* دارفور - تقرير - ظافر القحطاني:
بادرت المملكة العربية السعودية إلى مساعدة أشقائها المتضررين في إقليم دارفور بجمهورية السودان الشقيقة وتقديم العون الإغاثي والطبي للرفع والتخفيف من معاناتهم، حيث اتسمت هذه المساعدات بشمولها عدة مناحٍ هي الإغاثة والإيواء والخدمات الصحية إلى جانب برامج التأهيل لقطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب.
ولاتساع الإقليم فقد تم توزيع العمل الإغاثي إلى ثلاث مجموعات، الأولى في شمال الإقليم متخذة من الفاشر مقراً لنشاطها والثانية في جنوبه بنيالا والثالثة في غرب القليم الحدودي مع جمهورية تشاد في الجنينة.
وكان للعمل الصحي السعودي دور كبير في دعم الجهود المحلية السودانية لتقديم الخدمة الطبية والعلاجية اللازمة للمحتاجين ولكل من يقصدها دون استثناء في خمسة مراكز صحية عاملة في شمال الإقليم، يبذل العاملون بها جهداً إنسانياً مدعماً بالتجهيزات والمستلزمات الطبية الضرورية.
وفي زيارة قامت بها (الجزيرة) لإحدى المراكز الصحية السعودية بمعسكر زمزم الواقع جنوب مدينة الفاشر على مسافة 18 كيلومتراً برز تكامل تلك الجهود السعودية لخدمة النازحين من الأطفال والرجال والنساء فالخدمة الطبية والعلاجية المجانية مقدمة للمرضى إلى جانب التعاون مع المنظمات والجمعيات والجهات الإغاثية العاملة هناك من خلال قبول الحالات المحولة أو صرف الأدوية كل ذلك بفضل التجهيزات والخدمات الطبية المتطورة حيث يوجد بالمركز خمسة أسرة للتنويم وصيدلية وغرفة للكشف وغرفة للطوارئ والإسعاف..
وخلال التجول بالمركز التقت (الجزيرة) بعدد من مرتاديه من النازحين حيث تحدث محمد عبد الله حامد، والذي قال إنه أتى من قرية أبو زريقة ويسكن حالياً بمعسكر زمزم منذ قرابة العشرين يوماً، وقد أتى للمركز الطبي للعلاج من بعض آلام الرأس والرطوبة بالجسم وذلك لسماعي عن وجود الخدمة الطبية بالمجان والذي يقدمها السعوديون لمرتادي المركز بالإضافة لشكر الناس للقائمين على المركز من أطباء حيث يذكرون لي أنهم يعطون العلاج الجيد بالمجان.
من جانبه أبان محمد جابر نهار أن قريته حشابه قد أحرقتها طائرة مروحية خلال الاشتباكات التي نشبت بين المعاضين والحكومة نتج عنها نزوح 1500 نسمة من سكان القرية إلى معسكر زمزم، وقال في حديثه ل(الجزيرة): إن أسرتي المكونة من أربعة أفراد بالإضافة لثماني أسر أعيلهم حالياً لفقدانهم ذويهم ونسكن حالياً في أكواخ من القش صنعتها لتأوينا من هجير الشمس في تجمعات لكثير من الناس الذين تقطعت بهم سبل العيش مفيداً أن المنظمات الإنسانية العالمية توفر البعض من الخدمات الإنسانية التي لا تكفي الفرد من سد قوت يومه..
وحول إمكانية عودته وأسرته إلى قريته أفاد نهار أنه يستحيل العودة حالياً في ظل الظروف الراهنة وفي حالة تفكيره بذلك فإنه لن يعود إلا بعد استتباب الأمن والسلام بالقرية.
لأيضاً التقينا بآدم إبراهيم سعيد والذي قال: أنا من قرية حشابة ولدى أربعة أولاد وقد أتيت إلى معسكر زمزم قبل أحد عشر يوماً وذلك لما سمعته من توفر الأمن والأمان أولاً وكذلك لوجود البعثة الطبية السعودية التي اشتهرت بتوفير العلاج بالمجان.
كما تحدث أحد كبار السن بالمعسكر ويدعى موسى أحمد عبد الله حيث قال: أسكن بالمعسكر أكثر من خمسة أشهر وأنا من قرية تدعى ديبو أحرقت بالكامل خلال الاشتباكات بين المتمردين والحكومة وقد نزحت أنا وأبنائي الاثني عشر من القرية سيراً على الأقدام إلى زمزم ونحن نعيش حالياً دون مأوى ونعاني من النقص الشديد في الأكل والشرب وقد قابلنا العديد من المنظمات الغربية التي وعدتنا بجلب الخيام وبعض القمح والدقيق والعدس وإلى الآن لم يأتنا أي شيء مع العلم أننا في أمس الحاجة لكل شيء من مأكل ومأوى وعلاج.. وحول أسباب تواجده بالمخيم الطبي السعودي قال موسى: أتيت للمركز طلباً للعلاج فأنا أعاني من صداع بالرأس ولدى العوارض لإصابتي بالملاريا وقد انتشر بين الناس عن وجود العلاج الجيد لدى السعوديين وأنا هنا اليوم للكشف وأخذ العلاج، ونحن ندعو للشعب السعودي بجزيل المثوبة والأجر من الله عز وجل، فيعلم الله أن هذا المركز الصحي أصبح ملجأ لكثير من المرضى الذين وجدوا العلاج الجيد والمفيد حين راجعوه.
كذلك التقينا إحدى الأمهات وتدعى مكة مرسال درقاوي والتي كانت ترافق ابنها الصغير سلمان في غرفة الطوارئ والإسعاف والذي يبدو عليه ارتفاعاً شديداً بحرارة الجسم حيث قالت: أنا من قرية تدعى طويلة وقد نزحت مع أهالي القرية بعد أن أحرقت بالكامل وقد فقدت زوجي خلال هروبنا من القرية ويوجد لدي أربعة أبناء وقد أتيت إلى معسكر زمزم للعيش في أمان لما سمعته من الناس عن توفر بعض الخدمات الجيدة مثل العلاج بالمراكز الصحية وكما تشاهدون أحد أبنائي مريض بارتفاع بالحرارة منذ أيام وأنا أرافقه وأحاول تخفيف الحرارة عنه ودون جدوى فنصحني الساكنين بالمعسكر بالتوجه للمركز الصحي السعودي لوجود العلاج المجاني لديهم والحمد لله فأنا الآن مرتاحة لانخفاض الحرارة لدى ابني وهذا فضل من الله عز وجل ثم بفضل العاملين في المركز من أطباء وممرضين..
وحول كيفية حصولها قوتها اليومي للعيش هي وأبناؤها قالت: أعمل أنا وأبنائي في الزراعة فبنتي الكبرى وعمرها ستة عشر عاماً ذهبت لكسب الرزق من عملها بالزراعة لدى إحدى الأسر بالقرى المجاورة وبالطبع هذا لا يكفي لسد حاجتي وأبنائي فآثرت على ابني والذي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً بجلب الحشيش من البراري وبيعها في السوق لسد حاجتنا من المصاريف وكما ترون فأبنائي هم من يقومون بكسب الرزق وذلك لأني مرافقة لبقية الأبناء المرضى والذي قدمت بهم للمركز الصحي السعودي لمعالجتهم. من جانبها أكدت عايدة آدم صديق والتي وجدناها تعمل في صنع الشاي والقهوة بالمعسكر أنها لن تعود إلى قريتها والتي تدعى درة الطويلة إلا بعد استتباب الأمن والسلام في الإقليم وذلك لأنها فقدت زوجها بالاشتباكات وليس لديها استعداد لفقد أطفالها الخمسة في ظروف أخرى.
هذا وخلال جولة ل(الجزيرة) داخل المركز الصحي السعودي بمعسكر النازحين بزمزم تبين أن المركز يخدم أكثر من 400 مريض يومياً ويتكون من ثلاث عيادات وصيدلية توفر الأدوية بالمجان وقسم للتنويم والملاحظة مشتملة على أربعة أسرة ويوجد عدد أحد عشر عاملاً بالمركز ما بين طبيب وصيدلي وممرض لتقديم الخدمة للمراجعين والمرضى.
لقطات من الجولة:
- المعسكر يضم أكثر من 40 ألف نازح
- توفر الخدمة الصحية بالمعسكر من قبل جمعية الهلال الأحمر السعودي.
- وجود العديد من المنظمات الإنسانية الغربية بالمعسكر لتقديم الغذاء والخيام. - تواجد أمني من قبل شرطة الولاية بالمعسكر.
|