Sunday 26th September,200411686العددالأحد 12 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

أسئلة بين أيْدِي (عُصْبَة المُثقَّفِين).. أسئلة بين أيْدِي (عُصْبَة المُثقَّفِين)..
الثقافة (الأصيلة).. هل (تَهزَم.. أو تُهزَم)..؟!!
حمّاد بن حامد السالمي

* أكتب هذا المقال، وأنا في طريقي إلى لقية، (عصبة المثقفين)، أولئك الملتقين، في ملتقاهم الثقافي الأول بالرياض، حيث تجري -حسب تقديري- أول مراجعة حقيقية جادة، لهوية البلاد الثقافية، بعد أن تعرضت على مدى ثلث قرن مضى، للسطو والاختطاف، ثم تجرأ عليها من أمن غضبتها، واستهدف رقدتها، فعمل فيها تشريحاً وتشويهاً، يريد أن يظهرها في شكل جديد، لمخلوق غريب عجيب، ليس هو من البر ولا من البحر، ولا ينتمي لعوالم الإنس أو الجان.
* إن أولى المراجعات اليوم، الذي أتمنى خوضها في هذا الملتقى الثقافي الصحوي، هي النظر فيما إذا كانت ثقافتنا في بلادنا، في السنوات الماضية، مسئولة عن شيوع ظاهرة التشدد والتطرف في المجتمع أم لا..؟ والظاهرة هذه، هي التي أفضت بطبيعة الحال، إلى الإرهاب والعنف في هذه البلاد، على مدى عامين انسلخا..؟
* أسئلة تجر أسئلة، في حلقات بعضها فوق بعض. ففي هذه المراجعة مثلا: كيف نفسر ما نعرفه جيداً، من تردٍ واضح في المستوى الثقافي..؟ وهل هناك أزمة قصور ثقافي في المشهد العام، تنتاب الوسط الاجتماعي السعودي..؟
* هل نحن معنيون حقاً اليوم وليس غداً، بالنظر في إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية - أندية أدبية، وجمعيات للثقافة والفنون، ومكتبات عامة، ومتاحف تراثية، ومهرجانات ثقافية وفنية.. وغيرها - وصهرها في مراكز ثقافية متطورة، تشمل كافة المدن والقرى الكبيرة..؟
* هل نحن جادون فعلاً، في تحقيق مطالب وأماني أولئك المبدعين، من أبناء وبنات هذا الوطن، الذين ينتظرون ظهور مؤسسات ثقافية، تبرز مواهبهم وعطاءاتهم الفنية والموسيقية والمسرحية..؟ لنتذكر جيداً، أن مدرسة للموسيقى، أنشأتها الدولة قبل أربعين عاماً في الطائف، كان يديرها الفنان الرائد (طارق عبدالحكيم)، وأن المسرح، كان حاضراً في المدارس، وفي مهرجانات التعليم السنوية..! وأن دور السينما، كانت تعرض الأفلام العربية والأجنبية بانتظام..! ماذا حدث بعد ذلك..؟
* هل نحن جادون هذه المرة، في إنشاء (عصبة، أو رابطة، أو اتحاد)، يجمع شتات الكُتَّاب والأدباء والمثقفين السعوديين..؟ وهل نحن محتاجون إلى مجلس أعلى للثقافة، يخطط لرسم هويتها الجديدة في المستقبل..؟
* هل نحن معنيون حقاً، بحماية الأديب والكاتب والمثقف، حمايته من تسلط أدعياء الأدب والثقافة، ومن هيمنة من يصفون أنفسهم ب(حماة الثقافة)، وهم ليسوا أكثر من هواة (لقافة)، يتثاقفون ليس إلا، وهم (مصنفون ومفرزون ومزورون)، بضاعتهم الرخيصة، إقصاء الجاد، والانتجاع في قفر نجاد لا أكثر..؟
* هل نحن فعلاً، مثلما يظن بنا شبابنا وجيلنا -وبعض الظن ليس بإثم- سوف نعمل في المستقبل، على رعاية المواهب الشابة، وتشجيع الكفاءات، ودعم القدرات، واستثمار العطاءات، بتبني المنتوج الثقافي، ودعم انتشاره، وفتح أبواب العالمية أمامه..؟
* هل نفكر حقاً، في التخطيط لثقافة متصالحة مع نفسها، متسامحة مع غيرها، تنبذ كافة أشكال الغلو والتطرف والتشدد والكره، فتسير بنا نحو المستقبل، بزاد من حب الله عز وجل، ثم حب الوطن، والعمل على حفظ وحدته وأمنه، وتقدير وتعزيز كافة مكتسباته وإنجازاته..؟
* هل جاء وقت الانفتاح، والشفافية، والتعددية، وحرية الرأي، واحترام الآخر.. الذي يعطي المثقف المبدع، حق التعبير عن نفسه في أمان واطمئنان، وشعور قوي بفخر العطاء، في ظل الانتماء للوطن والمجتمع، وللثقافة المنفتحة على كل جديد مفيد..؟
* كيف نصون المنتوج الثقافي، من حملات التشكيك والتصنيف، وننزه المبدعين من الكتاب والأدباء والمفكرين، من لوثات (المفسقين والمزندقين والمعلمنين والمكفرين)، أولئك الذين ما فتئوا، يرمون غيرهم بسهام الإقصاء صباح مساء، فيستهدفون بحربهم الضروس هذه، (المُنتِج والمُنتَج) الثقافيين السعوديين معاً..؟
* هل نحن بصدد صياغة جديدة، لتكوين استراتيجية وطنية ثقافية سعودية معاصرة..؟ ثم ماذا نستطيع إعداده من أدوات علمية وعملية، لتأطير هذا الكيان الثقافي، ثم تنميته، والسير به إلى الأمام، دون تعثر أو تردد، أو نكوس أو نكوص، تحت أي ظرف كان..؟ ثم لنتذكر جيداً في هذا السياق، مؤتمر الأدباء السعوديين الأول الشهير، الذي عقد بمكة المكرمة عام 1394هـ، وما صدر عنه من توصيات طموحة.. فماذا نفذنا منها حتى يوم الناس هذا..؟
* ما هي الظروف، التي وضعت الأندية الأدبية في السنوات الفارطة، في دائرة التهميش، وتجميد وتعطيل العمل بلوائحها التنظيمية، وحصر إداراتها ومنابرها، على أناس دون غيرهم، ثم انزوائها من المشهد الثقافي..؟ ومن الذي سعى إلى تجريد وإفراغ جمعيات الثقافة والفنون، من مضمونها (الثقافي الفني الموسيقي المسرحي)، وحولها إلى (عرصات للعرضات والرقصات) الشعبية لا غير..؟
* هل حان وقت احترام المُنتَج الثقافي لذاته، بغض النظر عن جنس أو شكل المُنتِج نفسه، فيصبح لكافة المواطنين والمواطنات في وطنهم العظيم، حق البناء والعطاء، والمشاركة والمساهمة، والدفاع عن بلدهم ووطنهم، دون تشكيك أو تخوين، أو تقليل أو تقزيم من أي كان..؟
* ثم وفي ختام مقالي هذا أقول: إن ثقافتنا في هذا البلد الأصيل، هي بكل تأكيد، أصيلة وثابتة وقوية، وما هذا الحشد الكبير، في هذا الملتقى اليوم في الرياض، إلا برهان ساطع، على أن ثقافتنا لا (تَهرَم) أبداً، ولا (تُهزَم) أبداً، فهذا فجر جديد يبزغ في تاريخها من هنا، وها هي تقول كلمتها في حقها في الوجود والحضور، وفي الدفاع عن نفسها، وقد جاء يومها المجيد، الذي تعزز فيه وقفتها التاريخية، ضد كل المخربين والمفجرين الخونة، الذين أرادوا تحطيم بنيتها (هي) ذات اليوم، حتى يتسنى لهم اثر ذلك، العدوان على الوطن كله، من خلالها.

فاكس: 027361552


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved