في يوم الوطن.. الدروس والعبر

يظل هذا اليوم دوماً يغري باستشراف القادم بتفاؤل انطلاقاً من ماضٍ تليد أعطى لهذا الحاضر هذه النزعة الاستشرافية الواثقة للمستقبل، فما تحقق طوال سنوات التوحيد على يد الملك عبد العزيز، رحمه الله، وما تلا ذلك من تثبيت لنهج قويم في البناء والنَّماء يعنى أنّ المسيرة ستتقدم نحو غايات تتوافق والطموحات، وتتناغم مع المعطيات الدولية باتجاه تكريس كل المطروح من أجل تحقيق المزيد من النقلات النوعية المرجوّة.
وهناك دائماً الكثير من العمل، بل والكثير من الجهد الدؤوب مع قدر لا يستهان به من الحذر في ساحة دولية مضطربة، وأوضاع لا تكفُّ عن الدَّفع بالتحديات تلو الأخرى.. والمطلوب وسط كل الظروف غير المواتية الحفاظ على الوتائر المطلوبة من العطاء المتمثل في حركة التنمية والبناء.
الظروف الضاغطة كثيرة، وفي منطقتنا على وجه التحديد، فإنّ تلك الظروف تهدد حقيقة بالانقضاض على كل إنجاز، حيث التوتر الناجم عن الحروب يفرض نفسه ويلقي بتأثيراته هنا وهناك، إلى جانب البلاء العالمي المتمثل في الإرهاب.
أما في المملكة فإنّ هذا الأمر بات يشكل حيزاً مقدراً من الاهتمامات على الرغم من الضربات المتواصلة التي أنزلتها قواتنا الأمنية بالفئة الضالة التي صارت تتخبط في عملياتها، بينما الجهات الأمنية تمسك بزمام المبادرة وتضيِّق الخناق على هؤلاء المارقين.
غير أنّ الأمر يحظى بما يستحقه من اهتمام، وينصرف جانب كبير من الجهد إلى النظر إلى المشكلة من جميع جوانبها لضمان القضاء عليها وإبعاد تأثيراتها المقيتة عن أبنائنا.
وفي ذات الوقت فإنّ المملكة تستشرف مرحلة جديدة فيما يتصل باستيعاب المزيد من الأنظمة التي من شأنها إضفاء قدر من الحيوية على آليات العمل الإداري والتنظيمي، بما في ذلك النقلة المتمثلة في الانتخابات البلدية التي تتيح مشاركة أوسع في تصريف الأمور المحلية باتجاه تحقيق المزيد من الفاعلية في الأداء، ومن ثم تسريع الوصول إلى الأهداف المرجوّة بل وملامسة ومباشرة المسائل التي تقتضي جهداً جماعياً بما ينطوي عليه العمل الجماعي من مميزات الأفكار والمعالجات المتعددة، وما يتيحه ذلك من خيارات تسمح بتبنِّي أنجع خيار وتبنِّيه.
إنّ الإنجازات المتراكمة منذ أكثر من سبعة عقود، هي عمر هذا الكيان، تؤكد أنّ التطوير كان سمة هذه المسيرة الخيِّرة، وهكذا فإنّ واجب الأجيال على مرِّ السنين يقتضي، ضمن أشياء عديدة، إضفاء لمستهم الخاصة التي تكون تعبيراً عن روح عصرهم وعن إيقاعه.
على أنّ كل ذلك، أي كل إضافة، ستكون في إطار الثوابت الإسلامية التي أعطت هذا الكيان سمته المميزة.
التمسُّك بهذه الثوابت وتأمُّل مضمونها، والكيفية التي أمكن بها تكريس التعاليم الإسلامية في مسيرة التوحيد الفذة، هي دروس باقية وستظل تلهم هذا الكيان بإشراقاتها عبر السنين..فانطلاقة مسيرة التوحيد في ظروف دولية غير مواتية، اعتبرت اختراقاً لما هو حادث، حيث الظرف الدولي كان يمارس على أرض الواقع التقسيم وتفتيت الكيانات، ولهذا فقد اعتبرت الممارسة السياسية النوعية التي قام بها الملك عبد العزيز خطوة غير عادية تردد صداها في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي والعالم أجمع.
فما أحوج العرب والمسلمين اليوم إلى استلهام الدروس التي أفرزت تلك الوحدة الفريدة في عالم اليوم حيث تلوح ملامح التقسيم ومهددات التفتيت لمختلف الكيانات في منطقتنا العربية والإسلامية.