أثناء زيارتي لعاصمة المملكة المتحدة البريطانية (لندن) في الصيف الماضي التقيت بصديق عزيز ورجل كريم هو فضيلة الشيخ (محمد العلويني) إمام ومدير المركز الإسلامي الثقافي ببلجيكا في العاصمة بروكسل، وقد سبق أن التقيت به وقد توطدت بيني وبينه أواصر الصداقة أثناء زيارتي للجمهورية التونسية الخضراء عام (1388هـ) وهو رجل عالم فاضل ذو ثقافة إسلامية عالية وقد جرى بيني وبينه أحاديث شتى وقد تركزت الاحاديث مع فضيلته عن النشاطات الإسلامية في أوروبا وأمريكا وعن حالة الإسلام والمسلمين هناك وعن الأدوار المشرفة التي تقوم بها المراكز الإسلامية بالتبشير والدعوة إلى الدين الإسلامي العظيم وشرح أهدافه ومحاسنه وجماله وجلاله وأنه الدين الخالد الذي يصلح لكل زمان ومكان.
وقد حدثني عن المركز الإسلامي الثقافي في بروكسل الذي يقوم فضيلته بامامته وادارته، هو من رجال تونس المعروفين وهو من خريجي كلية الشريعة وأصول الدين بالكلية الزيتونية التابعة لجامعة تونس قائلا: (لقد أسس المركز الإسلامي الثقافي في بروكسل منذ عشر سنوات وتقوم عدد من الدول العربية برعايته وتمويله واعانته وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بأمر من إمام المسلمين وخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فيصل حفظه الله وسدد خطاه ووفقه لحمل دعوته للتضامن الإسلامي التي هي الدعوة إلى الله وكتابه ورسوله وأن هذه لوظيفة الأنبياء والمرسلين والمصلحين في كل أمة ومجتمع لكي يقوم المركز بعمله خير قيام وليؤدي رسالته المنوطة به وهي الدعوة الصريحة الخيرة إلى دين الإسلام دين العدالة الاجتماعية والوئام دين المحبة والسلام يبشر العالم بعالمية هذا الدين وأنه جاء للناس كافة لايفرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود..
حقا إن الإسلام (دين ودولة) يقول الله سبحانه وتعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ويقول نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم (ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى الناس سواسية كأسنان المشط) ثم استرسل فضيلته قائلا وهو يحدثني: انني وجميع المسلمين في بلجيكا الذين يزيدون على مائة ألف مسلم وهم بلجيكيون وغير بلجيكيين وباكستانيون وأتراك ومن أبناء البلاد العربية وبعض الدول الإسلامية الأخرى نرفع الشكر جزيلا والثناء عاطرا لجلالة الملك المسلم فيصل المعظم على رعايته ومساعداته المادية والأدبية وعطفه علىالمركز الإسلامي فإن لجلالته أيادي بيضاء لا تنسى، تذكر فتشكر وهي مساعدات مادية وأدبية فالمادية هي الإعانات المالية التي تقوم المملكة بأمر من جلالته يدفعها سنويا مساعدة للمركز والأدبية الخالدة هي أننا نحن المسؤولين عن هذا المركز، وقد تشرفنا بمقابلة جلالته في بروكسل أثناء قيامه بزيارته الرسمية لبلجيكا وبعد أن تشرفنا بالسلام على جلالته حدثناه عن المركز وعن مهمته الإسلامية السامية النبيلة فشجعنا جلالته وطلب منا مضاعفة الجهد في هذا العمل الإسلامي قائلا: إن المملكة يشرفها بأن تساهم مساهمة فعالة في هذا المركز وأرجو أن أرى جهودكم الإسلامية دائما تتحدث عن نفسها بنفسها وأن عملكم هذا لا يقوم به إلا كل مخلص لدينه ورسوله وأثناء هذه المقابلة التمسنا من جلالته التكرم بالتوسط لدى الحكومة البلجيكية بطلب مقر دائم للمركز الإسلامي لكي يكون ثابتا لأن المركز يقوم بعمله ويزاول نشاطه في بناية مستأجرة وقد حددنا مكان المركز المطلوب وهو عمارة كبيرة تقع في قلب العاصمة بروكسل ويحيط بها حديقة جميلة واسعة، وقد تفضلت الحكومة البلجيكية مشكورة فحققت توسط جلالة الملك فيصل المعظم رائد التضامن الإسلامي في القرن العشرين وأن أيادي جلالته على الإسلام والمسلمين كثيرة وأفاضله متعددة، فما هناك مشروع إسلامي إلا والفيصل من ورائه يدعمه ويسدده ويحتضنه ويساعده ويرعاه ويباركه، وانني بصفتي مديراً وإماماً وخطيباً للمركز الإسلامي الثقافي في بروكسل أشكر جلالة الملك فيصل أبقاه الله ذخراً للعروبة والإسلام وأشكر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة على جهودها الإسلامية الموفقة وأشكر سعادة سفير المملكة العربية السعودية في بلجيكا الذي كثيراً ما يزور المركز ويتفقد أموره ويشارك في حل مشاكله ويحقق آماله ومطالبه وسعادته عضو فعال في هذا المركز وقد كان المركز القديم ليس به صالة كبيرة لتقام بها صلاة العيدين في وسط السفارة السعودية فيتجمع المسلمون المقيمون في العاصمة بروكسل ويتوجهون في كل عيد من أعياد السنة هما عيد الفطر والأضحى إلى السفارة السعودية لكي يؤدوا (صلاة العيدين) فتحية لسعادة السفير الذي يمثل بلاده خير تمثيل فقد جعل من هذه السفارة الإسلامية بيتا من بيوت الله تؤدى فيها الصلاة فشكراً للعاملين لدينهم ومليكهم ووطنهم ونرجو الله لهذا المركز الإسلامي الثقافي أن يسدد الله خطاه ويحقق آماله الهادفة البناءة ويوفقه إلى كل ما فيه خير الإسلام والمسلمين ومزيدا من التقدم والرقي والرفعة.
الصناعة رمز التقدم والحضارة
الصناعة علم وتخطيط وإنتاج ومصدر كبير من مصادر الثروة الوطنية فهي من أهم دعائم الاقتصاد الوطني في كل أمة ومجتمع.. فالصناعة عصب الحياة وكل مجتمع في حاجة إلى الصناعة كحاجته إلى الزراعة والتجارة.. فالحياة هي الصناعة والصناعة هي الحياة.. ففي كل منزل ومكتب ومتجر نجد الصناعة تتحدث عن نفسها فلولا الصناعة وعالم التصنيع لما نعم المجتمع بالكهرباء والغاز والثلاجات والغسالات والمذياع والتلفزيون وأمثال هذه النماذج الصناعية كثيرة، وأننا لنجد دول العالم تتسابق في العصر الحديث بالصناعة وتقدمها حتى قيل إن القرن العشرين هو قرن الصناعة والمخترعات الحديثة.والصناعة كلها خير ومنفعة لجميع أفراد المجتمع اذ تتيح لعدد كبير من أبناء الأمة فرص العمل في هذا الميدان الشريف، فإذا توفرت الصناعة في البلاد سدت حاجة الأمة لما تحتاج إليه ويصدر الفائض إلى الأسواق العالمية مما يعود على البلاد بعملة صعبة تدعم اقتصاد الأمة وتشيع الخير والرخاء في البلاد. وهذا التصدير خير وسيلة للإعلام عما تتمتع به البلاد من رقي وتقدم وحضارة.
|