل الصداقة الدائمة مع (الكتاب)، والعلاقة المستمرة مع الفكر ورجاله، والثقافة وأربابها، ولا شك أن هذه العلاقة الوطيدة بين مسؤولٍ كثير المشاغل والأعمال المتعلِّقة بالحكم والإدارة لمنطقة ضخمة كالرياض وبين الكتاب تستحق منا وفقات إشادة وتقدير، لانها لا تحدث بهذه الصورة إلا لوجود رغبة شديدة في القراءة والاطلاع، وتقدير كبير للكتاب وأهميته في الحياة، ولأنها ترسم أمام أجيالنا التي تكاد تفقد الإحساس بقيمة الكتاب وأهميته قدوة صالحة جديرة بالاحتذاء في هذا المقام.
لكأني بعاشق الكتاب سلمان بن عبدالعزيز يقول لكل مشغولٍ عن الكتاب زاهد فيه مع توافر الوقت والجهد والإمكانات والمكتبات:
ليتني أملك شيئاً من وقت فراغك حتى أمنحه لأقرب صديق وخير جليس (الكتاب) الذي يمنح صديقه الفكرة، والمعلومة، ويمحض له المودة الصادقة.
إنَّ عناية مسؤولٍ مثل أمير الرياض بالكتاب متابعة وقراءة ودعماً مادياً ومعنوياً، تسعد كلَّ حريص على العلم والثقافة، وتؤكد الأهمية القصوى للعلاقة بين المسؤول والكتاب، لما فيها من فتح آفاق العلم بأحوال الأمم والشعوب، وطبائع البشر، ومظاهر الحكمة، وأنواع القوانين والأنظمة، والعادات، وتجارب الناس حكاماً ومحكومين في شتى الأزمنة والأمكنة، وفي ذلك كلِّه الخير للحاكم والمحكوم، لأنه يعين الحاكم على اتخاذ القرار الصائب، وعلى سعة الصدر، ورحابة الأفق في التعامل مع طبائع الناس المختلفة، وأنواع المواقف والأحداث المتعددة.
لقد جرت مناقشة سريعة عبر الهاتف مع سمو الأمير سلمان حول روايات جورجي زيدان التي تضمُّها سلسلة (روايات تاريخ الإسلام) عرفت - من خلالها - مدى عمق العلاقة بينه وبين الكتاب، وأدركت أنَّ أبا فهد - وفقه الله - قارئ من الطراز الممتاز، فقد تحدث عن روايات جرجي زيدان حديث القارئ الواعي، الذي يعرف ما فيها من مظاهر الإغراء والإمتاع، ويدرك ما تحتوي عليه من الدس والتشويه لكثير من المواقف التاريخية الإسلامية المشرقة، وعلمت أنه قد قرأها كاملة منذ سنواتٍ بعيدة، وكان يعلق تعليق الناقد على ما تضمنه كتاب صغير صدر لي بعنوان (وقفة مع جورجي زيدان).
هذه العلاقة الحميمة بالكتاب تضعنا أمام أنموذج يستحق الذكر والإشادة، وترسم أمامنا صورة مضيئة للوعي الذي يفتح لصاحبه أبواب المعرفة بما يجري في عالم البشر ليكون على مستوى التعامل الحضاري الواعي مع كل الاتجاهات، لأن القراءة الجادة تفتِّق الذهن، وتشرح الصَّدر، وترقى بأسلوب التعامل، فهي تزيد الحكيم حكمة، والعالم علماً، والمثقف ثقافة، والحاكم دراسة، وتزيد الكريم كرماً فما يغلق بابه في وجه أحد، وتزيد العاقل حِنكة ومعرفة بأفضل أساليب التعامل، وأحسن مواقع الرأي والتدبير هنا يستحق أنموذج المسؤول (سلمان) المحب للكتاب، المقدِّر له ولكاتبه، أن يُعرض قُدوةَ في زمنٍ تحاول فيه مصادر المعرفة الأخرى من قنوات فضائية وانترنت وغيرها أن تزحزح الكتاب عن مواقع الأهمية في حياة الأمم.
(سلمان والكتاب) لغة ثقافية واحدة، تعبِّر عن علاقة وطيدة بين صديقين وفيين يستحقان التقدير.
إشارة
إنما زادت النخيل جمالاً
وكمالاً وعزةً وارتفاعا
حين صارت رمزاً لمعنى سخاءٍ
يكرم القاصدين يغذو الجياعا |
|