لقد مرت أجيال عديدة من أبناء هذه الأمة وقضت شبابها في الفراغ والضياع، وهي تحترق من حرارة قوتها ونبض آمالها، حتى اجتازت فترة شبابها ودخلت معترك حياة الرجولة وهي تصارع القلق واليأس وتتخبط في بحر من الأوهام نتيجة الفراغ القاتل الذي ضيعت فيه أعز أيام شبابها، وحرمت من تكوين نفسها وتحقيق رسالتها في المساهمة في خدمة مجتمعها وتوفير كل ما في استطاعتها أن تقدمه لهذه الأمة.
وإذا كنا نشعر بأننا قد تقدمنا شوطا إلى الأمام وحققنا الكثير من مطالب الشباب في الدراسة والتعليم وأتحنا له فرص العمل والانتاج فإن شبابنا كقوة خلاقة ما زال مشتت القوى، وقد يكون منهم من تاه في مفترق الطرق، خدعته المظاهر وأغرته المادة وحرمته الظروف، ووقف في الطرقات يشتكي أحلامه وينشد أمانيه ويتفرج على المارة وهو يعرض نفسه فرجة على المارين.. كل ذلك وشبابنا المسكين لا يعلم انه قوة تحترق دون ان تضيء، ووقت يضيع بدون فائدة وزهرة تذبل دون أن تنتج ثماراً.. وإلى متى يا ترى ستبقى أجيالنا تتغنى بالمجد الخيالي .. نعم إنها الصور التي مرت بنا في أعوام مضت، وأما الآن فالحمد لله لن نجد شيئا مما تقدم بنا ومما سبق وأن قلته.
وبقدر ما كان النداء حاراً نابعا من الأعماق داعياً إلى العمل والبناء كانت كذلك استجابة المدعوين من الشباب مشجعة قوية تعبر عن عزيمة الجيل الفتي الذي هب يتطلع إلى مجد أمته وتحقيق آمالها في كل ما تصبو إليه من عزة وسؤدد.
نعم ومن غير الشباب درع الأمة الفتي وأملها الوضاء وقوتها الصاعدة التي تعبر عن قوة الحضار وتعكس أمل المستقبل ومفاخره في ظل عاهل البلاد المفدى وراعي حضارتنا الفيصل الحبيب. ولقد كانت استجابة الشباب إلى هذا العمل وتلبيتهم النداء تعبيراً صادقاً عن أصالة هذه الامة وترابطها وتعاونها في كل عمل يهدف إلى خير الامة ونفع المجتمع.
| 
"زمان الجزيرة"