المنطق الناقص يلغي نفسه، لذا لا بد أن تكون الأمور في عموميتها متناسقة حتى يعم النفع والاقتناع على الأقل ببدائلها والرضوخ لها.
فقد كثر الحديث عن عمل المرأة في بلادنا. وأنا هنا لا أتحدث عن فرص العمل للمقتدرات أو من يطالبن بالعمل كإثبات هوية واستقلال، رغم مشروعية هذا الحق، إلا أنني أتحدث عن فئات من المواطنات يحتجن إلى العمل لكسب العيش النظيف وسد الرمق والبعد عن الحاجة، وهي مريرة وموجعة.
بعض النساء هنا ارتبطن بعمل المدرسة، وهي الفرصة الوحيدة التي ترضي جميع الأذواق، مع أن هذه الأذواق قد لا تمد لهم يد العون والمساعدة. الحقيقة الأقسى أننا وصلنا إلى الاكتفاء في هذه المهنة بنسبة مئة بالمئة، ولا تستطيع الدولة أن تفتح مدارس بلا طالبات من أجل توظيف النساء وحل هذه المعضلة.
لكن السؤال هو: أين مهمات أخرى للمرأة تعمل بها بكل اقتدار وتجد التشجيع الكافي لها كمهنة الطب والتمريض، أوَ ليس مستشفياتنا تمتلئ بهن؟
قادتني إلى هذا الموضوع حادثة إغلاق المطعم، حيث ذكر أن مواطنتين كانتا تعملان بالمطعم على ما أعتقد لإعداد الوجبات، وأن السلطات أغلقت المطعم وأخرجت المرأتين من الباب الخلفي. وهنا أتذكر النساء المواطنات اللاتي يفترشن الأرض في أسواق جماعية، وهي عادة قديمة، ويكسبن لقمتهن منها، وخلاف ذلك ما سبق ذكره من عمل الطبيبات والممرضات الذي هو اختلاط مئة بالمئة، ولم يمنعن أو يوقفن من أعمالهن.
إذا كان هناك قانون يمنع عمل المرأة الكادحة والمحتاجة دون غيرها، فليعم الجميع ولا يستثني أحداً. كما يجب أن نعتق أنفسنا من هذه الازدواجية المتناقضة، وأن توضع النقاط على الحروف، أو إيجاد بدائل كفيلة بلقمة نظيفة وحال مستور.
المرأتان اللتان غادرتا المطعم، ربما كانتا لا تحملان أي درجة علمية، ويكفي أنهما تجرأتا على الواقع الاجتماعي وكسرتا الحاجز للعمل مع الهنود والفلبينيين، وربما كانت الأوضاع الداخلية في ذلك المطعم تمنعهما من الاختلاط، فبالإمكان إعداد الطعام من مكان منفصل وتسليمه.
أشفق على حالهن، وأتمنى أن تكون هناك لوائح نظامية تقنعنا بتفاصيل هذه الأمور، وهو ما يفترض إصدار لائحة عريضة توضح شيئا من اثنين بهذا الخصوص تحديداً، وهو أن تعمل المرأة أو لا تعمل، فقط للإفادة والتوضيح!!
|