في مثل هذا اليوم من عام 1856 تم إنشاء أول خط سكك حديدية بين القاهرة والإسكندرية. وبدأت شركة سكة حديد ليفربول مفاوضتها مع مصر عام 1833م، وذلك عبر الاسكتلندي (ت.ج. جالواي) المستشار الهندسي لوالي مصر (محمد علي باشا)، وقد اتجهت إنجلترا رأسا لمحمد علي؛ لأنه أعلن في هذا التاريخ ما يشبه استقلالاً عن الدولة العثمانية، وقد استطاع محمد علي أن يفرض على السلطان العثماني الاعتراف بهذا الوضع بعد هزيمته عسكريا أمام محمد علي في ذات العام، وصار أمام محمد علي باشا مشروعان: مشروع (جالواي) الإنجليزي لبناء سكة حديد من الإسكندرية إلى القاهرة ثم إلى السويس، وذلك لتنشيط التجارة بين أوروبا والهند والشرق الأقصى عن طريق مصر، أو مشروع (ديلسبس) الفرنسي معلم الفروسية لابن محمد علي الأمير سعيد (سعيد باشا والي مصر فيما بعد) بشق طريق بحري بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. واتهم الطرفان كل منهما الآخر برغبته في صنع منطقة نفوذ، والتدخل في شؤون مصر من خلال مشروعه؛ وذلك حماية لمصالح دولته؛ فأعرض محمد علي عن المشروعين جميعا، فلما مات وتولى ابنه عباس عام 1849م، كان عباس صديقًا للقنصل الإنجليزي، ومن ثمّ أقر المشروع الإنجليزي، وبدأ المراسلات، ولكن العمر لم يمهله لإتمام الاتفاق، وتولى بعده سعيد، وكان سعيد صديقا لديلسبس، وأراد أن يوقف المشروع الإنجليزي ويمرر المشروع الفرنسي، ولكن تحت ضغط إنجلترا، أقر سعيد المشروع الإنجليزي، وأصدر فرمانه، واتفق مع ستيفنس عام 1851 على إنشاء خط سكة حديد بين القاهرة والإسكندرية ثم مده إلى السويس، على أن يتم تشغيل المرحلة الأولى خلال 3 أعوام، وبعدها بقليل وافق أيضا على المشروع الفرنسي (حفر قناة السويس) عام 1869م.
بدأ تشغيل أول مرحلة عام 1854، وامتدت بين الإسكندرية وقرية (كفر العيس) على الشاطئ الغربي لفرع رشيد. واستكمل الخط حتى القاهرة عام 1856م، وفي بداية التشغيل لم تكن الكباري قد استُكمل إنشاؤها، فكان يتم نقل القطار فوق معدية خاصة (ومعه الركاب) إلى الضفة الأخرى ثم يعاد فوق السكة لاستكمال المرحلة، وفي سنة 1858م تم استكمال الخط إلى السويس، ولكن افتتاح قناة السويس عام 1869 أثّر سلبيا على الحركة، وقد رُفع خط السويس القاهرة من العمل (وهُدم جزء كبير منه)، ولكنه عاد للعمل مرة ثانية في عام 1934م.
|