ليس هذا العنوان لي، بل مختصر رسالة هاتفية تساهم بها (اتصالات) في حملة التعداد السكاني، ما الذي تغير إذن تجاه نظرتنا للتعداد؟ هل سيقول البعض: إنه ضغوط خارجية أيضا كي نستوعب أبسط مبادئ الثقافة الاجتماعي، وهي أن تعلم إلى أي رقم أو نسبة من الناس تنتمي كمواطن أو مقيم، في حين بقيت نسبة تعدادنا إلى هذه اللحظة متأرجحة وغير دقيقة، وأن أكثرنا لا يثق بالنسب لكون تضاربها يجعل المعلومة تقريبية أو نسبية؟
قرأت بالأمس أحد المقالات لكاتب ذكر أننا بلد العشرين مليونا، وكنت قد اعتمدت على تصريح رسمي لوزير العمل ذكر فيه أن نسبة العمالة تعادل النصف من السكان، وهي بلغت 8.8 ملايين فهل تجاوزت المسألة بطموحها الآن العملية الحسابية، وأن عداداً صادقاً سيجمعنا، وبعد ذلك نعترف بوجودنا أو عدمه؟
ما يبدو لنا في هذه الفترة التي تشهد حملات توعوية وإرشادية بهدف تعزيز أهمية الإحصاء السكاني أن هناك حرصاً شديداً على التغلب على ظروف أخرى غائبة وقاهرة، مثل نسبة دقيقة للعاطلين، وأخرى لمن لا يملكون مساكن، وأخرى للعجزة والأيتام، ومثلها لمطلقات وأرامل بدون مأوى، وضمان اجتماعي بدون مضمونين، وآخرين يحاولون الانضمام، الأسباب المندثرة كثيرة، وربما كان اندثارها لأسباب عدم ربطها بمسألة التعداد ذاته.
وعندما نتحدث عن موارد أو دخل عام، يجب أن تسارع فطنتنا إلى التقاط الرقم الصحيح للسكان أو المواطنين تحديداً، لكون هذا الأمر يجعل مسألة الاكتفاء واكتشاف بوادر الخلل أو الخلل نفسه هينا وواضحا.
فكرة إفهام المواطنين بقيمة وأهمية التعداد جعلت الآراء متضاربة لذبول الخلفية تجاه جدوى التعداد، عندما قام التلفزيون بحملة معقولة لأخذ آراء بعض المواطنين ومدى استعدادهم للتعاون مع رجال الإحصاء، بعضهم كان مدركا لذلك، والبعض الآخر لم يكن ملما أكثر من إظهار نفسه وإعادة كلماته المكررة التي تتناوب عليها أجيالنا كجملة (شعور أي مواطن)، كما أن آخر كان أبلغ من سواه عندما أجاب بأن التعداد عملية مهمة لكونها تجعلنا ندرك (وش حنا عليه)، وهي متفرقات ومتفاوتات يجب أن تتفق في النهاية على أنها من المهمات الأبجدية التي يجب أن تنتهي إلى موجبات أولها أن نعلم تحديداً كم بلغنا أعدادا وأرقاما وإحصاءات حتى نستطيع الإجابة أو حتى محاولة فك رموز الرسوم البيانية، وهي تتصاعد وتنخفض، تجاه ماذا؟ لا ندري.
ننتظر هذا الغد الذي نتمنى أن يكون واعداً بالفعل وليس بالأرقام.
|