هل هي هدية من السماء؟!!
أم من صنع أيدي عملائهم؟!!
أم أن أعداء أمريكا وجدوا أن مواجهتها داخل أراضيها خير وسيلة لهزيمتها؟!!
كل هذه الأسئلة ستظل مطروحة عن أحداث 11 سبتمبر، ومع كثرة التحقيقات واللجان التي شكلت، والكتابات والأبحاث والآراء العديدة التي نشرت عن هذه الحادثة التي غيرت كثيرا من الثوابت السياسية والقيم الفكرية، والعلاقات الدولية والداخلية ليس في أمريكا وحدها، بل في كثير من الدول.
هذه الأسئلة سيجيب عنها التاريخ بعد أن تكشف حقائق ما حصل في 11 سبتمبر، وما قبل 11 سبتمبر، إلا أن ما حصل بعد 11 سبتمبر معروف وواضح.. فأحداث 11 سبتمبر جاءت معززة ومؤيدة لتيار المحافظين الجدد الذين كانوا يبحثون عن (عدو وهمي) فإذا بكارثة 11 سبتمبر توفر العدو وتجعل منه حقيقة لا يمكن نكرانها، بل أكثر من ذلك وحدت الأمريكيين وجعلتهم ينصاعون خلف أفكار المحافظين دون أي مناقشة، فالتحدي الذي أصاب أمريكا في مقتل، لأن مركز التجارة الدولي كان الرمز الذي يمثل العظمة الاقتصادية، والبنتاجون كان رمز القوة العسكرية، ومثلما كان مقرراً فإن الطائرة الثالثة التي أسقطت فوق بنسلفانيا كان مقرراً لها أن تسقط فوق البيت الأبيض الرمز السيادي لأمريكا، وهكذا فإن الأعمال الإرهابية الثلاثة كانت تحدياً وإشارة انطلاق، ودعوة لبدء الحرب... وهو ما كان ينتظره معسكر دعاة الحرب من تيار المحافظين الجدد.
وكون هدف المواجهة محددا سلفاً لهذا لم يجد منظرو هذا التيار صعوبة في توجيه آلة الحرب إلى المحطة الأولى لما سمي بحرب مكافحة الإرهاب والوجهة أفغانستان التي كانت معسكراً لتدريب (الإرهابيين الإسلاميين)، كما أطلقت عليهم أمريكا والإعلام هذا المسمى، ومع أن الحقائق والوقائع تؤكد هذه التسمية إلا أن الحملة الأمريكية التي انضم إليها فيما بعد كل حلفائها على أفغانستان، أخذت أبعاداً وتشعبات ساهمت في توسيع دائرة حرب الإرهاب، فبعد القضاء على المتهمين الرئيسيين لحوادث 11 سبتمبر الإرهابية، وما سبقها من أعمال إرهابية ضد الأهداف الأمريكية في أكثر من مكان، وهما طالبان والقاعدة لم يتروّ معسكر الحرب في واشنطن، ولم يقتنعوا بما حققوه في أفغانستان التي كان الأجدى لهم أن يواصلوا عملهم فيها حتى يجتثوا جذور الإرهاب هناك نهائياً، إلا أنهم صنعوا محطة ثانية لحرب الإرهاب، وكانت هذه المرة العراق، الذي لم يكن خياراً وحيداً للأمريكيين فقط، بل وحتى أعداء أمريكا وجدوا فيه ساحة جديدة لمواصلة المواجهة مع أمريكا، فعمل كل العراقيين على استدعاء الآخر للمناجزة والحرب وقضاء أحدهما على الآخر.
|