أصدر مجلس الوزراء الموقر قراره بالموافقة على إعادة توجيه الإعانات في القطاع الزراعي لتشمل الإعانة المعدات والتجهيزات المنفذة على أرض المنشأة الزراعية التي لها علاقة بالعمليات الزراعية والإنتاجية والتسويقية بما في ذلك المستودعات المبردة والناقلات المبردة ومعدات الفرز والتدريج والتعبئة، وفي اعتقادي أن هذا القرار جاء في الوقت المناسب كإجراء ضروري لضبط الإعانات وتوجيهها تجاه العمليات الزراعية التي تسهم في تنشيط الاستثمار الزراعي وتحد من المعوقات التي واجهها هذا القطاع في الماضي، حيث حظي نشاط التسويق الزراعي باهتمام خاص من خلال دعم محركات التسويق بالإعانة المرتبطة بالقروض الميسرة، فإذا كان نشاط التسويق الزراعي يخضع في الوقت الحاضر لسيطرة شبه كاملة للعمالة الوافدة التي أحكمت قبضتها على مصادر الإنتاج ونوافذ التسويق، فإن استهداف معدات ومتطلبات التسويق الزراعي بالإعانة سيسهم بلاشك في دعم المستثمر الزراعي في توسيع نشاطه الاستثماري ليشمل بالإضافة إلى الإنتاج عمليات التسويق، وسيسهم في تشجيع المستثمرين الجدد للدخول في هذا المجال الذي أصبح أقل تكلفة، بعد إقرار مجلس الوزراء لهذه الإعانات، ومما يميز القرار الجديد حرصه على إقرار آلية فاعلة لتشجيع المستثمر على تسديد القروض الزراعية حيث نجد أن الإعانة لا تتحقق إلا إذا التزم المقترض بسداد القرض في المواعيد المحددة بحيث يحسم من قيمة القسط نصيبه من الإعانة المقررة لكامل القرض، وهذا يؤكد أن هنالك رابطا قويا بين الاستفادة من الاعانة على الأقساط اللاحقة وسداد الاقساط السابقة في مواعيدها المتفق عليها، وهذه الآلية لن تسهم فقط في استعادة الحق العام وتخليص ذمة المقترض، ولكنها من خلال زيادة حجم الأموال المستعادة ستدعم التوسع في عملية الإقراض وتوسيع دائرة المستفيدين الذي بدوره سيؤدي إلى تفعيل وتنشيط محركات الاستثمار في القطاع الزراعي بشكل عام، ومن مميزات هذا القرار أيضاً اتسامه بالديناميكية اللازمة لتوجيه متغيرات القطاع الزراعي تجاه المجالات التي تزيد من فاعلية هذا القطاع، وترفع من معدلات مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إذ نجد أنه - أي القرار - نص صراحة على إعطاء معالي وزير المالية ومعالي وزير الزراعة صلاحية توجيه الإعانة أو حجبها عن مجالات معينة وفقاً لمتطلبات التنمية الزراعية، وهذه الفقرة بالذات ستعطي للمسؤولين حرية أكبر ومرونة عالية في التعامل مع متغيرات القطاع الزراعي وتوجيهها إلى المجالات الأكثر إنتاجية والأكثر فاعلية في دعم التنمية الاقتصادية بشكل عام، والتنمية الزراعية بشكل خاص، ومن إيجابيات هذا القرار اهتمامه بالجمعيات الزراعية والصناعية ذات الصلة بالنشاط الزراعي بعد أن أكد على أن من حق هذه الجمعيات الاستفادة من الإعانة المقررة في المجالات المحددة الذي بدوره سينعكس إيجابياً على نشاط هذه الجمعيات، وسيزيد من جاذبيتها خاصة لصغار المزارعين الذين لا يمتلكون المقدرة المالية والمعرفة اللازمة لحماية استثماراتهم الزراعية من المنافسة الحادة في مراحل الاستثمار الزراعي المختلفة وبشكل خاص مرحلة التسويق التي تتحكم فيها العمالة الأجنبية بشكل فاضح، وأخيراً فإن زيادة جاذبية الاستثمار الزراعي ستؤدي بلاشك في توفير فرص عمل جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب الباحثين عن لقمة عيش كريمة شريطة أن نكون أكثر ذكاء من العمالة الوافدة التي ستبذل المزيد من الجهد لتحقق لنفسها فرصة الاستفادة من هذه الإعانات ولو بطريقة غير مباشرة، كما هو حالها في كل مجال من مجالات اقتصادنا الوطني.
|