البوارح
تفعيل دور الوقف في الحياة المعاصرة
د.دلال بنت مخلد الحربي

كنت قد تناولت موضوع الوقف في مقالات ودراسات سابقة، وبحثت جوانب عديدة تتصل به، ومازال هذا الموضوع يشغل ذهني، ويلفت انتباهي، نظراً لما كان يحتله في الماضي في حياة الأفراد الأثرياء منهم والفقراء، والأمر الجيد أنه أصبح في وقتنا الراهن مجالاً خصبا للدراسات والأبحاث والمناقشات خاصة في المملكة ودول الخليج العربي، مما يوحي أن هناك قناعة تامة بأهميته في دعم مسار الحياة المعاصرة، وأنه الحل لكثير من المشكلات التي نعاني منها اليوم.
ولعل من أفضل التوجهات المعاصرة نحو استغلال الوقف ما أعلن عنه منذ فترة قصيرة من توجه بين وزارتي الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة الصحة إلى الاستفادة منه في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية، وهو توجه إن استثمر سيكون- بإذن الله- وسيلة من وسائل الإكثار من المستشفيات التي يحتاج إليها الناس حاجة ماسة في عصرنا الراهن، وقد تتلو ذلك خطوات أخرى للاستفادة منها في إنشاء المدارس والمعاهد المهنية والكليات والجامعات، وهو جانب كان الأسلاف قد ركزوا عليه في القديم، فانتشرت المدارس في أنحاء العالم الإسلامي معتمدة عليه، وكانت ركيزة الحضارة الإسلامية مستندة على الوقف باعتباره رافدا مهما.
وإذا ما كان قرار وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الصحة سيفعل دور الوقف الماضي فقد يكون من المناسب جداً أن يلتفت إلى الاستفادة منه في إنشاء مدارس وملاجئ للأيتام، وأماكن لإيواء العجزة الذين لايجدون اهتماماً من أسرهم، أو أولئك الذين ليست لهم أسر أو أقارب يرعونهم، وكذلك الأرامل اللاتي قست عليهن الحياة.
ومن خلال مسح سريع لما كتب ويكتب من تحقيقات عن الأربطة ومعاناة النساء في الحصول على أماكن فيها أشعر أن من الضروري أن يحظى جانب الوقف الخيري الموجه إلى هذه الشريحة البائسة باهتمام أكبر عن طريق تشييد الأربطة والإكثار منها.
إن الوقف هو حل إسلامي لمعضلات كثيرة، وتجارب السلف المتنوعة في استخدامه تدعونا إلى أن نسعى بجد إلى الاقتداء بهم، وأن نعمل على حث الأغنياء والقادرين للإنفاق على مشاريع وقفية تسهم في تنشيط روحه الداعمة للخير والموجهة إلى إصلاح المجتمع وبذر روح الإخاء والعون في عروقه.
إنني مثل غيري ننتظر أن يواكب التوجه إلى دراسات الوقف، توجه عملي نحو تفعيل دوره بما يفيد المجتمع بصفة عامة.