إذا ذكرنا عمالقة نادي الاتحاد العربي السعودي بجدة منذ تأسيسه في عام 1347هـ وحتى الآن فيجدر بنا ان نذكر الوجيه الأستاذ يوسف بن محمد الطويل.. يوسف الطويل ابن الشيخ المصلح محمد الطويل الذي كان يسكن حارة الشام في جدة وكان يتمتع بكاريزما الريادة في مجتمع تربى على الطيبة والخير والبر.. ولذلك كان محمد الطويل - والد يوسف الطويل - رجلا من رجالات المملكة وكان يقصده الكثير من فقراء ووجهاء مدينة جدة، وكان الشيخ محمد الطويل يقضي حوائج الناس الذين يقصدونه ولا يرد أحداً..
وُلد يوسف الطويل في عام 1352هـ وتعلم في مدارس الفلاح بجدة ثم اكمل تعليمه في كلية فكتوريا بالاسكندرية بجمهورية مصر العربية ثم حصل على البكالوريوس من الجامعة الأمريكية في بيروت. وبعد ان اكمل تعليمه عاد إلى المملكة وبدأ أعماله التجارية من ميدان البيعة بمدينة جدة الجميلة.. ومنذ نعومة أظافره كان يوسف الطويل نجيبا وذكيا وطيبا، وحينما كبر وبلغ سن الشباب عشق يوسف الطويل الرياضة وحب نادي الاتحاد وأغدق عليه من فيض خيره الشيء الكثير، وأول مباراة يشاهدها للاتحاد هي مباراة الاتحاد أمام الهلال البحري في عام 1370هـ وكان يتابع الاتحاد بصورة مستمرة واعتبر نادي الاتحاد هو نادي المجتمع الجداوي العريق..ولقد طالبه جمهور الاتحاد ولاعبوه بأن يترجم حبه للاتحاد بالدخول في إدارته ودعمه إدارياً بالإضافة إلى دعمه المالي، وأمام إلحاح الجماهير الاتحادية لبى يوسف الطويل إلحاحات الجمهور ودخل عضوا في مجلس الإدارة لأول مرة في عام 1380هـ. وحينما كبر يوسف الطويل القيادي في الاتحاد قلده الجمهور الاتحادي المخلص في عام 1385هـ رئاسة مجلس الإدارة.. في ذلك العام انتخب يوسف الطويل بالإجماع رئيسا لمجلس إدارة نادي الاتحاد.. ومنذ استلامه الرئاسة استطاع يوسف الطويل ان يستقطب أبرز وجهاء وأثرياء جدة ليضمهم إلى مجلس إدارة النادي، ومن هؤلاء الوجهاء أمين ابو الحسن ومحمد عشماوي وفاروق شنكار وغازي شاكر ومحمد علي حافظ وغيرهم وغيرهم. كما استطاع أن يستقطب أبرز اللاعبين لجميع لعبات النادي وحقق نادي الاتحاد على يدي يوسف الطويل انتصارات وبطولات عديدة واتسعت قاعدته الجماهيرية، وهو أول من أحضر مدربا عالميا في الأندية السعودية حينما أحضر المدرب النمساوي (فرتز)، وكان حينما يرأس انعقاد مجلس الإدارة يحمل دفاتر شيكاته في جيبه ويقول إن النادي يحتاج إلى دعم مالي فوري ليتعامل مع التزاماته تجاه اللاعبين وتجاه المدربين وقبل ان يكمل عبارته يدخل يديه في جيبه ويرفعهما بدفتر الشيكات ثم يقول: نفتح باب التبرعات وأنا اتبرع فورا بمليون ريال او اثنين او ثلاثة، وفعلا يكتب شيكا لأمر الاتحاد بالمليون او الاثنين او الثلاثة.
وطوال تاريخ الاتحاد فلم يصل التنافس بين الاتحاد والأهلي ما بلغه في عهد إدارة يوسف الطويل، وإذا كان البعض يرى ان الطويل قد ولع أزمة بين الناديين ما زالت تؤثر سلباً على علاقاتهما إلا أنني أرى أن قيام الطويل بإشعال جذوة أدى إلى تحسين مستوى الرياضة بين الناديين بصورة خاصة وتحسين مستوى الرياضة السعودية بصورة عامة.
ويعتبر يوسف الطويل من أوائل الذين طالبوا بخصخصة الاندية قبل ان يظهر مصطلح الخصخصة حيث كان يطالب مع بداية الثمانينات بتحويل الاندية إلى شركات تجارية مساهمة، أي كان يوسف الطويل يطالب بخصخصة الأندية منذ ثمانية وثلاثين عاما، ثم قام بقيادة تنفيذ هذا المشروع حينما تم تأسيس شركة التلال بنادي الاتحاد. وكان يوسف الطويل دائما صاحب هوية يريد ان يثبتها في الاتحاديين وكان يسعى إلى تأسيس مدرسة في الرياضة وكان في سبيل ذلك يصعب السهل ويسهل الصعب.. أهم صفات هذا الرجل هي التواضع والقدرة على التأثير وكان أنيقاً في اختيار كلماته وأنيقا في ملبسه أي كانت الأناقة سمة من سماته الشخصية السوية وجزءاً من طيبته.. وكان حليما وإذا غضب يزم جبهته ولكن كان وجهه يقطر أخوة وصداقة حتى مع أصغر اللاعبين.. ورغم انه كان قصير القامة إلا أنه دائما تراه عملاقا، النظر إلى وجهه يبعث على الراحة ويشجع اللاعب على المناقشة، وليوسف الطويل قاعدة جماهيرية عريضة في نادي الاتحاد يستعد محبوه هذه الأيام لإنشاء موقع له على شبكة الإنترنت بعد وفاته - رحمه الله - لقد حافظ يوسف الطويل على كبرياء الاتحاد لأكثر من أربعين عاما حتى أصبح علامة مميزة في تاريخ الاتحاد.. يوسف الطويل باختصار هو حالة فريدة في تاريخ نادي الاتحاد..
اللهم ارحم يوسف الطويل واسكنه فسيح جناتك.
مؤرخ رياضي | 
"الريـاضيـة"