صمتت اللجنة الرباعية بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي دهراً، وعندما نطقت فضَّلت مسك العصا من الوسط محملة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية تدهور جهود السلام، وعدم تهيئة الأجواء من أجل انطلاق مسيرة سلمية جادة.. وبصرف النظر عن عمل هذه اللجنة، فإن أي جهد للسلام من أجل أن يكون موفقاً ينبغي أن يحدد الجهة التي تعوق السلام أكثر من غيرها، وواضح في المسألة الفلسطينية أن إسرائيل هي الطرف الذي يتحمَّل مسؤولية تعطيل السلام، بل نسف أي جهد سلمي سواء من خلال اللجنة الرباعية، أو غيرها.. وتضم اللجنة إلى جانب الولايات المتحدة كلاً من روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.. فإسرائيل تحتل الأرض، وبدلاً من أن تفصح عن خطط لإعادة هذه الأرض، فإنها تعمد إلى احتلال المزيد منها، ولعل إقامة الجدار العازل الذي يتلوى في أراضي الضفة الغربية، هو خير دليل على هذا الاستهتار الإسرائيلي، فضلاً عن أن إسرائيل قالت مسبقاً إنها لن تتخلى عن الكيانات الاستيطانية الكبرى في الضفة مقابل الانسحاب من غزة.
ومن الواضح أن إسرائيل، التي لم تعلن رسمياً حتى الآن، قبولها بخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية، لا تترك مجالاً لتنفيذ هذه الخطة التي تنادي بإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة وغزة، فهي لم تُبق على مساحة لإقامة هذه الدولة عليها.. ومن ثم تأتي اللجنة الرباعية لتلقي بمسؤولية تعطيل جهود السلام مناصفة على الفلسطينيين وإسرائيل.. وذلك يعني عدم جدية هذه اللجنة في القيام بأعبائها بالصورة المحايدة التي من شأنها أن تقود إلى التسوية المنشودة.
ولا تكتفي إسرائيل بهذه الانتهاكات فيما يتصل بالأرض، بل إنها تطالب بإقصاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، زاعمة أنه من أكبر معوقات السلام، وللأسف فإنها تجد في مسلكها هذا دعماً حتى من واشنطن، أحد أعضاء اللجنة الرباعية، فواشنطن تتبادل مع إسرائيل مختلف الصيغ التي تتحدث عن وضعية عرفات وما يريدونه له.. بينما أوضحت بصورة جلية أنها تغض النظر عن قيام إسرائيل بتوسيع بعض المستوطنات.. ويجري كل ذلك على خلفية القمع اليومي الإسرائيلي والقتل بالجملة والغارات الجوية والأرضية التي تنفذها قوات إسرائيل ضد أهالي الضفة وغزة، فضلاً عن تدمير المنازل.. ومع كل هذا وغيره فإنه تتم مضاهاة الإجرام الإسرائيلي مع ما يقوم به الفلسطينيون من دفاع مشروع عن أنفسهم وكرامتهم ضد العدوان المتواصل.
|