عندما تحل ذكرى اليوم الوطني لبلادنا المملكة العربية السعودية فإن صوراً عديدة من الذكريات والخواطر تتوارد إلى ذهني أستحضر معها القيمة الغالية الرفيعة التي تمثلها هذه الذكرى الوطنية مما يجعلها تتجاوز معنى ذكرى لتصبح أحد فصول التاريخ المعاصر وإحدى الملاحم الباقية على مرّ العصور لأن الملك عبد العزيز - رحمه الله - عندما عزم الأمر على توحيد شتات البلاد لم يكن هاجسه دولة وسلطة، بل كان يحمل في أعماقه رسالة سامية ورؤية بعيدة، وهي تخليص ابن هذه الجزيرة من براثن الشر والفساد إلى آفاق العز والمجد سلاحه في ذلك كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. دعوة صادقة مخلصة أطلقها فلقيت صدى ودوياً في كل أرجاء المعمورة، وكانت نصرة المولى خلف الصادقين المخلصين قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.. نعم بكل تأكيد كان الموحد عبد العزيز - رحمه الله - متوهج الحماس نحو إرساء دعائم الإيمان والحق والمثل النبيلة في حياة الإنسان ولم يكن بخلده حب الاستيلاء والسيطرة من أجل الذات، فكانت توجهاته تنطلق نحو بناء الفرد قبل بناء المدن فأخرجه إلى صروح العلم والمعرفة وأزال غمام الجهل والظلام مما كتب لهذه الحضارة القائمة التطور السريع لأنها انطلقت من الأساس الصحيح ومن قاعدة إسلامية راسخة، فالمملكة العربية السعودية اليوم هي حاضر مشرق يشع ضياؤه وسط عالمنا المتحضر حيث تمكَّن أبناء الملك عبد العزيز - رحمهم الله - الملك سعود وفيصل وخالد من ترجمة مفاهيم مدرسة عبد العزيز إلى واقع مضيء، فكانوا بفضل الله خير من حمل الأمانة عالية وعملوا بكل إخلاص وتفانٍ، وما عصر مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - إلا امتداد لعطاءات الخير، ومن الإنصاف القول بأن عهده - حفظه الله - يُعد من العهود ذات المحك لقدرات القادة فتمكن من قيادة البلاد إلى آفاق أرحب وأبعد وكان النصر والنجاح حليف قيادته الرشيدة في كل الاتجاهات فكان لهذا الدور الكبير انعكاسه العظيم على مسيرة بلادنا فأصبح علمها واسمها عالياً في كافة المحافل والميادين وقلبها ينبض بالحب والسلام والإيمان وستبقى بمشيئة الله كما أرادها رب العزة والجلال مناراً للهدى والتقى، ولعل ما يُحاك حول بلادنا من مؤامرات وما تلجأ إليه النفوس المريضة الحاقدة من أعمال تخريبية دنيئة لن تؤثر على مسيرة هذا الكيان، بل تزيده شموخاً وعلواً لأنه البلد المؤمن بكتاب الله الواثق بقيادته الأصيل بشعبه وعروبته فكل عام يا وطني وأنت بخير.
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز
أمير منطقة الباحة |