إن ما تمَّ في هذه الجزيرة العربية المباركة قبل أربعة وسبعين عاماً، على يد مؤسِّسها العظيم جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، كان حدثاً تاريخياً جليلاً وحَّد عدداً كبيراً من أقطارها في كيان شامخ متَّحد واحد اسمه: المملكة العربية السعودية.
وكان كبارنا ممن حضروا هذا الحدث يقولون لنا: إنه لو لم يكن للملك عبد العزيز من إنجاز غير توحيده للجزيرة العربية لكفى؛ لأن البديل لهذا التوحيد كان أن تبقى هذه البلاد المترامية الأطراف خمس دول تتقاذفها أهواء السياسة من كل جانب، وتتجه إلى كل صوب. والملك عبد العزيز كان يعلم بثاقب رأيه، وبالمشورة الجيدة التي كان يحرص على الاستفادة منها من كبار المستشارين الذين أحاط بهم نفسه، كان يعلم أن التوحيد هو البداية الأساسية، وليس الغاية النهائية. وباستثناء الحرمين الشريفين وبعض المدن القليلة الأخرى فلم تكن في المملكة الجديدة المترامية الأطراف أي مرافق حديثه ألبتة؛ أي مرافق تساعدها على تحقيق النهضة التنموية في أي مرفق من المرافق. وقبل تدفق البترول حاول الملك عبد العزيز جهده لتأمين مستلزمات هذه المرافق بقدر ما كانت تسمح به الظروف المالية والاجتماعية السائدة آنذاك.
ولكنه بعد تدفُّق البترول استطاع الملك عبد العزيز ومن بعده أبناؤه الكرام إنشاء تلك المرافق من مدارس وكليات وجامعات وطرق واتصالات ومنشآت متنوعة تلبي متطلبات الدولة الحديثة في كل مناحيها، يراها الجميع بارزةً للعيان.
وبقي بعد ذلك التطوير الاجتماعي والإداري والسياسي، وهي أعمال يقوم الخبراء بدراساتهم فيها لتطويرها بكل ما تتطلبه دولة دستورها القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الشريفة.
* رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والصناعية |