يعتبر اليوم الوطني حافزاً حقيقياً نحو الانطلاق لمجد التاريخ الحديث وموعداً مع بدء شمس الحضارة المشرقة، ذلك أن ذكرى يوم الوطن رسخت مفهوم العمل الجاد للوصول الى اهداف سامية تجاوزت أحلاماً صغيرة نمت وترعرعت بفضل اهتمام ولاة الامر العاملين بصمت لتصبح المملكة ذات وزن كبير ومؤثر في خارطة العالم السياسية والاقتصادية والحضارية، ولتكون مناراً للعروبة وقلعة حصينة للإسلام والمسلمين بعد أن توج المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في مثل هذا التوقيت الزمني مسيرة الجهاد في سبيل الوحدة والتوحيد بإعلان هذا الكيان العظيم لينزاح عن البلاد كابوس مخيف قوامه الجهل والأمية والفقر والمرض والخوف فتشرق صفحة ناصعة من الإرادة والتضحية والتصميم والإخلاص وتصبح تلك الذكرى نبراساً للوحدة والعطاء ورمزاً للجهاد والفداء بعد أن قامت المملكة العربية السعودية على الإسلام وتطبيق أحكامه ونصرة أهله والداعين له منذ نشأتها وواجهت الكثير من العوائق والاذى في سبيل رعاية الأمة وحفظ مصالحها ولا تزال المؤامرات تحاك ضد هذا الوطن الطاهر بسبب رعايته للدين القويم المعتدل مما يستوجب تلاحم الصف ووحدة الكلمة تجاه تلك الاخطار والالتفاف حول ولاة امرنا وعلمائنا لتحقيق الوحدة الوطنية التي تعتبر مطلباً شرعياً وضرورة ايمانية خالصة.
لقد حظي الوطن برعاية خاصة مخلصة من لدن ولاة الامر فقفز حضارياً بشكل لافت ومبهر عبر العديد من الانجازات المتلاحقة متحدياً كافة الظروف بما في ذلك اتساع رقعة الوطن قياساً الى غيره من الأوطان، فعلى مستوى التعليم رعى رائد التعليم الأول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز منذ أن تولى مسؤولية وزارة المعارف وحتى اليوم، التعليم وتعهده بدعمه ومتابعته حتى وصل الى ما وصل اليه من تطور تمثل بقفزات سريعة ومتميزة وازداد الاهتمام بالتعليم مع بداية خطط التنمية. ووفقاً لتقارير التربية والتعليم فقد بلغ عدد الطلاب في مراحل التعليم العام للبنين بوزارة التربية والتعليم ومدارس الجهات الاخرى عام 1423-1424هـ (2.363.288) مليونين وثلاثمائة وثلاثة وستين ألفاً ومائتين وثمانية وثمانين طالباً يتلقون تعليمهم في أكثر من مائة وستة آلاف فصل دراسي في ثلاثة عشر الفاً وثمانمائة وتسع واربعين مدرسة ويشرف على تعليمهم مائة وتسعة وثمانون الفاً وثلاثمائة وثلاثة معلمين، فيما تخطت الاعداد تلك الارقام كثيراً خلال العام الدراسي الحالي، وارتفع عدد الطلاب في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية ارتفاعاً ملحوظاً، كما انخفض عدد الدارسين في تعليم الكبار نتيجة ازدهار التعليم في المملكة من اثنين وثلاثين الفا واربعمائة وخمسة وستين دارسا عام 1421-1422 الى واحد وثلاثين الفا واربعمائة وتسعة وسبعين دارسا عام 1422- 1423 يدرسون في مدارس تعليم الكبار.
كما حظي القطاع الصحي في المملكة بعناية كبيرة في سبيل دعم وتطوير الخدمات الصحية التي يقدمها والارتقاء بمستواها بصفة مستمرة، وارجعت التقارير الصحية التطور والتقدم الكبيرين اللذين حققتهما المملكة العربية السعودية في القطاع الصحي الى الاهتمام والرعاية اللتين اولتهما حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الامين لهذا القطاع الحيوي المهم وجعلته في مقدمة اولويات خططها التنموية، لكونه يتصل بحياة الانسان الذي يعد ركيزة التنمية وهدفها الاساسي وانفقت في سبيل ذلك اموالاً ضخمة، حيث تضاعفت ميزانية وزارة الصحة ثلاث مرات خلال الفترة من عام 1400-1401- (5.66 ) بلايين ريال الى (13.05 ) بليون ريال عام 1421-1422هـ.
وبينت التقارير الإحصائية الصادرة عن وزارة الصحة ان عدد المستشفيات الحكومية والخاصة في المملكة بلغ حتى نهاية عام 1423هـ ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين مستشفى تحوي نحو سبعة وأربعين ألفاً وثلاثمائة وتسعة وثلاثين سريراً.
وشكلت المستشفات التابعة لوزارة الصحة الغالبية اذ بلغت (193) مستشفى تضم (28488) سريراً يساندها نحو (1791) مركزا للرعاية الصحية.
وبلغ اجمالي عدد الاطباء التابعين لوزارة الصحة (15602) الف طبيب فيما بلغ عدد الصيادلة اكثر من 900 صيدلي اما عدد هيئة التمريض فبلغ (37215) ممرضاً يساندهم (22650) من الفئات الطبية المساعدة.
وارتفع عدد الاطباء في القطاعات الصحية الحكومية والخاصة الى نحو (33719) طبيبا منهم نحو (7350) طبيبا سعوديا يشكلون ما نسبة 22 في المائة تقريبا فيما بلغ عدد الصيادلة (5530) ووصل عدد العاملين في التمريض الى (69942) ممرضا وممرضة يساندهم أكثر من (39204) من الفئات الطبية المساعدة.
وترفد عدد من الجهات الحكومية دور وزارة الصحة في تقديم العناية الصحية لمنسوبيها وللمواطنين من بينها الحرس الوطني ووزارة الدفاع والطيران ووزارة الداخلية والجامعات السعودية وجميعها لا تقتصر مهمتها على تقديم خدماتها الصحية على منسوبي تلك الجهات بل تتعداها الى المواطنين.
وأشارت الاحصاءات الى وجود (1315) عيادة للاسنان بالمراكز الصحية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة تغطي جميع ارجاء المملكة يعمل بها (1422) طبيبا.
وكشفت عن مستشفيات حكومية جديدة بعضها على وشك التشغيل والبعض الآخر يتجه نحو المراحل النهائية من التنفيذ.
ونتيجة لاهتمام وزارة الصحة برفع المستوى العلمي والكفاءة للكوادر الوطنية فقد بلغ عدد المعاهد الصحية وفق احصائيات الصحة في نفس الفترة (25) معهداً فيما بلغ عدد الكليات الصحية (13) كلية منها (7) كليات للبنين و(6) كليات للبنات وخلصت الاحصاءات الى ان المملكة تبوأت مكاناً مرموقاً عالمياً في المجال الصحي واصبحت مرجعاً طبياً وعلاجياً للعديد من الأمراض وبخاصة امراض وجراحة القلب والكبد التي حققت فيها المملكة تقدماً مذهلاً واجريت في العديد من مستشفياتها العشرات من العمليات الناجحة لزرع الكبد والقلب.
ونتيجة للنجاحات المتواصلة التي تحققها المملكة العربية السعودية في تلك العمليات المعقدة والصعبة فقد انشأت الدولة مركزاً متخصصاً لنقل وزراعة الاعضاء يتولى مهمة التنسيق بين المستشفيات في مجال نقل وزراعة الاعضاء كما يتولى مهمة الحملة الإعلامية للتعريف بأهمية التبرع بالاعضاء بعد الوفاة لانها تسهم -بعد توفيق الله ومشيئته- في انقاذ حياة شخص آخر.
ويحتاج الامر دون شك الى تكاتف الجهود لتحقيق الاهداف والانتقال بهذا الوطن الى مصاف الدول المتقدمة، ذلك ان مسألة حصر الانجازات تحتاج الى مساحة متواصلة في ظل الاهتمام الملموس وهو الأمر الذي دعا الى التركيز على الصحة والتعليم كمجالين حظيا بأولوية اهتمام قيادة هذا الوطن الطاهر.
|