أصبح العراق أبرز موضوعات الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية، وبينما يحاول المرشح الديمقراطي جون كيري إبراز المصاعب التي تعانيها الولايات المتحدة في العراق مع التركيز على أن الأمر يتعلق بمستنقع يصعب الخروج منه، فإن الرئيس جورج بوش فضّل الاتيان بكامل العراق ليفصح عن دواخله وعن (الإنجازات) التي تمت، وذلك من خلال فتح أبواب الكونجرس بمجلسيه أمام رئيس الوزراء العراقي ليتحدث عن الإيجابيات التي تمت بجهد وطني وبمساعدة أمريكية لا غنى عنها.
وسيظل الأمر هكذا إلى أن يحل موعد الانتخابات الأمريكية بعد شهرين من الآن، ومن ثمّ فإن العراق سيكون اللوحة التي يتم عليها تسجيل النقاط لهذا الطرف أو ذاك، لكن العراق ليس أمريكا، ولا ينبغي النظر إليه كمجرد ساحة لتصفية الخلافات السياسية أو استعراض العضلات العسكرية، فقد اكتوى هذا البلد بكل أنواع النيران من وطنية وأجنبية طوال عقود عديدة وآن له أن يستجمع أنفاسه وليلتفت إلى أموره ويسعى إلى حلها بالطريقة التي تتواءم مع تطلعاته.
ولن نستغرق في المثاليات ونتطلع إلى فصل الموضوعات عن بعضها بطريقة قسرية، فلابد من الاعتراف بأهمية الموضوع العراقي في كل الشأن الأمريكي في هذه الظروف، لكن المهم ألا يتم تجيير كامل التطورات للحسابات الأمريكية، كما لا ينبغي النظر إلى ما يحدث في العراق فقط من خلال الصراع للوصول إلى البيت الأبيض.
بالطبع سيكون لكل ما يحدث في العراق صدى ما في البيت الأبيض أو على الساحة الأمريكية، وسيكون مفيداً تحقيق الأهداف العراقية بالطريقة التي لا تخل بشؤون الشعب العراقي وليس بالطريقة التي ترضي الناس هناك في الولايات المتحدة، ولو سارت الأمور بالطريقة التي لا يتضرر منها الشعب العراقي فإن ذلك سينعكس تلقائياً على الأوضاع في الولايات المتحدة.
ويهم كثيراً طريقة التعامل لترسيخ الأمن في ساحة أصبحت نهباً لكل الهواجس الأمنية، إذ لا يمكن اللجوء دوماً إلى سياسة القبضة الحديدية التي تتعامى عن سقوط ضحايا مدنيين أبرياء لمجرد الاشتباه في وجود خارجين على القانون بينهم، ومن ثم تدمير منازل بأكملها بما فيها من نساء وأطفال بناءً على ذلك الاحتمال الذي قد يثبت أنه غير صحيح، وهكذا فمن غير المعقول تسجيل مثل هذه العملية في خانة الإيجابيات لأنها بالفعل لم تسهم في تحقيق الأمن وإنما في زعزعته وإدخال الرعب في قلوب الأبرياء.
وسيكون من المجدي كثيراً اتباع أساليب سلمية في التعاطي مع المسألة الأمنية، ما أمكن ذلك، وهناك بالفعل حديث عن اتصالات يجريها رئيس الوزراء علاوي مع بعض أطراف المقاومة العراقية، ومثل هذا التوجّه قد يفيد في الوصول إلى الأهداف المرجوة كما أنه يتفق مع طبيعة المرحلة التي تسبق الانتخابات باعتبار أن الانتخابات هي عملية سياسية في المقام الأول وأسلوب أمثل للتعاطي مع الخيارات والاختيارات.
|