Sunday 26th September,200411686العددالأحد 12 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

أمريكي بريء في قفص الإعدام! أمريكي بريء في قفص الإعدام!

الكتاب :Bloodsworth
المؤلف : Junkin Tim
الناشر:Algonquin
في العقد الأخير صدرت العديد من المؤلفات التي تتحدث عن أحكام القضاء الخاطئة وذلك مع ظهور اختبارات الحامض النووي المتقدمة، والتي أظهرت أن رجال الشرطة وممثلي الادعاء والقضاة والمحلفين كثيرًا ما يجنحون إلى القبض والاعتقال والحكم على أشخاص يثبت في النهاية براءتهم من تلك الجرائم.
وقد صدرت العديد من الكتب التي تعالج قضية الأحكام الخاطئة على الأبرياء، كثير منها جيد، ولكن المشكلة أن القليل من المؤلفين قد بذل جهدًا من أجل رؤية تلك القضايا من منظور أوسع، مما يجعل من السهل على بعض القراء اعتبار تلك الكتب عن الأحكام الجائرة على أنها تميل بطبيعتها إلى التهييج وأنها مليئة بالانحرافات والأكاذيب.
وقد صدرت دراسة قومية أمريكية منذ خمس سنوات قادها الصحفي الأمريكي ستيف وينبيرج عن عدة محاكمات تتعلق بصحفيين ومحامين وأساتذة جامعات وخبراء قواعد البيانات ومسئولي المكتبات، وذلك من أجل رؤية تلك القضية من منظور أوسع، وقد قام الفريق الذي قاده وينبيرج بفحص أكثر من 12 ألف قضية من قضايا النقض في المحاكم الأمريكية منذ عام 1970، من القضايا التي اتهم فيها الدفاع القضاة بسوء التصرف والأحكام الخاطئة على موكليهم، وقد اكتشف الفريق وجود العديد من الأحكام الخاطئة التي تتعلق بكافة أنواع الجريمة في العديد من الدوائر القضائية الأمريكية والتي يصل عددها إلى 2341 دائرة، وقد نشر مركز الأمانة العامة في واشنطن العاصمة نتائج تلك الدراسة تحت عنوان (أخطاء قاتلة).
وكتاب (بلدزورث) الذي أسماه المؤلف على بطل تلك القصة التي أدين فيها عن طريق الخطأ، وهي إحدى القضايا التي بنى عليها المؤلف كتابه من أجل الإشارة إلى الصورة الأعم لتلك الأحكام الجائرة.
فمنذ عشرين عامًا قام شخص ما باغتصاب وقتل الفتاة (دون هاميلتون) البالغة من العمر 9 أعوام في مقاطعة بلتيمور في ولاية ميريلاند الأمريكية, وقد تلقت الشرطة معلومات عن المشتبه فيه والذي كان يعتقد أنه كان موجودًا في مسرح الجريمة ويحوم حول أحد المجمعات السكنية حيث تقطن هاملتون.
وفي النهاية بدأ المحققون عملهم من خلال مجموعة متراكبة من الخيوط تعتمد بصورة كبيرة على شهادات متضاربة لشاهدي عيان لوصف المتهم، وكان الشاهدان اثنين من الأطفال؛ أحدهما في السابعة والآخر صديقه في العاشرة من العمر.ولم يكن لدى المحققين أية أسباب للاشتباه في كيرك بلدزورث بطل قصة ذلك الكتاب، فقد كان شابًا في أوائل العشرينيات من العمر ولم يكن له سجل إجرامي سابق، وقد تربى في عائلة مرموقة.
وكان قد انتقل إلى منطقة بلتيمور مؤخرًا لأجل إتمام زواجه على إحدى الفتيات، ولكن زواجه تحطم وباء بالفشل لذا بدأ في تعاطي المخدرات، وقد لفت انتباه الشرطة فقط لأنه ترك زوجته بعد العديد من المشاجرات بينهما ترك على إثرها الزوج المنزل، فقامت الزوجة بالتقدم بطلب إلى الشرطة يفيد بغياب زوجها وهجره لها.
وعندما علمت الشرطة المحلية في بلتيمور أن أوصاف بلدزورث تحاكي الأوصاف التي أدلى بها الشاهدان، والتي حولتها الشرطة إلى رسومات كروكية، إضافة إلى أنه يحمل خصالاً شخصية يمكن أن تتوافق مع افتراضات شخصية مرتكب الجريمة التي توصلت إليها المباحث الفيدرالية، بدأ عندها المحققون في ملاحقة الشاب بلدزورث.
وفي أثناء عمليات الاستجواب فشل بلدزورث في التعبير عن نفسه بصورة جيدة، مما جعله يلقي بعبارة فهمها المحققون بصورة خاطئة.
ولكن رغم ذلك كان من المفترض أن يطلق سراحه بعد عدة محاكمات وعرضه على المحلفين، وقد فشل جانب الادعاء في تسليم أدلة من شأنها أن تغير نتيجة حكم المحلفين الأولي، وبالرغم من أن شهادات شهود العيان كانت فقيرة ومتضاربة إلى حد بعيد، إلا أن الشرطة تجاهلت العديد من المشتبه فيهم الآخرين ولم تكلف نفسها عناء البحث عن القاتل الحقيقي.
وقد استطاع بلدزورث أن يحصل على حريته من السجن في عام 1993 بسبب إصراره وعزمه, ورغبة والديه على الإنفاق على قضيته حتى لو أصبحوا فقراء من أجل تمويل طلبات الاستئناف، إضافة إلى التقدم الذي حدث في اختبارات الحامض النووي, ووجود محامين اهتموا بقضيته بصورة كبيرة.
وقد قام العديد من المؤلفين بالتأريخ لقضية بلدزورث، ولكن هذا الكتاب الذي قام بتأليفه الكاتب القصصي والمحامي تيم جانكن يعد من أكثر المعالجات شمولية لتلك القضية حتى الآن، وقد تمكن المؤلف من أن يحكي معظم أجزاء الكتاب من وجهة نظر بلدزورث ومحاميه الكثيرين، وقد أوضح الكتاب كل الملابسات التي فهمها القضاة خطأ وتم في النهاية وضع رجل بريء في قفص الإعدام من أجل جريمة لا يعلم شيئًا عنها.
ولم يعبأ جانب الادعاء بتحقيق العدالة في قضية بلدزورث، حتى إنهم لم يبذلوا شيئًا يذكر بعد إطلاق سراحه من أجل تحديد القاتل الحقيقي, حتى قام بلدزورث نفسه بدفعهم من أجل التحرك.
وفي النهاية قام مسئولو تطبيق القانون بتحليل عينة من الحامض النووي والتي قادتهم إلى القاتل الحقيقي في النهاية، ولكنه وللأسف كان قد ارتكب جريمة أخرى بعد مصرع الفتاة دون هاملتون.وقد تم إجراء عدة إصلاحات في بعض الدوائر القضائية بعد تلك القضية وبخاصة في ولاية إلينوي من شأنها أن تساعد على تجنب أخطاء أخرى مثل تلك؛ فعرض صور المشتبهين وطوابير المتهمين إذا ما تم بصورة جيدة يمكنه أن يقلل من نسب خطأ شهود العيان وتعرفهم على الجاني، وتصوير التحقيقات بالفيديو من البداية إلى النهاية يمكن أن يقلل بدوره أيضًا الاعترافات الزائفة للمشتبه فيهم، كما يمكن أن يؤدي الكشف الكامل للادعاء للأدلة التي بحوزتهم إلى تبرئة المتهم مما قد يساعد المتهم بأفضل الوسائل المتاحة إليه.
ولكن أهم حماية يجب أن يحظى بها المتهم هو إحجام الشرطة عن التعجل والقفز إلى أحكام متسرعة.
ربما يكون من الصعب تجنب الأحكام الخاطئة بصورة تامة، ولكنه لا يزال من الممكن فك طلاسمها كما حدث في تلك القصة المريعة التي يحكي الكتاب أحداثها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved