ثقافة الكرتون, والألعاب الإلكترونية، والمواد الإعلامية القائمة على ثقافة (الفيديو كليب) والأغاني المصحوبة بما لا يخفى من الهبوط، والنكَت الرخيصة التي تطارد الإنسان في كل مكان من خلال شاشات (الجوَّالات الصغيرة)، هذه الثقافة هي الغالبة على النسبة الكبيرة من أبناء المسلمين وبناتهم، ولذلك فإنّ أحوال المسلمين - مع ما فيها من الطرائف والعجايب - ما تزال غائبة تماماً عن فئات كثيرة من أبنائنا، فهم لا يعرفون شيئاً عن مظاهر الأنشطة العلمية والثقافية والدعويّة عند المسلمين في أنحاء العالم، مع أنّ وسائل الاتصال التي قرَّبت البعيد موجودة، ومع أنّ جزءاً كبيراً من تلك المظاهر الإسلامية مرتبط بما تقدِّمه المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الإسلامية من دعم وعون وتشجيع.
إنَّ الأخبار المباشرة عن مظاهر العمل الإسلامي والدعوة إلى الله، وأعمال الخير في أنحاء العالم لا يمكن أن تكوِّن ثقافة الجيل الذي لا يلتفت غالباً إلى نشرات الأخبار والبرامج الجادَّة المباشرة. وإنّما يستهويه البريق الإعلامي، والصورة المثيرة، والأداء المتميِّز في البرامج الثقافية الحيَّة.
إنَّ في بلغاريا من المدارس الإسلامية وجماعات تحفيظ القرآن الكريم، والمراكز التي تعلِّم اللغة العربية والفقه والتوحيد والتفسير ما لا يعرف عنه كثير من شبابنا شيئاً، ولقد قرَّرت وزارة التربية والتعليم في بلغاريا تدريس مادة الدين الإسلامي ابتداءً من عام 2000م، ومع ذلك فإنّ أعداداً غفيرة من المثقفين في بلاد العرب والمسلمين لا يعلمون بذلك، بل إنَّ بعضهم لا يعرف ماذا حدث من التحوُّل في أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
في رومانيا داعية مسلم هو د.الطيب عبد الرحمن - سوداني الجنسية - تحدَّث كثيراً عن الإقبال الكبير على الإسلام في رومانيا، وعن نقص الكتب الإسلامية باللغة الرومانية، كما تحدث عن إنجاز كبير قام به اتحاد الطلبة المسلمين في رومانيا، ألا وهو إصدارة أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الرومانية، ومع ذلك لم نجد وسيلةً إعلامية تُعنَى بحديثه، ولم يشعر بما قاله إلا القليل من الذين يتابعون أحوال الإسلام والمسلمين في العالم.
إنَّ الكثير من شبابنا يعرف عن الكرة البرازيلية ولاعبيها أضعاف ما يعرف عن الدعوة إلى الإسلام فيها، ولربما سرد الشاب المسلم لنا أدقَّ تفاصيل حياة لاعب برازيلي وهو لا يعرف شيئا عن المساجد المنتشرة في المدن والقرى والمطارات والموانئ ومحطات القطار والمجمعات التجارية البرازيلية.
لقد أقيمت مخيمات صيفية إسلامية في الجمهوريات الإسلامية الروسية بلغت ثلاثة آلاف مخيَّم في الفترة الأخيرة، ومع ذلك فإنَّ المسلمين في عالمنا الإسلامي لا يعرفون شيئاً عنها إلاَّ من كان متابعاً بجهوده الخاصة.
إنّ كثيراً من الشباب المسلم لا يعلمون أنّ أكثر من خمسة عشر مليوناً من المكفوفين الذين فقدوا نعمة الإبصار من المسلمين في العالم يستمتعون بقراءة القرآن الكريم على طريقة برايل (باللّمس)، ولا يعلمون أنّ القرآن الكريم قد تُرجمت معانيه إلى أكثر من خَمْسٍ وعشرين لغة في العالم، وأنّ في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أربعة آلاف مسجد ومصلَّى وفي فرنسا أكثر من ألف وخمسمائة مسجد، وفي بريطانيا أكثر من ألفي مسجد ومصلَّى، وأنّ في مدينة كييف في أوكرانيا جامعة إسلامية كبيرة...
لماذا هذا التجهيل للأجيال المسلمة؟ وأين دور وسائل الإعلام ومراكز الشباب والأندية الرياضيّة والثقافية في هذه المسألة؟
إشارة:
أنا يا ملهمتي مازلتُ أحيا
شامخاً بين ركوعي وسجودي |
|