د. غازي القصيبي يفاجئنا - نحن الوراقين من محبي حرفه وهم كُثُر - بين فترة وأخرى بمفاجأة جديدة (زاد الله مفاجآته الجميلة، وأعانه على هموم العمل وأبقى في قلبه بوابات الأمل).
آخر هذه المفاجآت كتابه الجميل الجديد خفيف الظل (أبيات القصيد) الذي فاجأني صدوره عندما تفضل بإرساله إليَّ!.
هذا الكتاب اللطيف هو كما عنوانه اختار فيه الشاعر القصيبي أبياتاً منتقاة من شعره تحمل إما حكمة عميقة، أو رؤية جميلة، أو لمحة غزلية، وكعادته ذكاء وخفة ظل (إنساناً ومؤلفاً)، فقد كان إهداؤه الكتاب لطيفاً حيث جاء الإهداء إلى أحد أصدقائه كاتباً: (إلى علي بن طلال الجهني.. عسى أن يحفظ بيتاً أو بيتين).
ميزة هذا الديوان الشعري أنه جاء مواكباً لإيقاع العصر وهو كما قال القصيبي في مقدمته (موجه إلى القراء والقارئات الذين يريدون الوصول إلى أبيات القصيد دون المرور على دواوين أو قصائد الشاعر كلها..!).
هذا الكتيب القليل الصفحات (64 صفحة) الذي نشرته مكتبة العبيكان، تقرؤه في ساعة لكن عندما ترتأي أن تتأمل مضامين أبيات القصيد تحتاج إلى ساعات.
**
لقد احتوى الديوان الصغير على أبيات زاهية مختزلة من شعر الشاعر، وقد وُفق الشاعر في اختيار عنوان معبر لكل بيت.. وَوُفِّق مرة أخرى في جعله منوعاً ما بين بيت حكمة، أو قافية غزل، أو حرف رثاء.!.
أسعدني كثيراً أن ذوق الشاعر اتفق مع بعض قرائه - وأزعم أنني أحدهم - فقد وجدت أبياتاً اعتبرتها حين قرأتها في دواوينه أبيات قصيد، واستشهدت بها أحياناً في بعض ما أكتب.
لكن هل هذه فقط هي (أبيات القصيد) في شعر القصيبي!.
لا ليس الأمر كذلك.
فكثير من شعره أبيات قصيد.. يحضرني وأنا أكتب هذه القراءة السريعة مثل هذه الأبيات الجميلة له، التي لم ترد في كتابه الجديد، فمن شعر الحكمة:
تمضي السنون بروقاً إن حوت فرحاً
ويزْحف اليوم دهراً إن طوى سأما |
وقد صدق
وفي الطفولة وما أجمل الطفولة:
من أجْل يارا ورفيقاتها
أُولع بالشغل وبالمكتب..! |
وما أروع وطناً يمتزج به حب الوطن بحب الطفولة:
وفي الغزل:
يا أعز الناس همي ثقيل
هل بعينيك مرتع ومقيل؟
يا أعز النساء جئت حصاناً
مثْخناً هدّه السباق الطويل
كُسرت ساقة فجنّ إباء
كيف يحبو هذا الحصان الأصيل |
وأين هي هذه المرأة يا أبا سهيل ويارا..!.
وكثير من هذا الشعر الأخاذ لغازي، الذي تصلح (أبيات قصيد) تداني وتوازي، ومعذرة على هذا السجع (الطياري)، ليت حبيبنا د. غازي عندما يطبع الكتاب - ثانية وأعتقد أنه سوف يتم طبع هذا الديوان أكثر من مرة لجماله واختزاله.. يضيف أمثال هذه الأبيات الشاردة له.
آخر الجداول
من مختارات أبيات القصيد لغازي القصيبي:
أيها القوم نحن مِتنا ولكن
أَنِفَت أن تضمّنا الغبراء |
**
قل لمن دبّجوا الفتاوى رويداً
ربّ فتوى تضجّ منها السماء |
**
نفْط يقوم الناس عن وطني
ما أنصفوا، وطني هو المجد |
**
وجرّبت الأنام فكان أقسى
من الأعداء: إعراض الخدين
وقد صدق مرة أخرى وعاشرة |
**
وأخيراً..
ما قيمة الحسن إن لم يكن
فوق حدود الوهم فوق الرجاء
هل عَشِقْنا البدر لو أنّه
خرّ إلى الأرض وعاف السماء |
فاكس 014766464
محمد أبو حمرا |