يبدأ يوم السبت القادم المؤتمر الأول للمثقفين السعوديين وقد دعى لهذا المؤتمر (150) مثقفا ونحن لا نعلم شيئا حول سر هذا الرقم، هل يمثل المثقفين السعوديين، أم يمثل عدد الكراسي المتوفرة، إذا كان الأول فإننا إما أن نكون أمام كارثة أو نكون أمام من ضللنا، وقال لنا إن من يمثلون النخبة، لا يزيدون عن هذا العدد، وأما إذا كان عدد الكراسي المتوفرة هو الذي فرض اختيار هذا العدد فإن أمام وزارة الثقافة والإعلام عدة بدائل لتعطي الفرصة لكافة المثقفين -وهم بالآلاف- لمتابعة هذا المؤتمر المهم، والذي يعقد في ظرف عصيب تمر به المملكة، والعالم العربي، كله بسبب أنصار الظلام والتخلف الذين يحاولون منذ زمن ما وسعهم ليس لاختطاف التعليم والثقافة فقط، ولكن لاختطاف البهجة والتسامح مثل هذا الظرف يتطلب أن يكون هناك استعداد يجند له مختصون في تنظيم المؤتمرات وفي العلاقات العامة، نقول ذلك، ونحن لا نشك لحظة في أن توجيهات معالي الوزير المثقف الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي كانت تصب في العمل على خروج هذا المؤتمر الذي تأخر عن مولده سنوات وسنوات، بأبهى حلة ليليق ليس بالمثقف السعودي فقط ولكن ببلادنا.
وإذا تجاوزنا هذه الإشكالية البسيطة والمهمة في الوقت نفسه، فإننا سنجد أن آمالنا في خروج (المؤتمر الأول للمثقفين السعوديين) بقرارات كثيرة ينتظرها مثقفو بلادنا، آمال لا حدود لها، فنحن على سبيل المثال لا الحصر، لدينا كم هائل من الأندية، التي نطلق عليها أندية أدبية، تجاوزاً ولا فإن هذه الأندية غدت مع الزمن مجرد مبان أصحابها أو رؤساؤها لا يحضرون إليها إلا في المناسبات الجليلة التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات مؤلمة، وإلا فإن النادي في الغالب، مكان يقطنه لساعات محددة السكرتير وعامل للشاي والقهوة، فأغلب الأدباء والكتاب هجروا هذه الأندية لأسباب يعرفها رؤساء هذه الأندية، ليذهب بعضهم إلى المقاهي والبعض الآخر إلى صالات الفنادق.
أما مطبوعات الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، فالقليل منها جيد، والكثير كان من الممكن توفير ما صرف عليه، وفي جميع الأحوال فإن هذه الجمعيات وهذه النوادي لها لوائح وأنظمة مكتوبة ومعروفة إلا أن أحداً لا يطبقها!
حتى المجلات التي تصدر عن هذه الأجهزة الثقافية، تصدر حسب التساهيل فقد يصدر عدد في كل عام أو كل عامين ومن المملكة أن تدفن هذه المجلات نهائياً، ولنأخذ على سبيل المثال مجلات مثل قوافل، التوباد، العقيق، وغيرها كثير، أما العضوية في هذه الأندية والجمعيات فهي مقصورة على فئة محدودة من الناس، ليس مهماً أن يكونوا من الأدباء والكتاب، المهم أن يكونوا من أهل الحظوة، وليقولوا لنا كم أديب يملك بطاقة عضوية نادي الرياض الأدبي أو نادي جدة أو المدينة أو أو..!
أما الأمر الأكثر غموضاً فهو بقاء هؤلاء الناس الطيبين على كراسيهم سنوات وسنوات، وإذا سألت أحدهم لماذا لا يترك الكرسي لغيره، قال لك بلسان الغيور الأمين على الأخلاق الحميدة والأدب الخالص: كيف أترك النادي؟ ألا يمكن أن يكون البديل سيئاً أو قد يترتب على وجوده خروج على عاداتنا وتقاليدنا!!
وهكذا يدخلون الإبداع في العادات والتقاليد، لا أحد يفكر في أن المفروض من رئيس النادي أن يكون مسؤولاً فاعلاً يحتوي الأدباء ويقربهم ويستفيد منهم ويفيدهم لا أحد يفكر إلا في الكرسي!
ولن نتحدث في هذا المقال طويلاً، فالهموم الثقافية لدينا كثيرة، ويكفي منها أن اثنين من أدبائنا كانوا من أوائل من دعوا في العام 1954م إلى تكوين اتحاد للأدباء والكتاب العرب وهما الراحلان محمد حسن عواد، وعبدالعزيز الرفاعي، ومع ذلك فقد أقيم احتفال اتحاد الأدباء العرب بمرور نصف عام على إنشائه دون أن يكون للمملكة وجود في هذا الاتحاد! رغم أننا ومنذ سنوت لم نتوقف عن المناداة بالموافقة على تأسيس اتحاد أو جمعية للأدباء والكتاب السعوديين. ونرجو أن يكون هذا المؤتمر فأل خير علينا فيصدر عنه:
1 - تفعيل الاهتمام بالمسرح بشكل علمي بدلا من هذا الاهتمام أو التخطيط البدائي الذي نراه.
2 - تأسيس فرقة للفنون الشعبية تضم كافة المختصين والهواة مع تدريس هذه الفنون في قسم الإعلام لأن في إبراز هذا الفن احتفالاً وتأصيلاً لتراثنا العريق.
3 - تأسيس قصور ثقافية في كافة المدن لتقديم الدعم والتوجيه للناشئين من الأدباء ولاكتشاف المواهب المتعددة في المسرح والموسيقى والرسم والنحت والتصوير والآثار وأن يكون في كل واحد من هذه القصور مكتبة أدبية وفنية.
4 - فتح باب التفرغ للأدباء والكتاب الذين لا تمكنهم ظروفهم المعاشية أو الوظيفية من إنجاز بحث مهم أو رواية أو مسرحية وأن يكون هذا التفرغ مرهوناً بإتمام هذا العمل.
5 - إنشاء دور للسينما تعرض فيها الأفلام التسجيلية والوثائقية والتاريخية والتثقيفية الجيدة والهادفة وبالضوابط التي لا تخرجها عن هذه الأحداث.
6 - حل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والإعلام والفنون أو إعادة تشكيلها بحيث تؤدي الدور الذي يطلبه المثقف منها لا الدور الذي تقوم به حالياً.
7 - إنشاء إدارة للنشر بوزارة الثقافة والإعلام لنشر الكتب الأدبية والفكرية بكافة أنواعها والتي قد لا تقدم على نشرها الدور الخاصة وأن يكون دورها كذلك تقديم الدعم لدور النشر الأجنبية لترجمة الأعمال الإبداعية المحلية وكذلك تذليل كافة المشاكل التي تحول دون وجود المؤلفات المحلية خارج المملكة.
8 - تشجيع من يرغب في دراسة السينما والسيناريو والحوار والمسرح من المواطنين لما ينطوي عليه هذا الفن من فوائد كثيرة أولها إخراج أفلام سينمائية عادية وتسجيلية تصور الحياة اليومية وتاريخ بلادنا بدلاً من ترك هذا الأمر لمخرجين ولكتاب لم يعيشوا في بلادنا وبالتالي لا يمتلكون القدرة على تقديم صورة صادقة عن الحياة فيها قديماً وحديثاً.
فاكس 014533173
|