Friday 24th September,200411684العددالجمعة 10 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "اليوم الوطنـ74ـي"

العهد والوفاء في أحاديث الأبناء العهد والوفاء في أحاديث الأبناء
الملك عبدالعزيز في كلمات فهد وعبدالله ومشعل وسلطان وسلمان

  كتب المؤرخون والكتاب والأدباء ورجال الصحافة وعامة الناس عن مؤسس هذا الوطن الملك عبدالعزيز ما يتسع لمجلدات ضخمة، ولكن أن يتحدث عنه أقرب الناس إليه شيء آخر.. أبناؤه الذين نشأوا وتعلموا وتربوا في مدرسته.. أبناؤه الذين رأوا منه ما لم يره غيرهم من الناس - أبناؤه الذين أعدهم ليرثوا عنه أمانة هذا الشعب وهذا الوطن المترامي الأطراف، فحملوها بصدق وإخلاص وساروا على دربه ونهجه القائم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لا يخرجون عنها، ولا يهمهم من خالفهم فيها، يعيشون من أجلها ويموتون في سبيلها.
وفيما يلي نقدم مقتطفات مما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو الأمير مشعل بن عبدالعزيز وسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض.
الملك عبدالعزيز في كلمات
خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبدالعزيز
في كلمة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمناسبة احتفالات المملكة بالذكرى المئوية لتأسيسها يوم الجمعة 5 شوال 1419هـ الموافق 22 يناير 1999م قال - حفظه الله -: الملك عبدالعزيز - رحمه الله - من عباد الله الذين أسبغ عليهم فضله، فوفقه ليكون ناصراً لدينه وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، سلاحه التقوى والسمعة الحسنة التي غرسها آباؤه خلال سنوات حكمهم وأورثها لأبنائه من بعده.
وعندما بدأ الملك عبدالعزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان، كان يضع نصب عينيه السير على منهج آبائه، فأسس دولة حديثة قوية، استطاعت أن تنشر الأمن في أرجائها المترامية الأطراف، وأن تحفظ حقوق الرعية، بفضل التمسك بكتاب الله - عز وجل - وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أعلن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - تأسيس دولته، فقال بصدق وجلاء: (إن فخرنا وعزنا بالإسلام، وكل همي موجه لإعلاء كلمة الدين، وإعزاز المسلمين، سنبقى مثابرين - أنا وأسرتي - على هذه الخطة إلى ما شاء الله ولن نحيد عنها قيد شعرة، بحول الله وقوته، ومن الله نسأل التوفيق والهداية).
وأجاب الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على المشككين، والذين وصفوا الدولة السعودية ودعوتها بالوهابية، بقصد الادعاء بأنها مذهب جديد في الإسلام، فقال: (يقولون: إننا وهابيون، والحقيقة أننا سلفيون محافظون على ديننا، نتبع كتاب الله، وسنة رسوله، وليس بيننا وبين المسلمين إلا كتاب الله وسنة رسوله).
استطاع الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في خضم الصراع الدولي، أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، أن يجنب بلاده وشعبه ويلاتهما، كما تميزت سياسة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بنصرة قضايا استقلال الدول العربية والإسلامية والوقوف إلى جانبها بكافة الوسائل والإمكانات.
وضوح المنهج
تحدث خادم الحرمين الشريفين عن الملك عبدالعزيز في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الاثنين 15 شوال 1419هـ، فأعاد إلى الأذهان ذلك اليوم التاريخي المشهود حين استعاد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود في الخامس من شهر شوال قبل مائة عام مع نفر من رجاله المخلصين مدينة الرياض ليعيد رحمه الله صياغة التاريخ في شبه الجزيرة العربية منطلقاً إلى تأسيس المملكة العربية السعودية التي تعود جذورها إلى حوالي مائتين وستين عاماً منقذاً هذه البلاد من حالة التمزق والفرقة إلى الوحدة والتآلف والتآخي والتآزر والالتزام بالمنهج الإسلامي القويم.
وعرض الملك فهد جهود الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - في نشر الأمن والأمان في البلاد بعد أن وحد أرجاءها وسعى بجهد المخلص الواثق رغم محدودية الإمكانات في بناء الدولة ورقيها في شتى الميادين وتحقيق الرخاء والرفاه لشعب المملكة.
أكد حفظه الله أن احتفاء المملكة العربية السعودية بمرور مائة عام على تأسيسها هو رمز وفاء وعرفان لجلالة المؤسس الملك عبدالعزيز وتذكير بما قام به من عمل بطولي كان نواة لواقعنا المعاش الآن وفرصة لقراءة التاريخ مراراً لاستخلاص الدروس المستفادة وكذا التعريف بما كانت عليه المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، وما صارت إليه الآن من تقدم وازدهار لم يكن ليتأتى لولا فضل الله وتوفيقه ثم لعبدالعزيز ورجاله الأوفياء.
قال خادم الحرمين الشريفين: إن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله أرسى لهذه البلاد منهجاً واضحاً قويماً منطلقه الالتزام بالشرع الحنيف في كل شؤون البلاد وأقام الهجر لتوطين البادية واهتم رحمه الله بالتعليم والزراعة وإدارة شؤون البلاد بطريقة علمية حديثة وجعل رحمه الله نصب عينيه أمن وطمأنينة الحجيج والعمل على تيسير سبل الحج وهو ما وفقه الله إليه عبر الأعمال العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وتوفير الأمن والأمان والطمأنينة لقاصديهما.
وأوضح الملك فهد بن عبدالعزيز أن الملك المؤسس رحمه الله بذل قصارى جهوده في سبيل خدمة الإسلام ونصرة المسلمين ودعم قضاياهم في كل مكان من العالم ونشر الدعوة الإسلامية الصحيحة ودعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وانتهج سياسة خارجية معتدلة بالتضامن مع الأشقاء واحترام الأصدقاء وتكثيف التعاون البناء.
الإسلام خيارنا
وفي كلمة للملك المفدى - حفظه الله - خلال افتتاحه الدورة الثالثة لمجلس الشورى يوم الاثنين 12 ربيع الأول 1422هـ في قصر السلام بمحافظة جدة قال فيها: (.. فليس عبثاً أن اختار مؤسس هذا الكيان الشامخ جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله - الشورى الإسلامية أسلوباً للإسهام في إدارة شؤون البلاد والعباد في وقت كانت فيه المذاهب الفكرية والأنظمة الوضعية تقترح البشرية صيغاً مختلفة لتنظيم العلاقات بين طبقات المجتمع وفئاته.
لم يكن خياره رحمه الله سوى شريعة الإسلام وكان ذلك تأكيداً لإيمانه واعتزازاً بخدمته للمقدسات الشريفة واعتداداً بولايته على الأرض التي نزل الوحي فيها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانطلقت منها الرسالة المحمدية وقدمت للبشرية حضارة الإسلام التي احترمت الإنسان المكلف بعمارة الأرض والحفاظ عليها، ومن هذا المبدأ انطلق جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله في منهجه في الحكم فكان هدفه منذ أن بدأ مشروعه التاريخي في وحدة البلاد ومنذ أن شرع تحقيق طموحه الحضاري في البناء أن يضمن لشعبه الأمن والاستقرار اللذين بدونهما لا تتحقق التنمية وبغيرهما لا مستقبل مشرق للأجيال.
ومن هنا كانت مواقفه النيرة من أجل دعم الجهود المبذولة لتحقيق السلام العالمي في كل مكان ولقد ظلت بلادنا ولله الحمد وفية لمنهج الملك عبدالعزيز في حكمه في الداخل وفي علاقاته بالخارج وهو منهج مستمد من تعاليم الدين الحنيف والعقيدة التي جاهد وناضل من أجل تثبيتها..).
الملك عبدالعزيز في كلمات سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز
رأى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني أن المعجزة التاريخية على أرض الجزيرة العربية قد تحققت بفضل من الله ثم بعبدالعزيز ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكانت الوحدة ثمرة ذلك الكفاح العظيم.
وقال سموه في كلمة ألقاها مساء يوم الأحد 25 من ذي الحجة 1419هـ - 11 من أبريل 1999م خلال حفل أهالي المنطقة الشرقية احتفاء بزيارة سموه للمنطقة: من شواطئ بحرنا الأحمر إلى ضفاف خليجنا العربي جئنا والتاريخ والإنسان ووحدة النفس والأرض والهدف متاعنا في رحلة عمرها في نبضات الزمن خفقات الرجال وجرأة الشجعان وخشية الموحدين آنذاك على آمال عظام سكنت قلوبهم يوم كانوا على هذه الضفاف وكيف لا يكون هذا ورياضهم يتردد نداؤها في آذانهم شوقاً واغتراباً وحسرة.
يومها كان للنداء ملب.. وللجراح دواؤها.. وكان فرج الله الذي خطا به عبدالعزيز خطواته الأولى على أرض الجزيرة العربية عزماً وثباتاً وإيماناً بأن الشهادة حق والنصر حق وما بينهما مساحة لا يتجاوزها إلا من ودع أهله وداع المفارق طلباً للنصر أو الشهادة.
يومها سعى عبدالعزيز ليسترد ميراث آبائه وأجداده حاملاً لواء كلمة التوحيد خفاقة في آفاق لا حدود لها.
فبالله ثم عبدالعزيز ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه تحققت المعجزة التاريخية على أرض الجزيرة العربية فكانت الوحدة ثمرة ذلك الكفاح العظيم فهنيئاً لنا مئوية التوحيد أمناً واستقراراً ورفعة وعطاء.
ستبقى ذاكرة التاريخ نشطة متيقظة وسيبقى الأمس معنا نأخذ منه دروساً لحاضرنا ومستقبلنا فأمانة الأمم ليست حرزاً يغلق عليه بل معطيات يضاف عليها.
أقول ذلك أيها الكرام لنستمد العبر من أحداث الماضي ونقرأ التاريخ وأحداثه ومتغيراته ونأخذ منه المواقف أو حتى قراءتها، بعيداً عن عقل الأمة ومصالحها العامة فلا مكان لرأي أو عمل قاصر في الرؤية ولا قبول أو استجابة أو مهادنة لمن قدم مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن والشعب.
إنه لشرف عظيم أن أكون مواطناً قبل أن أكون مسؤولاً وشرف كهذا كلنا شركاء فيه ونفخر به مهما تباعدت بقاعنا الجغرافية أو تعددت جذورنا أو اختلفت مذاهبنا طالما أن كلمة التوحيد هي شرعيتنا ومنهجنا.
لذلك علينا أن نحافظ على هذا الشرف وذلك العطاء ولا نجعل بيننا منفذاً لحقد ولا مدخلاً لحسد ولا موقعاً لشامت كاره.
فلن تهدأ نفوس الحاقدين الكارهين ولن تقر لهم عين إلا حين يروننا قد عدنا إلى الشتات والعوز ولكن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله وسيبقى هذا الوطن شامخاً بالله ثم بكم ولو كره الكارهون.
رمز خالد
وفي برقية جوابية بعثها سمو ولي العهد إلى الأمير بدر بن عبدالعزيز رداً على برقية سموه المرفوعة بمناسبة الذكرى المئوية للمملكة قال سمو الأمير عبدالله: نحمد الله العلي القدير على نعمه التي لا تحصى وأولها نعمة الإسلام التي ألفت القلوب والنفوس تحت راية حمل لواءها رجل عظيم أسند منكبيه على شرعية الحق وواجه التاريخ بإرادة القوي المؤمن بقدر الله فخطا خطواته الأولى إلى قلب الأحداث بعزيمة قطعت خطوط الرجعة واستقبلت قدرها نصراً أو شهادة في سبيل الحق والشرعية فكان النصر حليف من كبر وهلل لله العزة وبه التمكين.
وأضاف سموه: واليوم يبقى عبدالعزيز رمزاً منتصباً على هامة التاريخ مشيراً بسبابته إلى كل رجاله المخلصين الموحدين لله جل جلاله.
الملك الأب
ومما قاله صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في الملك عبدالعزيز - رحمه الله-:
(.. إن أثبت الذكريات في ذهني عن المغفور له الملك عبدالعزيز إيمانه العميق بالله وثقته بأهداف شعبه، وصلابته الفذ، وحكمته في رسم الخطوات وتنفيذها باتجاه الهدف. وبقدر ما تميز به رحمه الله بالصلابة، ومجابهة أقسى الظروف بقلب واثق بالنصر فقد كان في نفس الوقت أباً بكل ما تحمل هذه العبارة من معاني العطف والمحبة والإيثار. إنه لم يكن أباً لأسرته فقط بل لكل أبناء شعبه الوفي).
الملك عبدالعزيز في كلمات سمو الأمير مشعل بن عبدالعزيز
تحدث صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز عن والده جلالة الملك عبدالعزيز في مناسبة المئوية قائلاً: إن ذكرى مرور مائة عام على تأسيس هذا الكيان تبعث في نفوسنا الفخر والاعتزاز للجهود العظيمة والكفاح المرير والنضال الطويل الذي بذله على كتاب الله وسنة رسوله.
وقال: إن التاريخ لن ينسى المواقف البطولية والجهاد العظيم للملك عبدالعزيز الذي حقق وحدة لا نظير لها في التاريخ.
أزهد الناس
كما تحدث صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز عن بعضٍ من جوانب حياة والده الملك عبدالعزيز وذلك من خلال حديث أجري مع سموه في صحيفة (الجزيرة) في عددها 10311 الصادر يوم الخميس 25 رمضان 1421هـ وفيما يلي جزء من حديث سموه:
* ماذا عن حياة والدكم الملك عبدالعزيز رحمه الله في رمضان؟
- هذا الرجل ليس والدي فقط بل والدنا جميعاً وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا التجمع الكبير على يده - رحمه الله - بعدما كنا قرى متناثرة وإمارات متقطعة لا وجود لها، وأراد الله أن يكون هناك توحيد لهذا البلد على يد المؤسس - رحمه الله - ولحكمة ثانية أن الله جعل في هذا البلد الحرمين الشريفين وتحديداً في مكة المكرمة والمدينة المنورة وهما شرف كبير لأنهما منبع الوحي ومنبع الإسلام وقبلة المسلمين وبهما بيت الله الشريف وكذلك مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن الله سبحانه وتعالى جعل الرزق لهذا البلد في المنطقة الشرقية فقد أعطانا البترول والنعمة التي نحن نعيش فيها مع التمسك بعقيدتنا وهي أساس دوام حكومتنا وعزتها ولا عزة ولا شرف إلا بالتمسك بكتاب الله عز وجل وهذا ما اتبعه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فقد أطاع الله فهيأ الله له كل شيء.
وهذا الرجل نطق بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله وسعى للم الشمل وهذا حصل بإذن الله والحمد لله وهذا كله بفضل الله ثم بفضل هذا الرجل.
أما حياته فأستطيع أن أقول إنه زاهد بحق بدون مظاهر الدنيا سواء من ناحية المادة والمزارع والعقارات أو من ناحية أي شيء آخر، فقد كانت نيته لله خالصة وهو أن يفعل خيراً وكيف يحافظ على هذا البلد وكيف ينفذ أحكام الله وكانت حياته زهداً ومسكنه زهداً وهكذا ظلت حياته - رحمه الله-.
رأي الملك عبدالعزيز في التعدد
* تزوج الملك عبدالعزيز عدداً من النساء رحمه الله هل تؤيدون سمو الأمير التعدد؟
- التعدد لم يشرعه الملك عبدالعزيز وإنما شرعه الله ونحن متمسكون بهذا الكتاب إلى الآن ومتمسكون بسنة محمد صلى الله عليه وسلم وهذه ليست بدعة، لقد اتبع الملك عبدالعزيز ما أمر الله به وهو لم يخرج عن طاعة الله وأنا أؤيد التعدد.
* صف لنا مشعل بن عبدالعزيز؟
- هو شخص عادي غير مثقف ولكنني تثقفت من مدرسة الملك عبدالعزيز - رحمه الله-.
* وهل كان الملك عبدالعزيز حريصاً على تعليمكم؟
- جداً.. كان الملك عبدالعزيز حريصاً على تعليمنا وخصوصاً القرآن والعقيدة ولكن نحن الذين فرطنا، كان - رحمه الله - يحرص على الصلاة وحثنا عليها رغم أننا في ذلك الوقت لم يكن لنا طموح للدراسة ولكننا بفضل الله عز وجل ثم بتوجيه ذلك الرجل العظيم الملك عبدالعزيز أصبحنا نقرأ ونكتب.
* سموكم عملتم في خدمة الدولة فما المناصب القيادية التي توليتموها؟
- أعتز بأني خدمت تحت راية الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهو مدرسي وموجهي في عنفوان شبابي.
* أبرز حدث في حياتك لا تنساه؟
- موت والدي الملك عبدالعزيز - رحمه الله _.
الملك عبدالعزيز في كلمات سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز
كان لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام حديث عن الملك عبدالعزيز في لقاء أجرته معه (رسالة معهد الإدارة) وقد شمل الحديث جوانب متعددة من إنجازات الملك عبدالعزيز وملامح شخصيته.. وما جاء فيه:
* تربيتم على يد والدكم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وتأثرتم بخلقه وحكمته وشخصيته كأب وكقائد عظيم، كيف تصفون مدى تأثركم بشخصيته؟
- الملك عبدالعزيز -رحمه الله - كان مثالياً في عمله وتعامله وكان - رحمه الله - حريصاً على التوجيه والإرشاد، ولذا حرص الجميع ممن حوله على الاستفادة منه في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والإدارية، ويمكن إجمال أبرز الجوانب التي حرص عليها - رحمه الله - فيما يلي: مراقبة الله في السر والعلن، الصدق في التعامل، والنظر إلى ما فيه مصلحة الآخرين.
* كيف كان -رحمه الله - يتعامل مع أبنائه كرجال سيتحملون مسؤولية القيادة الإدارية في المملكة؟
- كان رحمه الله مدركاً أهمية تنمية القدرات الإدارية، ولذا كان يمارس ذلك من خلال ثلاثة محاور: التوجيه، المشاهدة، الممارسة.
التوجيه: بما يبديه من نصائح وإرشادات، وبما يذكره من الدروس المستفادة من تجاربه وتجارب الآخرين.
المشاهدة: ذلك أنه كان حريصاً على أن يحضر أبناؤه مجالسه، التي تشهد العديد من المناقشات في مختلف الاتجاهات والشؤون، والتي يلتمس منها حاجات الدولة وحاجات المجتمع، وكيفية العمل على الاستجابة لتلبية هذه الحاجات.
الممارسة: وذلك بالمشاركة في بعض الأعمال والمهام الإدارية تحت إشرافه - رحمه الله.
* ماذا كان يتمنى لك أن تكون؟
- كان - رحمه الله - يحب أن يرى أبناءه عاملين بما يرضي الله ورسوله، مدركين أهمية القيام بمصالح هذه البلاد وشعبها الكريم وجميع المسلمين.
* كيف تصفون أسلوب الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في الإدارة والحكم؟ وهل يمكنكم إيجاز فلسفته في ذلك؟
- كان للملك عبدالعزيز أسلوبه المتميز في الإدارة، ويمكن إيجاز ذلك في أنه كان يعتمد على البساطة في الإجراءات الإدارية، والاستناد إلى مشاورة أهل الاختصاص، واختيار الرجل المناسب للقيام بالمهام الإدارية، والاستفادة من تجارب الآخرين ومن الأساليب العلمية الحديثة في الإدارة، حيث إنه ينظر إلى الادارة على أنها علم من العلوم الإنسانية التي تقبل التطور.
* كيف كان - رحمه الله - يتعامل مع المسؤولين الإداريين في جهاز الدولة؟ وهل تذكرون موقفاً من مواقفه التي تصف أسلوبه في التعامل معهم؟
- كان - رحمه الله - حريصاً على أن يتحدث مع المسؤولين الإداريين، ويزودهم بالنصائح الخاصة، ويوضح لهم المهام المتعلقة بعملهم، ولهذا فإنه منذ توحيد المملكة حرص على وضع القواعد التي تنظم الأعمال الإدارية، فمثلاً أصدرت الدولة قواعد لتنظيم مختلف شؤون الدولة سميت (التعليمات الأساسية) في عام 1345هـ، ونشرت بجريدة (أم القرى)، وتضمن القسم السابع منها الاحكام والقواعد التي تتعلق بشؤون الموظفين، أما الموقف الذي أحب أن أسجله للملك عبدالعزيز، فهو ما تضمنته وصيته للملك سعود - رحمه الله - الذي كان ولياً للعهد آنذاك، والتي تتعلق بإدارة شؤون الدولة يحث أوصاه بتقوى الله، والمحافظة على ما يرضيه، والأخذ بمكارم الأخلاق، ومعاملة الناس بالعدل والإحسان، وأنه لا أعدل من شرع الله عز وجل، وضرورة مشاورة أهل الاختصاص في كل مجال حتى تتبين الأمور ورعاية مصالح المسلمين.
* ماذا كان طموحه - رحمه الله - أو رؤيته المستقبلية للتطور الإداري في المملكة العربية السعودية؟
- كان - رحمه الله - يتعامل مع الظروف المحيطة به بحكمة، ويدير أمور البلاد بسياسة مرنة، وكان يطمح إلى كل ما من شأنه تيسير أمور عامة شعبه، وما يحفظ لهم دينه ومصالحهم، وأن يرى هذا البلد متقدماً في جميع المجالات، ولهذا فقد رأيناه يهتم بالتعليم ونقل التقنية والتصنيع والزراعة وغير ذلك.
* ماذا كان يقلقه - رحمه الله - في مجال الإدارة والحكم؟ وهل انتقل إلى رحمة الله وفي نفسه شيء لم يستطع تحقيقه؟
- كان من أهم ما يقلقه أن يتعامل بعض الموظفين الذين لهم ارتباط مباشر بالعامة بطريقة لا تخدم مصالحهم، أو تقف عائقاً أمام رفع مطالباتهم، وكل ما يتعلق بشؤونهم إلى مقامه - رحمه الله - لذا فقد أصدر تعميمه الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية آنذاك، بأن كل من له مطالبة أو شكاية يريد أن يرفعها إليه فلا يتردد في ذلك، وتسهل له الأمور في كافة مدن المملكة.
- أما عن سؤالك (هل كان في نفسه شيء لم يستطع تحقيقه)؟ فجوابه نعم، لأن الملك عبدالعزيز كانت لديه الآمال الكثيرة والكبيرة التي تتعلق بشعبه الكريم، وجميع المسلمين في أنحاء العالم، وقد أدركه الأجل - رحمه الله - وهو يعمل على تحقيق آماله (1)
رجل الجزيرة القوي
وفي الاحتفال الذي شرفه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام بعد ظهر يوم السبت 13 من شوال 1419هـ 30 يناير 1999م للقطاعات العسكرية بالمنطقة الشرقية بمدينة الملك فهد العسكرية بالظهران بمناسبة مرور مائة عام تأسيس المملكة ارتجل سموه كلمة بهذه المناسبة المئوية قال فيها:
إن المملكة العربية السعودية في هذه الأيام المباركة لتسعد سعادة كبرى بتوحيد الجزيرة العربية التي لم تتوحد إطلاقاً في أي وقت مضى إلا على يد مؤسس هذه الجزيرة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إن توحيد الجزيرة لم يتأت بالخطابات أو المفاوضات ولكن أتى بالنية الصادقة لله سبحانه وتعالى وتقويم الشريعة الإسلامية وتطبيقها عملاً وقولاً ثم النضال نضال الأشاوس الرجال الذين يغارون على دينهم وخدمته، وتطهير البلاد من كل رجس ولذلك توحدت الجزيرة وتأمنت السبل واستقام ركن من أركان الإسلام بأقدس بقاع العالم مكة المكرمة والمدينة المنورة (1).
قوة الايمان
وفي كلمة سموه التي ألقاها في حفل البرنامج الثقافي لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران مساء يوم الأحد 14 شوال 1419هـ.. قال سموه:
منذ مائة عام هيأ الله لبلادنا ذلك الرجل العبقري الفذ جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - فوفقه وأعانه ليأخذ بيد أمته ويضع قدمها على مسار التاريخ وفي مكان الصدارة بعد أن كانت بعيدة عن الأحداث لا تعيشها ولا تعايشها فضلاً عن أن تسهم في صنعها.
إن الذكرى المئوية لدخول الملك المؤسس مدينة الرياض واسترداد ملك آبائه وأجداده تفوق في معناها كل المناسبات فهي ذكرى إنقاذ بلا من الفقر والتشتت والضعف والتحول إلى دولة فتية هي المملكة العربية السعودية.
خرج الفارس حاملاً عقيدة ثابتة كانت مصدر قوته،هذه العقيدة هي دعوة إلى التوحيد والوحدة والعلم فأقام تحت نسيج هذه العقيدة كياناً كبيرا لوطن عظيم نتفيأ ظلاله.
وحتى تتضح الصورة لابد أن ندرك الزمان الذي خرج فيه الملك عبدالعزيز لقد كان زماناً تقع فيه معظم البلاد العربية والإسلامية تحت سيطرة الاحتلال وكلما أدار المرء بصره شرقاً أو غرباً، شمالا أو جنوباً كانت تصطدم رؤيته بأعلام أجنبية ومع ذلك فلم يتوان أو تتواضع إرادته.
خرج مع نفر قليل من رجاله في حدود الستين رجلاً بتصميم وإرادة وعزم وإقبال فكتب الله النصر لذلك الفارس.
لقد أثر عنه - رحمه الله - قوله: (البيت السعودي بيت دعوة) وهذا شعار طبقه - رحمه الله - ويسير عليه أبناؤه من بعده وسيظل مصدر إلهام إن هذا الشعار مصدر قوة وتفرد، وهذا الشعار يذكي الحماس في النفوس ويدعم العلاقات بين أفراد المجتمع ويهيئ للمزيد من التكامل والتكافل.
لقد كان - رحمه الله - مربياً حكيماً وراعياً عادلاً يتقي الله ويخشاه يقرب منه أهل الصلاح والصدق وكان يتمثل بقول الشاعر القديم الأفوه الأودي:
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولت فبالأشرار تنقاد
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وكان إيمان الملك عبدالعزيز بأهمية العلم إيماناً لا يرقى إليه الشك وكانت معركة العلم تدور في زمانه حول استخدام المخترعات الحديثة مثل اللاسلكي والسيارة.
والعلم كما كان يراه هو ذلك العلم الذي يقع في إطار الإسلام أي أنه علم مشروط بعدم التعارض مع العقيدة وأثر عنه قوله: (إننا لا نبغي التجدد الذي يفقدنا عقيدتنا وديننا).
كان همه الأول حماية مصلحة شعبه وبلاده فلم يغامر ولم يتجاوز وفي الوقت نفسه لم ينسحب وينكمش بل كان يتعامل مع الدول تعامل الند مع الند ومبادراته للتعاون الدولي يشهد بها. إن المملكة العربية السعودية من الدول التي وقعت على ميثاق إنشاء هيئة الأمم المتحدة أي أنها دولة مؤسسة وكانت ثالث دولة يوقع قائدها الملك عبدالعزيز على ميثاق إنشاء اليونسكو - منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم.
والمتتبع لمبادراته ورسائله مع زعماء العالم حول قضايا فلسطين يدرك قدرته الفذة على التعامل مع الأحداث. لقد كان سابقاً لزمانه في رؤاه في سياسته الداخلية كما هي في علاقاته الخارجية فلننظر إلى بعض الأمثلة الدالة التي من أبرزها:
1- إدارته لمعركة توحيد أجزاء البلاد وهذه تحتاج إلى شرح طويل لكنها معركة دامت أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
2- إقامة الهجر وتوطين البادية من أجل العلم والعمل والكسب.
3- نظرته إلى الوظيفة الحكومية وأن الموظف في الحكومة ماهو إلا خادم للشعب ومسهل لأمورهم وليس له أن يتعالى أو ينطلق في التعامل معهم من منطلق سلطوي.
4- نظرته إلى الثروات الطبيعية وحين تم اكتشاف الزيت وقع اتفاقية الامتياز نيابة عنه وزير ماليته وطلب من المواطنين أن يسهموا في أسهم الشركة وخطابه التعميمي الموجه إلى شعبه شاهد على ثاقب بصيرته.
هذه أيها الإخوة وأيها الأبناء.. لمحات عن هذه المناسبة وعن هذا البطل الذي أوجد هذا الكيان والذي مهما طال الحديث عنه يبقى قاصراً.
أيها الإخوة وأيها الأبناء.
لقد ترك الملك عبدالعزيز إرثاً نحرص جميعاً على بقائه والمحافظة عليه. وفي هذه المناسبة الغالية أحب أن أذكر أن محبة عبدالعزيز والوفاء له يقضيان بارتفاع البناء الذي أقام واستمراره إن شاء الله وأن يحرص كل فرد منا على الإخلاص في عمله والبروز فيه والارتفاع به إلى ما يرفع شأن المملكة ويعليها.
رجل عمل وصلة الرحم
بعد ذلك جرى حوار مفتوح مع سمو النائب الثاني حول مسيرة جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ومنجزاته:
وفي إجابة عن سؤال عن عفو جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عند الاقتدار والتي تعد واحدة من مزاياه قال سموه: إن الله سبحانه وتعالى وفق الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ليقوم على خدمة هذا الدين ويحقق كل ما يصبو إليه شعبه الكريم ويوحد هذه البلاد التي جعلها الله سبحانه وتعالى حاضنة للحرمين الشريفين وجعل عليها مسؤولية كبرى وكان من خصاله - رحمه الله - العفو عند المقدرة ومن خصاله صلة الرحم ومن خصاله الشورى المباشرة مع كل زائر حاضرة أو بادية.
ومضى سموه قائلاً: (كان - رحمه الله - يباشر عمله ليل نهار يجلس أربعة مجالس في اليوم مجلس للسلام ومجلس للاستشارة ومجلس لأبناء عمومته ورجال بلاده يسمع منهم ويقول لهم ويأخذ منهم ويستخير الله سبحانه وتعالى ويتكل عليه ويعمل ما يراه في صالح البلاد والعباد، كان ينام الليل إلا قليلاً وآخره صلاة وعبادة الله سبحانه وتعالى وبعد الفجر تلاوة الذكر حتى تطلع الشمس، كان لا ينام أكثر من أربع ساعات أو خمس ساعات هي كل ليله ونهاره وكان يعتمد على الله سبحانه وتعالى في كل أموره صغيرها وكبيرها).
وتابع سموه يقول: (كانت البادية تحضر إليه للسلام عليه - رحمه الله - وتبادل الأحاديث معه وكان يكرمهم ويعطيهم ما يجود به وكان الناس يسيرون بطريقة منتظمة.. الآن أكثر الدول في العالم التي تريد أن تنتظم في قواعدها ونظمها تعيد النظر فيما كان يعمله الملك عبدالعزيز في تاريخ حياته مع شعبه صغيرهم وكيبرهم).
وقال سموه متابعاً: نجده الآن يؤخذ منه القليل ولم تمارس منه الكثير وكان مع الشعب ليلاً ونهارا لا يفرق بين صغير وكبير ولا يفرق بين ابنه ولا ابن الآخر فكلهم أبناؤه وكلهم إخوانه والحق من الضعيف حتى يعطى حقه والحق للصغير حتى يكبر وكان مربياً عظيماً في كل تصرفاته وهذه من خصاله - رحمه الله - والتي أستطيع أن أذكرها(1).
الملك عبدالعزيز في كلمات سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز
تحدث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أمير منطقة الرياض في مناسبة افتتاح مؤتمر المملكة في مائة عام قائلاً:
ونحن إذ نحتفل بعبدالعزيز نحتفل به رمزاً لبناء وتوحيد هذه المملكة العربية والتي هي أصل العرب في هذه الجزيرة العريبة وهي مهبط الوحي ولذلك نرى أن الاحتفاء هذا ليس احتفاء برجل فقط بل احتفاء بوحدة عريبة وبدولة إسلامية في هذه البقعة الطاهرة المباركة (1).
نور الهداية
ولسموه رؤية أخرى حول استعادة الملك عبدالعزيز للعاصمة الرياض واستلهامه - رحمه الله - بنور الهداية حيث قال في مقال كتب بمجلة (أمانة مدينة الرياض).
لقد استلهم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - نور الهداية وإشراقات المجد من دولة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وسار على نهجها في توحيد وبناء المملكة العربية السعودية، ثم حمل الأمانة من بعده باقتدار وأبناؤه الملك سعود والملك فيصل والملك خالد - رحمهم الله - والملك فهد - حفظه الله - (2).
الغيرة لله
وفي هذا الجزء يتحدث سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز عن جوانب عرفها في المليك المؤسس حيث يقول:
(... لم يكن المغفور له الملك عبدالعزيز أبا لأبنائه فقط بل كان أباً لكل فرد من أفراد شعبه، وذلك بحسن معاملته وعطفه).كان يراقب الله في جميع تصرفاته وأعماله، ويلجأ إليه في الملمات والكروب، ويسأله النصر والعون والتأييد.
كان شديد الغيرة لمحارم الله، وهيناً ليناً عند مقابلة الضعفاء، إلى جانب ذلك كان مؤمناً صادق الحس دائماً، شديد المراس، كما اشتهر بالعزم وعدم التردد، وخصوصاً في القضايا المصيرية، وقد تمكن من إبقاء مملكته مستقلة عن نفوذ الدول الكبرى في وقت كانت أغلب البلدان تخضع فيه للاستعمار(3).
الالتزام في كل شيء
وكتب سموه في العدد الخامس من نشرة المئوية في 5 شوال 1419هـ عن جهود والده في تأسيس مجتمع موحد يسوده الرخاء والاستقرار متمسك بالشريعة الإسلامية.
وقال: إن الإسلام أكبر نعمة أنعمها الله على الأمة، واستحضار هذه الحقيقة في كل عمل مخلص هو قمة الوعي بها، ومن ثم الدفاع عن مقوماتها ولقد أدرك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - عظمة هذه النعمة الإلهية، وعمل على تمثلها في نفسه، فجعل الإسلام نبراساً له في كل أعماله، وحقق أهدافه السامية المتمثلة في التمسك بالعقيدة وتطبيق الشريعة الإسلامية والدفاع عنها ونشر الأمن وتأسيس مجتمع موحد يسوده الرخاء والاستقرار.
ولقد كان استرداد الملك عبدالعزيز للرياض في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ - 1902م اللبنة الأولى في تأسيس المملكة العريبة السعودية، في حين تعود جذور هذا التأسيس لى مئتين واثنين وستين عاماً عندما تم اللقاء التاريخي بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - عام 1157هـ - 1744م فقامت بذلك الدولة الإسلامية، ثم جاءت الدولة السعودية الثانية التي سارت على الأسس والمبادئ ذاتها.
وعندما بدأ الملك عبدالعزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان، كان يضع نصب عينيه السير على منهج آبائه، فأسس دولة حديثة قوية، استطاعت أن تنشر الأمن في أرجائها المترامية الأطراف، وأن تحفظ حقوق الرعية، بفضل التمسك بكتاب الله - عز وجل - وبنسبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وامتد عطاؤها إلى معظم أرجاء العالمين العربي والإسلامي، وكان لها أثر بارز في السياسة الدولية بوجه عام، بسبب مواقفها العادلة والثابتة، وسعيها إلى السلام العالمي المبني على تحقق العدل بين شعوب العالم.
وجاءت عهود بنيه من بعده الملك سعود والملك فيصل والملك خالد - رحمهم الله - وخادم الحرمين الشريفين حفظه الله امتداداً لذلك النهج القويم.
وفي الخامس من شهر شوال عام 1419هـ - 22 يناير 1999م شهد التاريخ مرور مائة عام على دخول الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الرياض وانطلاق تأسيس المملكة العربية السعودية، عبر جهود متواصلة من الكفاح والبناء، نقلت هذا الوطن وأبناءه من حال إلى حال، وصنعت بتوفيق - الله تعالى - وحدة حقيقية على أساس الإسلام، ملأت القلوب إيماناً وولاء، وجسدت معاني التلاحم التاريخي بين الشعب وقيادته في مسيرة تاريخية.
إن استحضار أحداث ذلك اليوم في نفوس أبناء المملكة عون على شكر الله على نعمه، وتذكير بأن هذه البلاد - التي قامت فيها الدعوة والدولة معاً -
لا تزال وفية لعهد أجيال التأسيس والتوحيد، مستمدة منهجها في الحياة من كتاب الله وسنة نبيه (4).
إنجازاته تشهد له
كما أوضح سمو أمير منطقة الرياض أن كلمة التوحيد هي الأساس الذي قامت عليه هذه البلاد واتخذته شعاراً لها ومنهجاً لحياتها وأساساً لنظامها.
وقال: لقد أكد ذلك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حين دخل مدينة الرياض في الخامس من شوال سنة 1319هـ استمراراً للمنهج الذي سار عليه آباؤه وأجداده المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأكد سموه الكريم خلال تقديمه لدليل مشاركات الجهات الحكومية بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية الذي أصدرته الأمانة العامة للاحتفال المئوي أكد أن فكرة الاحتفال جاءت تأكيداً لاستمرار المنهج القويم الذي سارت عليه المملكة والمبادئ السامية التي قامت عليها، رصداً لبعض الجهود المباركة التي قام بها المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في سبيل توحيد المملكة عرفاناً لفضله ووفاء بحقه وتسجيلاً لإبراز المكاسب والإنجازات الوطنية التي تحققت في عهده وعهد أبنائه خلال المائة عام، والتعريف بها للأجيال القادمة (5).
المؤسس والتمسك بكتاب الله
وفي كلمة لسموه بمناسبة رعايته الحفل الختامي للمسابقة المحلية على جائزة سموه الكريم لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات يوم 25 من ذي القعدة 1419هـ تحدث سموه عن تمسك الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بكتاب الله وسنة رسوله في جمع الشمل وتوحيد هذه البلاد.
وقال: إن هذه الدولة التي قامت على الدعوة لكتاب الله وسنة رسوله هي الأجدر والأولى أن تحافظ على كتاب الله وسنة رسوله، ولقد يسر الله عز وجل لهذه الدولة مصلحاً كبيرا ألا وهو شيخنا الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وآزره وشد عضده الإمام محمد بن سعود فقامت هذه الدولة عام 1157هـ ولا تزال مستمرة والحمد لله وعندما قام الملك عبدالعزيز رحمه الله وجمع الشمل ووحد البلاد بتوفيق من الله عز وجل وبسط الأمن فيها إنما أقامها في سبيل إيمانه بالله واعتماد كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين وما سار عليه سلف الأمة الصالح منهجاً ونظاماً يحتكم إليه في الأمور وجعل جل غايته إعلاء كلمة الله وتحكيم كتاب الله الكريم والدعوة إليه وإننا نحمد الله أن هذا المنهج هو السائد وما زالت حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - تولي جل عنايتها واهتمامها لكتاب الله سواء بإنشاء مجمع لطباعته ونشره وتوزيعه أو إنشاء المدارس وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم لغرض إقامة المجتمع المسلم للتحصن بكتاب الله الكريم وأخلاقه وآدابه وتعاليمه (6).
هوامش:
(1) رسالة معهد الإدارة - العدد 17 - شوال 1419هـ.
(1) الجزيرة - العدد 9621 - 14 شوال 1419هـ.
(1) الرياض - العدد 11179 - 15 شوال 1419هـ.
(1) جريدة الجزيرة - العدد 9615 - 8 شوال 1419هـ.
(2) مجلة أمانة مدينة الرياض - العدد الأول، شوال 1419هـ.
(3) مقتطفات من تحقيق صحفي شامل مع سمو الأمير، وقد نشر تحت عنوان (كل الرياض .. حاضرها ومستقبلها).
(4) المئوية - العدد الخامس - 5 شوال 1419هـ.
(5) متقطفات من كلمة سموه لتقديمه دليل مشاركات الدوائر الحكومية بمناسبة المئوية.
(6) الجزيرة العدد (9663) 26 من ذي القعدة 1419هـ.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved