Friday 24th September,200411684العددالجمعة 10 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

ذكرى اليوم الوطني ذكرى اليوم الوطني
د. صالح بن عبدالله العبود

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين، فإن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يعني ذكرى يوم توحيد وطن التوحيد بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد، فمنها أضاء نور التوحيد على العالم توحيد الأحد الصمد بالعبادة له وحده لأنه الذي يستحقها ولا ند له في ذلك، منذ انزال الله جبريل عليه السلام على خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- بالوحي الإلهي فنبأه ب(اقرأ) وارسله بالمدثر ينذر عن الشرك ويبشر بالتوحيد وافراد الله بالعبادة، وقد استجاب للنبي صلى الله عليه وسلم من أراد الله هدايته وشرح صدره للاسلام وتوحدوا على ذلك بعد فرقتهم واجتمعوا على كلمة التوحيد (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) ورفعوا رايتها خفافة، وكانت كلمة الله على أيديهم هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى بحول الله وقوته وحكمه الذي لا مبدل له، ثم حصل بعض الافتراق في الأهواء اصلح الله بين المفترقين بالحسن بن علي كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، واجتمعوا على أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه عام 40ه فسمي عام الجماعة.
وتوالت المحدثات والاهواء حتى تفرقت الأمة، وعمت الفتنة، وضرب الارهاب بها اطنابه في طول البلاد وعرضها وألغيت الخلافة التركية، وصار أهل الشر والارهاب يتربصون بأهل الإسلام ويدبرون لهم المكائد ويفاجئونهم بالبوائق ويمزقون أوصالهم بالحروب وسفك الدماء والاخافة والتدمير والإبادة، وأصبحت الفتنة عامة طامة بفقد الجماعة بالمفهوم المراد شرعاً وهو جماعة المسلمين الذين اجتمعوا على امير بايعوه بيعة شرعية على الكتاب والسنة بالسمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره حسب القدرة والاستطاعة (فلا اسلام الا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا امارة الا بسمع وطاعة) فعاد الله على بلادنا بعبدالعزيز - طيب الله ثراه ، قيضه الله إماماً راشداً وملكاً عادلاً بويع بيعة شرعية ملكاً للمملكة العربية السعودية قبل أربعة وسبعين عاماً فأقام للمسلمين جماعاتهم بهذه المملكة المباركة التي تقام فيها الحدود الشرعية ويرفع شعارها علم التوحيد ورمز العقيدة الإسلامية قلب الحجاز مركز القبلة من مسبعة تزأر فيها الضواري كل يوم وساعة خصوصاً في مواسم الحج والأشهر الحرم الى مهد أمان وقرارة اطمئنان ينام قاصدو البيت الحرام في طريقهم في البراري والقفار ملء اجفانهم آمنين لا يخشون سطوة لص عادٍ ولا غارة حاضر ولا بادٍ، وكأن اولئك الذين روعوا الحجيج عدة قرون واحقاب لم يكونوا في الدنيا ولا في الوجود، وكما قال أمير البيان شكيب ارسلان (لو شاءت الفتاة البكر الآن ان تذهب من مكة الى المدينة او من المدينة الى مكة أو الى أي جهة من المملكة العربية السعودية وهي حاملة الذهب والألماس والياقوت والزمرد ما تجرأ احد ان يسألها عمّا معها، وما من يوم الا وتُحمل الى دوائر الشرطة لقط متعددة ويؤتى بضوالّ فقدها أصحابها في الطرق، وأكثر من يأتي بها الأعراب أنفسهم خدمة للأمن العام وإبعادا للشبه عنهم وعن ذويهم، فسبحان محول الأحوال ومقلب القلوب، ووالله لا يوجد في هذا العصر أمن يفوق أمن الحجاز، لا في الشرق ولا في الغرب، ولا في أوروبا ولا في أمريكا، وقد تمنى المستر كراين الأمريكي ذلك في وطنه) ويستطرد أمير البيان فيقول: (كل من سكن أوروبا وعرف الحجاز في هذه الأيام - أيام عبدالعزيز يحكم بأن الأمن على الأرواح والأعراض والأموال في البقاع المقدسة هي أكمل واشمل وأوثق اوتاداً واشد أطناباً منها في الممالك الأوروبية والأمريكية) الى ان قال: (فها هو ذا ابن سعود قد ضبطها بأجمعها في مملكته الواسعة، ومحا أثر الغارات والثارات بين القبائل واصبح كل إنسان يقدر ان يجوب الصحاري وهو أعزل، ويدخل ارض كل قبيلة دون ان يعترضه معترض، او يسأله سائل الى اين هو غادٍ او رائح، ولو قيل لبشر ان بلاداً كان ذلك شأنها من الفزع والهول وسفك الدماء وقطع الطرق، قد مرد أهلها على هذا البغي وهذا العدوان، من سالف الأزمان وان يليها ابن سعود فلا تمضي على ولايته سنة واحدة حتى يطهرها تطهيراً، ويملأها أمناً وطمأنينة، لظن السامع انه يسمع أحلاما وخرافات، أو اتهم القائل في صحة عقله، ولكن هذا قد صار حقيقة كلية وقضية واقعية في وقت قصير، وما أوجده إلا همة عالية وعزيمة صادقة وإيمان بالله، وثقة بالنفس وعلم بأن الله تعالى مؤيد من أيده وناصر من نصره يحث على العمل ويكافئ العامل، ويكره اليأس ويقول لعباده: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} وقد سرت بشرى الأمان الذي شمل البلاد المقدسة الحجازية فعمت أقطار الإسلام، واثلجت صدور ابنائه، وارتفعت عن الحجاز معرة تلك المعرة طالما وجم لها المسلمون وذلك بقوة إرادة الملك عبدالعزيز بن سعود والتزامه حدود الشرع (لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم) للأمير شكيب ارسلان دار مكتبة الحياة ببيروت 1965م.
نعم أقام عبدالعزيز - رحمه الله - دولة العقيدة وعقل جماعة المسلمين وقدوتهم الرائدة في تطبيق الشريعة الإسلامية ونواة وحدتهم العظمى ومركز مرجعيتهم الدينية علماً وعملاً حتى أصبحت المملكة ولله الحمد تحتل من العالم الإسلامي بل العالم كله مكان القلب من الجسد في توطيد أركان الأمن ودحض ارهاب الفئة الضالة التي تريد تفريق الجماعة وتمزيق وحدة الطاعة والعودة الى الفتنة وسفك الدماء البريئة، ولكن بتوفيق من الله وفضله صمدت وحدة المملكة على التوحيد قوية منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز ولا زالت تزداد قوة ورسوخاً على أيدي ابنائه الملوك سعود وفيصل وخالد - رحمهم الله - الى عهد باني نهضتها ورائد تقدمها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حفظهم الله وأمدهم بعونه وتوفيقه وأيدهم بنصره وأعزهم بالإسلام وأعز الإسلام بهم.
ولذا نرى أن اليوم الوطني للمملكة هو ذكرى ليوم توحيد وطن التوحيد بالتوحيد وبالتالي هو يوم الجماعة، ولئن سمى عام الأربعين من الهجرة النبوية عام الجماعة، فإنه يحق لنا أن نسمي اليوم الوطني للمملكة يوم الجماعة بالمراد الشرعي، ولذا فالواجب على جميع المواطنين ان يكونوا صفاً واحداً مع ولاة الأمر وبناة المجد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وولي عهده الأمين والنائب الثاني وحكومتهم الرشيدة في وجه الهجمات الشرسة التي يتعرض لها وطننا وطن التوحيد والسنة والجماعة من أعداء الإسلام والمسلمين.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والتابعين لهم الى يوم الدين.

مدير الجامعة الإسلامية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved